فتح الله الدرسي كتب :
صمت التيار المدني في شرق ليبيا أمام
توريث المناصب العسكرية
في الوقت الذي تتسارع فيه خطوات عائلة
خليفة حفتر نحو إحكام قبضتها على المؤسسات العسكرية والأمنية في شرق ليبيا، يلتزم
ما يُسمى بالتيار المدني هناك صمتاً ثقيلاً. فالأبناء – صدام وخالد وبلقاسم – لم
يعودوا مجرد ضباط عاديين، بل تحولوا إلى أركان رئيسية في هرم القيادة، بما يشبه
مشروع توريث عائلي للجيش ومفاصل القرار.
المفارقة أن القوى المدنية، التي ترفع
شعارات الديمقراطية والدولة المدنية، تلوذ بالصمت أمام هذا التوريث. أسباب ذلك
متعددة: الخوف من آلة القمع التي لا تتردد في إقصاء أو سجن المعارضين، الانتهازية
السياسية لدى بعض النخب التي تفضل التماهي مع السلطة طلباً لمكاسب، إضافة إلى غياب
مشروع سياسي واضح أو قيادة حقيقية لهذا التيار.
لكن لهذا الصمت ثمن باهظ. فهو يضعف
مصداقية من يتحدثون باسم المدنية، ويمنح مشروعية ضمنية لمشروع حكم عسكري عائلي
يتعارض تماماً مع قيم التعددية والديمقراطية. الأسوأ أن الشارع، الذي يُفترض أن
يجد في هذا التيار بديلاً للسلطوية، يرى فيه مجرد واجهة عاجزة أو متواطئة.
إن استمرار توريث المناصب العسكرية في
ليبيا لا يهدد فقط حلم بناء دولة مدنية، بل ينذر بتكرار سيناريوهات مأساوية عاشتها
المنطقة مع الأنظمة العائلية. وصمت التيار المدني، هنا، ليس حياداً؛ بل مساهمة غير
مباشرة في تكريس الاستبداد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق