مجموعة حلقات
(دليل المواطن لفهم السياسة). تحاول هذه السلسلة تسهيل المصطلحات السياسية إلي المواطن العربي
الحلقة الأولى: إعرف يعنى ايه السلطات الثلاثة
الحلقة الثانية : يعنى ايه حكومة تكنوقراط - وهي ايه أنواع الحكومات ...واعرف الحكومة قبل الثورة كان نوعها اي
الحلقة الثالثة :ايه هي أنظمة الحكم _ النظام الرئاسى
الحلقة الرابعة:ايه هي أنظمة الحكم _ النظام البرلمانى_النظام المختلط
الحلقة الخامسة دمفس: النظام الفردى,القائمة النسبية
الفرق بين النظام الرئاسي و النظام البرلماني ...
اليمين واليسار..
السابعة عن الدولة المدنية.
أنزل الله سبحانه وتعالى رسالة الإسلام ، وجعلها تقوم على عقيدة التوحيد ، عقيدة لا إله إلا الله محمد رسول الله .
ردحذفوهي رسالة عامة شاملة للبشرية جمعاء ، تنظم شؤون الحيـاة كلها ، وعلاقاتها بما قبلها وما بعدها ، وتعالج مشاكل الإنسان من حيث هو إنسان ، وتنظم علاقاته مع خالقه ، ومع نفسه ، ومع غيره من بني البشر ، في كل زمان ومكان .
فعالجت علاقة الله الخالق بالكون والإنسان والحياة من ناحية الخلق والتدبير ، والإحياء والإماتة ، والهدى والضـلال ، والرزق والنصر ، وغيرها مما اتصف الله تعالى به من صفات القدرة والإحكام والتدبير ، والتصرف والعلم المحيط بجميع الكائنات ، والإرادة المتعلقة بجميع الممكنات .
كما عالجت علاقة الإنسان والحياة بالله الخالق بوجوب إفراده بالعبودية والتشريع ، وعدم إشراك غيره من المخلوقات معه في شيء من ذلك ، ووجوب عبادته بما شرع لعباده أن يعبدوه به ، ووجوب الالتزام بأوامره ، والابتعاد عن نواهيه ، ووجوب إفراد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بالاتباع له ، والأخذ عنه ، وعدم الاتباع لغيره ، أو الأخذ عن سواه من البشر .
وقد جاءت بأفكار معينة محددة ، أوجدت بها حضارة متميزة ، حددت بها مجموع المفاهيم عن الحياة ، وبلورت بها أذواق معتنقيها وفق تلك الحضارة ، وجعلت لها وجهة نظر معينة في الحياة ، هي الحلال والحرام ، وطريقة معينة في العيش ، وأقامت بها مجتمعاً مُتمَيِّزاً في أفكاره ومشاعره وأنظمته وشخصيات أفراده .
كما جاءت بتشريع كامل يعالج العلاقات في الدولة والمجتمع ، سواء في الحكم ، أو الاقتصاد أو الاجتماع أو التعليم ، أو السياسة داخلية أو خارجية ، وسواء أكانت تلك العلاقات تتعلق بالعلاقات العامة بين الدولة وأفراد رعاياها ، أم بين الدولة وغيرها من الدول والأمم والشعوب ، في حالتي السلم والحرب ، أم كانت تتعلق بالعلاقات الخاصة بين أفراد المجتمع بعضهم مع بعض .
فكانت بذلك نظاماً كاملاً شاملاً للحياة الإنسانية كلها ، أوجبت على المسلمين تطبيقه وتنفيذه كاملاً ، في دولة حددت لها شكلاً معيَّناً يتمثل بنظام الخلافة .
الحكم في الإسلام
ردحذفالحكم في اللغة هو القضاء ، والحاكم منفذ الحكم . وفي الاصطلاح فإن الحكم والملك والسلطان بمعنى واحد ، وهو السلطة التي تنفذ الأحكام ، أو هو عمل الإمارة التي أوجبها الشرع على المسلمين ، وعمل الإمارة هذا هو السلطة التي تسـتعمل لدفع التظالم ، وفصل التخاصم ، أو بعبارة أخرى ، الحكم هو ولاية الأمر الواردة في قوله تعالى : { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } وفي قوله تعالى : { ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم } . وهو مباشرة رعاية الشؤون بالفعل .
والإسلام باعتباره مبدءاً للدولة والمجتمع والحياة جعل الدولة والحكم جزءاً منه ، وأمر المسلمين بأن يقيموا الدولة والحكم ، وأن يحكموا بأحكام الإسلام . وقد نزلت عشرات الآيات في القرآن الكريم في الحكم والسلطان تأمر المسلمين بالحكم بما أنزل الله . قال الله تعالى : { فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عمّا جاءك من الحق } وقال : { وان احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليــك } وقــال : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هو الكافرون } وقال : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون } وقال : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون } وقال : { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكِّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً } ، وقال : { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } وقال : { وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل } . وغيرها من عشرات الآيات المتعلقة بالحكم من حيث هو حكم وسلطان ، وهناك الآيات الكثيرة الدالة على تفصيلات حوادث الحكم . فهناك آيات التشريع الحربي ، والتشريع السياسي ، والتشريع الجنائي ، والتشريع الاجتماعي ، والتشريع المدني وغير ذلك من التشريعات . قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكـم من الكفار وليجدوا فـيكم غلظة } وقال : { فإمّا تثقفنّهم في الحرب فشرّد بهم مَن خلفهم لعلهم يذّكَّرون * وإما تَخَافنَّ من قوم خيانة فانبذ إليهم عــلى سواء } . وقال : { وإن جنحوا للسَلْم فاجنح لها وتوكل على الله } وقال : { يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود } وقال : { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون } وقال : { ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب } . وقال { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله } وقال : { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } وقال : { ليفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله } وقال : { خذ مِن أموالهم صدقة تطهرهم } .
وهكذا نجد الخطوط العريضة للتشريع المدني ، والعسكري ، والجنائي ، والسياسي ، وللمعاملات واضحة في مئات الآيات ، فضلاً عن الكثرة الوافرة من الأحاديث الصحيحة . وكلها أُنزلت للحكم بها ولتطبيقها وتنفيذها . وقد طُبقت بالفعل في الواقع العملي أيام الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأيام الخلفاء الراشدين ، ومن أتى بعدهم من حكام المسلمين . مما يدلا دلالة واضحة على أن الإسلام نظام للحكم والدولة ، وللمجتمع والحياة ، وللأمة والأفراد . كما يدل على أن الدولة لا تملك الحكم إلا إذا كانت تسير وفق نـظام الإسلام . ولا يكون للإسلام وجود إلا إذا كان حياً في دولة تُنفذ أحكامه ، فالإسلام دين ومبدأ والحكم والدولة جزء منه ، والدولة هي الطريقة الشرعية الوحيدة التي وضعها الإسلام لتطبيق أحكامه وتنفيذها في الحياة العامة . ولا يوجد الإسلام وجوداً حياً إلا إذا كانت له دولـة تطبقه في جميع الأحوال . وهي دولة سيـاسية بشرية ، وليست دولة إلهية روحية ، وليس لها قَداسة ، ولا لرئيسها صفة العصمة .
ونظام الحكم في الإسلام هو النظام الذي يبيّن شكل الدولة وصفتها ، وقواعدها وأركانها وأجهزتها ، والأساس الذي تـقوم عليه ، والأفكار والمفاهيم والمقاييس التي ترعى الشؤون بمقتضاها . والدستور والقوانين التي تطبقها .
وهو نظام خاص متميّز ، لدولة خاصة متميزة ، يختلف عن جميع أنظمة الحكم الموجودة في العالم اختلافاً كلياَّ ، سواء في الأساس الذي تقوم عليه هذه الأنظمة ، أو في الأفكار والمفاهيم والمقاييس التي تُرعى الشؤون بمقتضاها ، أو في الأشكال التي تتمثل بها ، أو الدساتير والقوانين التي تطبقها .