حتى لاتتكرر المأساة حادثة قتل الزميل الصحفي ضيف الغزال لم يقشعر لها بدن النخب والكتاب الليبيين الذين صدمهم مشهد القتل الشنيع فحسب!! وإنما اهتز لها العالم بأسره من منظمات إنسانية وصحفيين وكتاب، ولم يتوقع الذين قتلوا ضيف الغزال ورموا جثته في "قنفودة" أنهم سوف يطالهم الاعلام ويتم التشهير بفضيحتهم ولن يسكت زملاء مهنته في كل مكان حتى يتم الاقتصاص العادل منهم.
ربما هوية القتلة ونحن هنا لانريد أن نستبق التحقيقات كانت صريحة لمن عرف الغزال أو حتى بلغه نبأ قطع الأصابع التي كان الشهيد ضيف الغزال يدون بها قوله: "أخي ابن الوطن الأصيل أعلم أنه ومع كل هذا وغير هذا يسرني جداً الاستمرار في تسليط الأضواء على مكامن الداء والأعداء حتى وإن هدمت بيوت عائلتي مليشيات مغبونة.." ويعلن بها في وضوح : "إنني أحد الذين تعرضوا لانتهاكات اشتملت التحقيق والمقاضاة كان سببها الرئيسي مقالاتي وتحقيقاتي الصحفية، التي أجريتها حول كل مايسيء إلي بني مجتمعي، من سلوكيات وممارسات خاطئة، أرهقت الكادح المعدوم دون غيره وقد تجاوزتها بحقائقي التي أكدتها المستندات الدالة." بل إن القاتل يكاد يقول خذوني ونحن نقرأ للغزال عبارته التالية" لك أن تعى جيداً أن جل مصائبى جاءت نتاج رأيي الصريح لأجلك دائماً. بل كثيراً مارأيت فيه حتفى لامحال. ومع ذلك أؤكد لك وبقوة أنه لشرف عظيم أن أكفن أو أسجن أو أقهر أو تشوه مكارم جذورى وصفاتى الحميدة المتباهى بها دائماً كل ماصادفت القادمين من العدم الكلي بشارع (عبد المنعم رياض)..!!؟؟ " هذا هو الغزال الذي كان يوقع في خاتمة مقالاته بعبارته المشهورة (( ولي عودة إن سلمت ))!! وسلم الغزال فعلا مدة ثلاثة مقالات بالتحديد ليتم خطفه وقتله بعد شهر من ((مَنْ مِنَّا الخائنُ والجبانُ ؟)).. القتلة أرادوا أن يذكروا الجميع وعلى رأسهم أصحاب مهنة المتاعب والكتاب الوطنيين بأن الكيّ هو آخر العلاج..!! المشهد الثقافي الليبي وإن بدا صامتا فلا يمكن أن يعبر عن لسانهم بيان هزيل أصدره "موظف" يعمل في (نقابة الصحفيين الليبيين) سكت دهرا على اختطاف الغزال ونطق بعد فوات الآوان ... وياليته لم ينطق بل ذهب يتوعد زملاءه الصحفيين الذين نشروا الخبر بالمساءلة ناسيا بأن مهمته صحفي وليس محقق.!! وربما يكون ممن كتب الغزال فيهم يوما فقال: " ربما جل رؤساء ومديري تحرير الصحف والمجلات الموجهة قصراً والمحلية أبدا. يتلقون التعليمات والمنشورات والتعميمات العاجلة الحازمة التى تحضر التعامل مع (قلمي الحر) فى أبشع محاولة لقمع وتغييب حيثيات حقائق يندى لها جبين (هتلر) ..!!؟؟" الدولة الليبية أمام معضلة حقيقية اليوم فعلى الرغم من أن الجميع يترقب ما ستسفر عنه نتائج التحقيقات إلا أن حادثة ضيف الغزال فرضت أسئلة حيوية ينبغي أن تناقش بصوت عال : كيف يمكن أن تضمن الدولة عدم تكرار المأساة مستقبلا ؟؟ كيف يمكن أن تحفظ الصحفيين والاعلاميين والكتاب من تهور وحماقات الاستئصاليين؟ كيف يمكن أن تضمن سلامتهم وتحميهم ممن لايكترث بأمن الأفراد واستقرار الدولة ؟؟ كيف يمكن أن تضع حدا للذين باتوا يعبثون بأرواح المواطنين ويدفعون بالبلد للهاوية وليس لهم من هدف سوى حماية مصالحهم وإن تستروا بشعارات "حماية الثورة". العقال اليوم داخل القيادة الليبية وخارجها مطالبون بأن يقفوا وقفة حقيقية في وجه دعاة العنف والارهاب والاستئصال داخل مؤسسات الدولة السياسية، أن يقفوا في وجه الذين كلما علا صوت المثقفين بضرورة حرية الصحافة والتعبير والرأي وتحسين حقوق الانسان تحسسوا مسدساتهم وتوعدوا خصمهم بالصمت أو الموت على طريقتهم. الذين بات واضحا بأنه ليس من مهمتهم الحفاظ على ما تحقق من مكاسب على الصعيد المحلي والدولي بقدر الحفاظ على مكاسبهم الشخصية. إن جريمة قتل ضيف ليست أمراً عاديا حتى يتم السكوت عنه إلى حين إشعار آخر كما تطالبنا نقابة الصحفيين!!.. إنها جريمة مقتل صحفي أعزل طالب بتنظيم حملة ضد الفساد والمفسدين (جمعية أهلية لمكافحة الفساد) وعبر نظم وأطر الدولة وليس خارجا عنها؟ إننا أمام مرحلة دقيقة تحتاج منا جميعا بأن نكون يدا واحدة في وجه الارهاب والعنف الذي يمارس على الكتاب والمثقفين من أجل ليبيا وطن الجميع. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق