الاثنين، 19 أكتوبر 2015

عمر مفتاح السلاك : معركة جليانة 19 اكتوبر 1911

انتشر الخبر كالهشيم في المدينة الاسطول الايطالي على مشارف المدينة اسطول قوة عظمىي يريد ان ينقض على هذه المدينة الوادعة المسالمة التي يتنوع اهلها بين من يمتهن تجميع الملح من ملاحات المدينة و التجارة او الموالة و الفلاحة او التعليم و تحفيظ القران و بعضهم في مهنة صيد الاسماك (حواته) و البعض الاخر الزراعة الموسمية في اطراف المدينة,  الاعيان و رؤسا القبائل و ائمة المساحد يجتمعون في بيت الشيخ سليمان امنينة بشارع قصر حمد بالقرب من جامع السنوسية,  لكي يقرروا موقفهم من العدوا الصائل الذي حل بمدينتهم الهانيه, و على الرغم من توقيع اتفاق اوشي يوم 15-10-1911 الا انه تم الاتفاق مع القادة الاتراك وأهل البلد على المقاومة وعدم الاستسلام وتم بالاجماع تفويض القائد العثماني للتصرف في النواحي العسكرية والاستراتيجية وهكذا تم رفض الأنذار الايطالي الصادر عن الجنرال (اوبري) قائد الاسطول بالاستسلام فبدأت على اثر ذلك البوارج الحربية الايطالية تقصف المدينة) . . . المنتدى العربي للدفاع و التسليح


لم يخطر ببالهم انه يوجد من يطمع في هذه المدينة الفقيرة الصغيرة الوادعة و يجيش لها الجيوش و العتاد و عزم على سفك الدما فيها و تخريبها, لكن هذه المدينة قد تعلمت عبر التاريخ انه هناك خلف الافق و الغيوم يوجد دائما المغامرين و الطامعين و الغافلين. و تعلمت ايضا انهم مندحرون دائما مهزومون دائما يغادرون بنغازي و هم يجرون اذيال الخيبة و الهزيمة و العار.
و مع ذلك لم تنم مدينة بنغازي مبكرا كالعادة بل سهرة مع قادتها و اعيانها لتقرر معهم ان لا موضع قدم لعدوا صائل يسلب الارض و يهتك العرض و يسرق المال, و مع اذان فجر 19 اكتوبر 1911 كانت الاستعدادات على قدم و ساق كل حسب جهده و امكانيته و كان الفرسان يمتطون الخيل لملاقات العدوا, هذا من اهل المدينة و سكانها, و من خارجها فقد التحق باهل بنغازي قبائل برقة المحيطة بالمدينة حيث جسدة هذه الوقفة العلاقة الطيبة و التي عبر عنها الجميع بامتزاج الدماء دفاع عن الاوطان( حدثنا الشيخ محمد التائب في خطبة الجمعة 19-10-2012 و ذلك في احتفالية في ساحة التحرير اقامها المجلس المحلي بنغازي انه استشهد في ذلك اليوم فقط من عيت ابراهيم لوحدهم مائة شهيد).
كانت هذه اولى المعارك الطاحنة في مواجهة هذا العدو الصائل المدجج باعتى الاسلحة استمرت المعركة لمدة يومين ( على الرغم من انعدام تحصيناتها و ضعف امكانيات المجاهدين من سكانها و من القري و النواجع و المدن المحيطة بها ) لم تستسلم المدينة و لم تثبت للعدوا قدم جندي واحد على الارض و تكبدت قواته خسائر فادحة.
حاول الايطاليين ان يتحكموا في مساحة على الارض ليكملوا فيها الانزال و لكن بسالة و بطولة المجاهدين حال دون ذلكو منعوهم من ذلك, فما كان منهم الا ان سحبوا قواتهم التي حاولت السيطرة على الارض فلم تستطيع و قاموا بتوجيه مدافعهم نحزا المدينة الامنة في قصف عشوائي طوال الليل و النهار حيث المدنين العزل اطفال و نساء و عجزة هم في بيوتهم خارج المعركة و لم يكونوا هولا الاطفال و النسا و العجزة من حملة السلاح و لا من المقاتلين ( طال القصف القنصلية الانجليزية و كاد ان يودي بحياة القنصل فيها ) , في خطوة جبانة تعتبرمن جرائم الحرب  فما كان من المجاهدين امام هذا الخطر الجديد الذي يهدف به العدوا الصائل الى هدم المدينة و اجلا سكان حتى يتسنى له السيطرة عليها الا ان يجتمعوا من حديد و قرروا الاستسلام امام هذه العملية الجبانة.
و بذلك توقفت معركة جليانة ( و استمر الجهاد خارج مدينة بنغازي -اللثامة و قريونس و الهواري-, و كان الدعم من داخل المدينة يذهب للمجاهدين رغم احتلالها بطرق شتي حتى ان من الداعمين للمجاهدين من قبض عليه و حوكم و سجن في الجزر الايطالية)   ليسجل التاريخ ملحمة بطولية رغم قلة عدد المجاهدين المدافعين عن المدينة و رغم قلة الامكانيات العسكرية و الخبرة و التدريب, و على الرغم من الاستعدادات الهائلة التي اتى بها الطليان و الاعداد الهائلة من الجنود.
قلت توقفت معركة جليانة بتسجيل ملحمة ستخلدها الاجيال لتبدا معركة اخري و بطرق و اساليب اخري تمتد حتى سنة 1932 حيث تم القبض على شيخ المجاهدين عمر المختار ليقتل ظلما و شتقا في مدينةسلوق.
خرج من المدينة من يستطيع حمل السلاح و تسمح له امكانيته لينظم الى المجاهدين الذين بداو في تجميع و تنظيم صفوفهم لتبدا معركة لتبدا معركة تمتد على طول التراب الليبي و عرضه سطر الليبيون احرفها من ارواح و مهج و انفس و بذلوا فيها الغالي و الرخيص.
موقف لاحدى النسا البنغازيات ذكره السيد وهبي البوري في احدى كتبه:
انه كان لهذه المراة الماجدة من نساء بنغازي اربعة من الابنا فنادتهم جميعا فلما حضورا لها قامت بتسليحهم و قالت لثلاثة منهم بعد ان اعطتهم السلاح و العتاد انتم اذهبو مع الرجال للمعركة- قال وهيبي البوري . . . و لم ترى احد منهم بعد ذلك اليوم- و قالت للرابع و هو والد وهبي البوري, و انت ابقى معي لترعاني و ترعى اخواتك

موقف الدولة العثمانية من الغزو الايطالي:
موقف غير مرضي لما يجب ان يكون عليه موقف دولة مثل تركيا من حيث العلاقة التاريخية و الاسلامية, حيث تجاذبا هذا الموقف كل من حكومة السلطان عبد الحميد و حكومة جمعية تركيا الفتاة العلمانية.
يقول مؤلف كتاب ( السنوسية دعوة و دولة) الدكتور محمد فؤاك شكري سنة 1948 في صفحة 120:
" كانت حكومة السلطان عبد الحميد تدرك تماما خطورة المطامع الايطالية في طرابلس و عملت جادة من مدة على اتخاذ الاهبة لرد اي اعتدا على الولاية"
و يضبف الدكتور محمد فؤاد:
" الا ان حمعية تركيا الفتاة التي استاثرت بالسلطة بعد فوز الثورة 1908 كانت تغفل عمدا شئون الولاية, و يسرحوا في صحيفتهم طنين انهم لن يريقوا الدما من اجل طرابلس و ان طرابل لا تفيد اقتصاديا"
و برز هذا الامر في حكومة حقي باشا احد رجالات الاتحاد و الترقي, و كما يقول الدكتور محمد فؤاد:
" يعتقد الكثيرون انه-حقي باشا- متواطيا مع كثير من الدول التي تعادي الدولة و من بينها ايطاليا"
و على الرغم من خيانة العلمانيين في جمعية تركيا الفتاة الا انه و كم يقول الاستاذ خليفة محمد التليسي في كتابه معجم المعرك الليبية:
 شارك كثير من الضباط العثمانيين في المعارك و التدريب و القيادة و كانت في بعض الاحيان مخالفين بذلك حكومة الاتحاد و الترقي التي وقعت اتفاقية اوشي يوم 15-10-1911 بقيادة حقي باشا, و منها قيادة الضابط العثماني انور بك لمعارك درنة و غيره من الضباط الاتراك على طول الساحل الليبي.
 و يذكر ذلك الاستاذ خليفة التليسي كانه يعتذر لهولاء الضباط عن حكومتهم فيقول:
" لا نريد بذلك ان نغض من اخلاص بعض الضباط العثمانيين" , يقصد اهمال الحكومة و وزيرها حقي باشا عضوا جمعية الاتحاد و الترقي لولاية طرابلس و عدم الاستعداد اللازم لهذه الحرب, و يضيف التليس موضحا اكثر موقف هولا الضباط الثقات:
حيث شارك كثير منهم في قيادة المعارك و تدريب المجاهدين و من اشهرهم القائد انور بك الذي قاد معارك حتي بعد الصلح الذي تم مع الطليان.

اسماء لمعت في سما جليانة:
1- المرحوم سليمان امنينة شهد بيته الاجتماع الذي تم الاتفاق فيه على الجهاد و قتال العدوا الصائل, توفى سجين منفيا في احدى الجزر الايطالية.
2-  الشيخ عبدالحميد العبار رحمة الله عليه: من رفقا الشيخ عمر المختار, كنت مع والدي في اواسط الستينات فاذا بشيخ مهيب الطلعة و لحية بيضاء و وجه عليه النور ينزل من سيارة قد وقفت قريب منا و قال لي والدي هل عرفت هذا الشيخ. هذا سيدك عبدالحميد العبار, اللهم اغفر له و ارحمه.
3-  جدي محمود محمد بوقعيقيص, رحمة الله عليه ترك الداعي و المدعي كيف ما يقولوا و التحق بركب الجهاد مع سيدي عمر المختار استمر مع سبع سنوات في دور بنينا.
4- الحاج رمضان الطيرة, اللهم اغفر له و ارحمه من معارف الوالد توفي في التسعينات من القرن الماضي.
5- الحاج بالقاسم بن شتوان من معارف الوالد توفي في التسعينات من القرن الماضي.
ذكرت اسما المجاهدين الذين حضروا المعركة في عدت كتب.
 اللهم اغفر لهم و ارحمهم و اجمعنا بهم على حوض المصطفي.
امكانيات الحملة الايطالية التي هاجمت بنغازي:
( واحد وثلاثين قطعة حربية من الأسطول البحري الإيطالي كان من أهمها كل من القطع الحربية التالية
-السفينة الحربية فيتوريو عمانويل بقيادة اكتون. -السفينة الحربية روما بقيادة لوفاتيللي. -السفينة الحربية ريجينا هيلينا بقيادة كابيتشي. -السفينة الحربية نابولي بقيادة فيلوبوني. -السفينة الحربية آمالفي بقيادة روبيرتي.
قتل في هذه المعركة حوالي 500 ليبي. بعد انتهاء المعركة أقام الطليان نصب لامراة تمسك بذرع من النحاس تخليدا لقتلاهم. ثم ازالة النصب بعد الاستقلال وإنشاء نصب يخلد شهداء المعركة من الليبين) من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

جليانة :
يرجع سبب تسمية منطقة جليانة إلى ابنة أحد قناصل بريطانيا في بنغازي وكان اسمها "جوليانا"، والتي غرقت عند الساحل ودفنت في شبة جزيرة عرفت باسمها "راس جليانة". وسميت بهذا الاسم خلال العهد التركي الثاني  من ويكيبيديا
عمر مفتاح السلاك
4 من محرم 1437 هجري

الموافق 18-10-2015

هناك تعليق واحد: