السبت، 12 نوفمبر 2016

أحمد خليفة : خليفة حفتر.. من الفشل إلى السيطرة الوهمية على مدينة بنغازي





في الخامس عشر من أيار/ مايو من العام 2014، أطلق اللواء المتقاعد خليفة حفتر عمليته العسكرية التي سماها "الكرامة لمكافحة الإرهاب"، حيث شنت طائرات حربية تابعة له غارات على معسكرات لثوار بنغازي، من أبرزها معسكرا كتيبتي 17 فبراير و راف الله السحاتي.

وقد أقلعت هذه الطائرات الحربية من قاعدة بنينا الجوية الواقعة جنوب شرق بنغازي، وهي قاعدة سيطر عليها حفتر وفق اتفاق مع صديقه القديم الذي كان قائدا لهذه القاعدة، وهو اللواء أحمد المسماري الذي اغتيل لاحقا في بنغازي في العام 2014.

وخلال القصف الجوي، شن عشرات من العسكريين والمدنيين المسلحين الموالين لحفتر؛ هجوما بريا على مواقع ومعسكرات لثوار بنغازي للسيطرة عليها، لكنهم فشلوا في ذلك، وقتل وأصيب منهم عدد كبير، وتراجع بقيتهم إلى مواقعهم ومعسكراتهم في ضاحيتين من ضواحي بنغازي، وهما بنينا والرجمة، وهما منطقتان شهدتا بواكير تشكيل خليفة حفتر لقواته في أيار/ مايو من العام 2014.

بعد الرابع عشر من أيار/ مايو وحتى تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2014، شهدت بنغازي أعمالا عسكرية بشكل منتظم، تمثلت في اندلاع الاشتباكات بين قوات حفتر وثوار بنغازي الذين نظموا أنفسهم بعد ذلك وشكلوا ما بات يعرف لاحقا بمجلس شورى ثوار بنغازي. وقد تركزت هذه الأعمال العسكرية في منطقة بنينا التي كاد مجلس الثوار أن يسيطر عليها، في الوقت الذي كانت تشهد فيه سماء بنغازي تحليقا مستمرا للطائرات الحربية التابعة لقوات حفتر.

وفي الخامس عشر من تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2014، استطاع اللواء المتقاعد خليفة حفتر، يسانده وقتها جهاز الأمن الداخلي للنظام السابق في ليبيا الذي يوجد حاليا بكافة قياداته في المنطقة الشرقية من ليبيا، نقل المعركة من أطراف بنغازي إلى داخلها عبر سيطرة مدنيين مسلحين موالين له يدعمهم عسكريون على معظم أحياء مدينة بنغازي، حيث قام هؤلاء المسلحون بإغلاق الأحياء السكنية بالمتاريس وانتشروا بسلاحهم داخلها، تهيئة لها لما اشتهر في بنغازي حينها بـ"نزول الجيش إلى بنغازي"، وهو نزول قوات حفتر من مرتفعات الرجمة وبنينا إلى أحياء ومناطق بنغازي الداخلية للسيطرة عليها.

كان تاريخ الخامس عشر من تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2014 إيذانا باندلاع حرب الشوارع في بنغازي، وهي حرب ما زالت مستمرة حتى الآن، وسط دعم إقليمي ودولي لقوات حفتر، لا سيما الدعم الذي تقدمه الحكومتان المصرية والإماراتية، إضافة إلى تقديم فرنسا دعمها اللوجستي والعسكري كذلك لقوات حفتر.

أما في النصف الثاني من شباط/ فبراير من العام الحالي، فقد سيطرت قوات حفتر العسكرية والمدنيون المسلحون التابعون لها على منطقة الليثي جنوب بنغازي، حيث تعتبر هذه المنطقة من ضمن  أكبر مناطق بنغازي مساحة، وكان يسيطر عليها مسلحون من تنظيم الدولة؛ انسحبوا منها فجأة بعد تمكن قوات حفتر من الوصول إلى خط الإمداد لهذه المنطقة وقطعه، وهو خط إمداد يبدأ من منطقة الهواري جنوب غرب بنغازي.

وفي أواخر شباط/ فبراير من العام نفسه؛ استطاعت قوات حفتر السيطرة على أحياء ومناطق سكنية غرب بنغازي، مثل منطقة قاريونس شمال بنغازي ومنطقة الهواري في غربها، وأجزاء من منطقتي القوارشة وقنفودة بشمال وشمال غرب بنغازي كذلك، وهي مناطق كان يتمركز فيها مقاتلون تابعون لمجلس شورى ثوار بنغازي؛ انسحبوا منها تحت ضراوة الهجوم الذي شنته قوات حفتر التي كانت مدعومة بطائرات أجنبية دون طيار.

وتقع جامعة بنغازي في منطقة قاريونس، وقد دمرت تماما جراء وقوعها في منطقة اشتباكات لحوالي العامين، فيما ما تزال مناطق غرب بنغازي تشهد اشتباكات مسلحة وقصفا جويا ومدفعيا مستمرا ولم يتوقف حتى الآن، حيث توجد نقاط ومواقع عسكرية موزعة على المحور الغربي لبنغازي تابعة لمجلس شورى ثوار المدينة.

وبالنظر إلى الخارطة العامة لبنغازي، فإن خليفة حفتر لا يسيطر على بنغازي، خلافا لما تروجه وسائل إعلامية محلية ودولية تواليه، في مقابل أن مجلس شورى ثوار بنغازي يسيطر حاليا على كافة أحياء ومناطق شمال المدينة، وهي مناطق وأحياء كبيرة ومطلة تماما على شاطئ البحر، وفشل المقاتلون التابعون لقوات حفتر، العسكريون منهم والمدنيون المسلحون، في السيطرة عليها رغم محاولتها بدء من 15/10/2016 وحتى الآن.

وتوجد في هذه المناطق والأحياء بشمال بنغازي، وكذلك في غربها، نقاط عسكرية ومواقع محدودة تابعة لتنظيم الدولة، حيث تؤكد المصادر أن عدد مسلحي التنظيم في بنغازي لا يتجاوز الستين مسلحا، معظمهم ليبيون، مقاتلين وقيادة.

بقية أحياء بنغازي، سواء بوسط المدينة أو جنوبها، يعيش سكانها حياة طبيعية ولا يفكرون سوى في سد رمقهم اليومي وإطعام أبنائهم. ومن المؤكد أن حفتر لا يسيطر على هذه المناطق عسكريا بتمركز قواته فيها على سبيل المثال، بل إنه كان يحظى بتأييد كبير فيها، وهذا التأييد تراجع بشكل كبير مؤخرا جراء تردي الأوضاع المعيشية بالمدينة، ووجود عشرات الآلاف من الأسر النازحة من بيوتها في المناطق التي ما زالت تشهد استمرار الأعمال العسكرية داخلها، قصفا جويا ومدفعيا لم يتوقف، علاوة على تجول سيارات عسكرية يستقلها مسلحون موالون لحفتر وسط هذه المناطق التي شهدت في الأسابيع الأخرى أعمال مداهمة لبعض البيوت واعتقالات نفذتها أجهزة أمنية موالية لحفتر؛ قالت إن هناك خلايا نائمة موالية لمجلس شورى ثوار بنغازي تختبئ وسط السكان بهذه المناطق.

عربي21

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق