السبت، 28 ديسمبر 2024

سليمان دوغة : من قصف صحيفة (ليبيا اليوم)؟



 


من قصف صحيفة (ليبيا اليوم)؟
سليمان دوغة- خاص ليبيا اليوم
الثلاثاء 28 فبراير 2006



سؤال وجهه لنا أكثر من صديق.. وكاتب.. وهو ذات السؤال الذي سألناه نحن أيضا لأنفسنا.. من قصف صحيفتنا "المسالمة" التي لم تنتهج في يوم من الأيام سياسة "القصف" ضد أي جهة.. وإن أقصى ما كانت تقوم به هو محاولة رفع واقع (ليبيا اليوم) كما هو.. بدون أي طلاء أو دهان..

ربما كان ذنبنا الأول والأخير أننا حاولنا - قدر المستطاع - كشف الحقيقة.. الحقيقة لا غير.. ولكننا لم نستعمل في يوم من الأيام أي سلاح من أسلحة "القصف" لأننا كنا مدركين أن مهنتنا الشريفة تحتم علينا استعمال وسائل نظيفة.. كلها عبارة عن: أجهزة كمبيوتر.. مفاتيح للطباعة.. فأرة.. أقلام وأوراق.. وكاميرات تصوير.


ربما كانت الحقيقة "مرة" ولم تعد جهات قادرة على تحملها.. فأعطت أوامرها بقصفنا.. وربما كانت أراء بعض كتابنا "زادت عن الحد المطلوب" وأزعجت أعين الرقيب الذي لم يرق له كثيرا مزاج صحيفتنا.. فتضرع لله في ليلة مستجابة بأن ينسفنا بقذيفة "هاون" لا تبقي ولا تذر.. فكان له ما أراد!!. وربما دفعنا ضريبة تغطيتنا المكثفة لجريمة القتل التي وقعت في بنغازي.. والتي أدانها الجميع!!.

 

ولكن السؤال يظل: من قصف ليبيا اليوم إذا؟.. إنني لا أملك إجابة محددة عزيزي السائل.. كل ما أملكه من جواب هو أن من قصفنا.. هو نفسه من فكر في قصف قناة الجزيرة.. وهو نفسه من اعتقل تيسير علوني.. وسامي الحاج.. واغتال سمير القصير.. وخطف ضيف الغزال ونكل بجثته.. وزهق أرواح أكثر من 80 صحافيا في العراق..

إنه هو من غدر بآخر ضحايا الحقيقة "أطوار بهجت".. تلك العراقية التي طالما تمنت رؤية وطنها حرا عزيزا موحدا بسنته وشيعته.

 

إنهم أعداء الحقيقة في كل زمان ومكان.. وأعداء الكلمة الطيبة.. وأعداء حرية الصحافة وحرية الكلمة والتعبير.. وعشاق المشارط والمقصات.. وأصدقاء "الهاكرز والقرصنة".. وتكتيم الأفواه وتكسير الأقلام.. وغلق الصحف ومصادرة الجرائد.

 

(ليبيا اليوم).. لم تقصف أحدا ولم تسب أحدا ولم تشتم أحدا.. سلاحنا الأول والأخير هو كلماتنا التي يبدو أن البعض ضاق بها ذرعا.. ورأس مالنا هي قيم مهنتنا التي أزعجتهم.. وأخبارنا التي كنا ننقلها بكل نزاهة وحيادية.. وتقاريرنا التي كشفت واقعا مؤسفا.. فهل كنا مذنبين عندما غطينا بكثافة أخبار "أطفالنا المحقونين".. هل كنا مذنبين عندما غطينا قصة المرتبات في أسواق بنغازي.. وهل كنا مذنبين عندما تحدثنا عن أوضاع صحافتنا المخجلة.. وهل كنا مذنبين عندما تناولنا ملفات الفقر في بلد يختزن كما هائلا من البترول مثل حبة برتقال ممتلئة!!.

 

إننا نعي جيدا ماذا تعني قدسية الصحافة.. ورسالتها ودورها في نهضة الأمم وتقدم الدول وتوعية الشعوب.. ولأننا ندرك تماما أن الصحافة ليست مهنة "لعق الصوابع" ولا "مسح الأحذية".. وأن الصحافي أفضل له أن يحمل حطبا ويبيعه في الأسواق من أن يأكل ويطعم أولاده من صحافة "قذرة".. تزين الباطل وتطمس الحق.. وتقول للمسيء أحسنت.. وللمفسد أصبت.. وتخرس وقت حاجة الناس إليها.. وتنطق "كفرا" إذا انفض الحدث.. لأننا لسنا شيئا من ذلك ربما كان علينا أن ندفع ضريبة الحقيقة.. مثلما دفعها مَن قبلنا.

 

لقد حاولنا خلال عام ونصف من العمل اليومي رفع واقع بلادنا ورسم ملامحه من غير مبالغة ولا تهويل.. وحاولنا كثيرا أن نستقي الخبر من مصدره الرسمي الذي كان يستجيب لنا تارة ويرفض في أحايين كثيرة.. وكنا سباقين للتصحيح وحتى الاعتذار إذا قصرنا في البحث عن الحقيقة.. لم نهتم كثيرا بما يقوله الناس عنا لأننا نعي جيدا أن "إرضاء الناس غاية لا تدرك" وأن الذي لا يعمل هو الذي لا يخطئ وأن مهنتنا هذه "مهنة المتاعب" وأن جهدنا "جهد المقل" .. وأن كل ما علينا هو أن نقوم بمهمتنا.

 

عام ونصف والصحيفة تنقل عن الجميع وتأخذ من الجميع في داخل الوطن، ولم تكن حكرا لجهة على حساب أخرى، لأننا لسنا "إعلاما مؤدلجا" ولا "صحيفة موجهة"، حتى نستبعد طرفا ونقرب آخر.. هكذا كنا نفهم رسالة الإعلام.. ومبادئ العمل الصحافي، وربما هذا ما جعل كثيرا من الأقلام التي نعتز بوجودها في كوكبة كتابنا.. يختاروننا من بين وسائط الإعلام المختلفة.

 

 وهنا لا يسعني أنا وزملائي جميعا إلا أن نعد قراء وكتاب وجمهور الصحيفة الذي ظل وفيا.. ولم ينقطع عن زيارتنا حتى عندما كانت الصحيفة "تحت القصف".. ومنحنا شرف الترتيب الأول على مستوى المواقع الليبية المستقلة.. أن نحافظ على دربنا الذي قطعناه معا ولن نتخلى عن أدائنا المهني.. ولا عن رسالتنا في الدعوة إلى "الإصلاح".. ولن نكف عن نشر قضايا وهموم الوطن حتى يكف الهم عنه.

 

وكلمة حق لا بد أن نسجلها في هذا المقام.. إننا لم نتلق طوال العام والنصف.. إدارة الصحيفة ولا مراسليها أي نوع من أنواع التهديد أو التخويف العلني ولا السري.. اللهم إلا بعض "التحرشات" التي لا تزال تنضح من إناء بعض "الديناصورات" المنقرضة عما قريب.. كما إن بعض المواقع الليبية الحكومية تعاملت معنا بكل مهنية، واستشهدت بتقاريرنا بشكل مباشر، وفي أكثر من مناسبة.. لترسخ بذلك روح الصحافة الحقيقية التي نتمناها أن تسود أجواء بلادنا، وإن هناك من بادر من المسؤولين مشكورا لدفع نوايا سيئة طالما بيتها البعض.. وهذا موقف نبيل نقدره.

 

وللذين اختلفوا معنا وقصفونا "ورفسونا" عندما قرروا وضع صورة "أقبح الأصوات" على صدر الصحيفة بعد اختراقها لابد من كلمات قليلة لهم: لا تحاربونا بالقرصنة والهراوات والقصف والرفس.. والتكتيم.. وتعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم: "خدمة الوطن وحب ليبيا"، ولتكن وسائلكم في إسكاتنا شرعية وسلمية.. تحكمها أخلاق المهنة ومواثيق الشرف الصحفي.. وجادلونا بالتي هي أحسن.. فنحن لا نملك مدفعا ولا صاروخا نقاتلكم به.. ورأس مالنا هذه الكلمات التي نطلقها في فضاء خرج عن سيطرتكم ومجال لم تعودوا قادرين على التحكم فيه.. وإن كنتم قادرين على تخريبه لبعض الوقت.. ريثما يعود الأمر كما كان.. بعزيمة أشد وإصرار أكبر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفنان الليبي "محمد نجـــم" فى حوار خاص : أنا المطرب الوحيد الذى لم يغنّ الإ لترابــــ الوطــــــن.

  الفنان "محمد نجـــم" فى حوار خاص مع صحيفة ليبيـا اليـوم حوار وتصوير:خالــد المهيــر الاربعاء 26 اكتوبر 2005       نجم لـ (ليبيا ...