السيد المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فيما يلي الإجابة على الأسئلة وبارك الله فيكم
السؤال الأول: نظرا لعودتكم المتأخرة من المهجر إلى ليبيا، هل أنتم قادرون على تلمس آلام الشعب ومشاكله؟ هل تتوقع أن يتقبلكم الشعب بكل سهولة؟
في البداية بارك الله فيك على اهتمامك، و أسأل الله أن يوفقكم إلى كل خير. أما فيما ذكرت فتلمس آلام الشعب و مشاكله غير مرتبط بعودة المسئول لأن كثيرا من أبناء الجماعة موجودون في داخل ليبيا وهم يواكبون الأحداث ويعرفهم الناس بل وعاشوا ويعيشون هذه الآلام بل ومورس عليهم أشد الاضطهاد، ثم إن كثيرا من الإخوان المتواجدين في الخارج رجعوا مباشرة إلى البلد وساهموا في كثير من أعمال الثورة المجيدة. الأمر الآخر نحن نتابع الشأن الليبي بدقة ولم نغب عما يحدث في البلد من أحداث و لم يمنعنا من ذلك وجود القيادة في الخارج لأن ليبيا تعيش في قلوبنا. أما بالنسبة لرجوعي الشخصي فقد سعيت في الحصول على الأوراق منذ بداية الثورة وبالتحديد في بداية شهر مارس ولكن لم يصدر الجواز من قبل المخولين في مدينة بنغازي إلا بتاريخ 05.01 ورجعت مباشرة بعد هذا التاريخ وبالتحديد في 05.04
السؤال الثاني: كنتم من المؤيدين لمشروع سيف الإسلام القذافي وإن كان ينظر إليه على أنه وسيلة للتوريث، فهل كنتم تعولون على هذا البرنامج؟ وكان هناك مؤشرات على تعاون الإخوان المسلمين مع نظام القذافي، منها اتصالات علي الصلابي بسيف الإسلام، وعودة العديد من الإسلاميين إلى البلاد في عهد القذافي تحت عباءة سيف الإسلام.
ولكن لاحقا شيطنتم القذافي، أليس في ذلك تناقض؟
خيار الإصلاح خيار أصيل لدى الجماعة لأنه منهج يحث عليه ديننا الإسلامي, و إعلان الجماعة عن خيار الإصلاح كان منذ عام 2002 أي قبل أن يعلن سيف القذافي عن مشروعه. وبالتالي عندما أعلن سيف القذافي عن مشروعه الاصلاحي أيدنا خيار الإصلاح ولم نؤيد سيف القذافي لشخصه ، لأنه لا يمكن التعامل بمواقف مبدئية مع مشروع شعاره الإصلاح، بل لابد لمن يمارس العمل السياسي إذا أراد أن يكشف مصداقية ما يطرح ، أن يرحب بالشعارات الوطنية ويطالب بالإستحقاقات العملية لهذه الشعارات.
أما عن التعاون مع نظام القذافي فلا أدري ما هي المؤشرات التي دفعت إلى هذا التصور، لأنه لم يكن بيننا وبين نظام القذافي أي تعاون ، بل كانت من جانبنا مدافعة ومطالبة بإستحقاقات شعارات الإصلاح التي رفعت من قبل النظام. من ناحية أخرى فإن خيار الإصلاح فتح المجال لعودة الليبيين إلى بلادهم والعمل من داخل البلد، الساحة الحقيقية في التأثير والتغيير وخير مثال على ذلك هو هذه الثورة المباركة.
لقد حدثت مظاهرات في الخارج ضد سياسات النظام و انتهاكاته ولكنها لم يكن لها الأثر الذي أحدثته المظاهرات من داخل البلد و التي كانت هي القاصمة. فالعمل من داخل البلد هو مظنة التأثير، وحرصنا على الإصلاح وفق هذا الخيار هو الذي فتح لفعاليات وطنية من الإخوان وغيرهم من أبناء الوطن، باب العمل من الداخل كخطوة لتفعيل المجتمع للمطالبة بحقوقه. أما فيما ذكرت من التناقض فالمسألة ببساطة أنه لما رفع سيف القذافي شعاراته لرفع المعاناة عن الشعب الليبي وتحقيق الإصلاح رحبنا بذلك برغم الانتهاكات التي مورست ضدنا كجماعة، ولكن لما رفع أصبعه مهددا الشعب الليبي ومتوعدا له بالويل والثبور عارضناه و وقفنا ضده، وهكذا ستكون علاقتنا مع أي جهة، لأننا منحازون لما يحقق مصالح شعبنا وبلادنا وقد وقفنا مبكرا مع ثورة شعبنا وكان توجه الجماعة منذ بداية شهر فبراير هو إسقاط هذا النظام وبناء دولة المؤسسات والقانون، و يمكن الرجوع إلى البيان الذي صدر عن الجماعة عندما حاول النظام جر البلد إلى الفوضى. أما بخصوص شيطنة القذافي أو ابنه سيف فأعمالهم وجرائمهم هي التي شيطنتهم.
السؤال الثالث: هل ستقبلون بالنموذج التركي؟ الكل يسترشد به خاصة الغرب.
إذا كان الجواب نعم. فهذا يعني حرية شخصية وإعلام لا يخضع للمراقبة، ولا يقيمون الحدود، ويتعاملون مع البنوك الربوية.
إذا كان لا، فأي نموذج تنشدون؟ السعودية، إيران أم طالبان؟
الحقيقة لكل بلد خصوصياته وبالتالي نحن لا نتعامل بفكرة التجارب المستوردة، بل الأفضل أن يختار الذي يناسب خصوصيات البلد. وبالنسبة للأنموذج الذي نريده لبلدنا هو دولة العدل والحرية والمساواة وكرامة الإنسان وسيادة القانون والقضاء المستقل والشفافية وفاعلية المجتمع الأهلي، ذلك ضمن هوية هذا المجتمع المسلم. أما مسألة الاسترشاد فهذا تحكمه ظروف وواقع ليبيا وواقع المجتمع الليبي والتي تختلف عن كل هذه النماذج وسوف نستفيد من كل نافع مفيد من التجارب الإنسانية الناجحة .
وعلى اي حال فإن هذا سيحكمه القانون الذي يصدر عن الدستور الذي سيقره الشعب الليبي إن شاء الله تعالى.
السؤال الرابع: ما هي القضايا الإسلامية التي يمكن أن تتنازلوا عنها؟ هل ستقيمون الحدود مثلا؟
الحقيقة أعتبر أنه من الظلم أن يختزل الإسلام فقط في تطبيق الحدود، وأعتبر أن هذا بعد عن روح الإسلام، ولكن على أية حال ،هذه القضايا ليست في أيدينا نحن وإنما هي في يد الشعب حين يقر الدستور وينتخب السلطة التشريعية التي ستلتزم بالدستور فيما ستشرعه. نحن لسنا مشرعين، سنقول آراءنا في كل ما سيطرح في حينه ،هذا بالتأكيد، ونثق في شعبنا الليبي وفي إرتباطه بهويته و تمسكه بدينه .
السؤال الخامس: إذا ما خضتم غمار الحكم في البلاد، فبأي صفة ستنضمون للمشهد السياسي؟ جبهة، تيار، حزب، جماعة؟ هل أنتم على استعداد للتحالف من تيارات إسلامية أخرى، أو حتى ليبرالية؟ أي الجهات التي يمكن لكم أن تتحالفوا معها؟
نحن منفتحون على أي طرف ، ما دام هدفه تحقيق المصلحة الوطنية و احترام إرادة هذا الشعب. وبالطبع لن نتخلى عن النضال السياسي بل سنواصله ضمن حدود العمل السياسي السلمي.
السؤال السادس: هيومان رايتس ووتش اتهمت الثوار بارتكاب "جرائم حرب"، فهل ستحاسبوهم؟ أم ستتبنون في هذا القضية "عفا الله عما سلف"؟ وإذا تمت المحاسبة، ألا تخشون الانشقاقات؟
القضاء المستقل هو من سيتولى مثل هكذا ملفات، وهو من سيكون له كلمة الفصل.
السؤال السابع: موقفكم من الناتو. حلف الناتو قدم لكم مساعدة كبيرة، ولكنه في نفس الوقت يحتل العراق وأفغانستان ويؤيد إسرائيل، فما موقفكم ؟ هل ستقفون إلى جانب القضايا العربية أم الناتو أم على الحياد؟
أولا الثورة في كل ليبيا كانت سلمية بشهادة المجتمع الدولي والنظام كان دمويا في مواجهتها ولم يستعمل الأساليب المتعارف عليها في مواجهة هذه المظاهرات بل استخدم القصف ومضاد الطائرات ، فكان لزاما على المجتمع الدولي ان يتدخل حفظا لماء وجهه، ولم يكن هذا التدخل إلا من خلال جامعة الدول العربية التي فوضت مجلس الأمن فأصدر القرارات وخول الناتو بتنفيذها. والقرارات الصادرة عن المجلس لم تكن مساندة الشعب الليبي في ثورته وإنما حماية المدنيين، فلا يستطيع أحد أن يقول إن المجتمع الدولي صنع هذه الثورة، ولكنه مشكورا جعل المواجهة بين الشعب وبين النظام الدموي متكافئة بعض الشيئ. وبرغم هذا الموقف من المجتمع الدولي إلا أن ضحايا الشعب الليبي يعدون بعشرات الآلاف. ونحن أبناء هذه الثورة التي قامت من أجل تحرير إرادة الشعب وتحقيق العدل والمساواة وبالتالي سنكون أوفياء لهذه المبادئ في تناولنا لكل قضية من قضايا شعوب العالم.
السؤال الثامن: موقفكم من فلسطين بالذات. هل ستكتفون بالدور اللفظي؟ علما أن القذافي كان يقدم مساعدة مالية لبعض الفصائل الفلسطينية، فماذا عنكم؟
أعتقد أن السؤال فيه من التجني ما فيه، لأننا يجب ألا ننسى أن الشعب الليبي و في أحلك الظروف سير قوافل الإغاثة الإنسانية إلى الشعب الفلسطيني وللأسف كانت تجير هذه المساعدات عنوة لصالح النظام الليبي. ويجب ألا ننسى ايضا أن النظام في ليبيا كانت له مواقف وأعمال مخزية ضد الشعب الفلسطيني وليس أقلها إخراج الفلسطينيين وتشريدهم على الحدود، وليس أقلها كذلك نظرية إسراطين التي سوق لها. والموقف من القضية الفلسطينية هو الدعم السياسي والإنساني للشعب الفلسطيني حتى تتحقق مطالبه العادلة.
السؤال التاسع: ما موقفكم من تصريحات علي الصلابي (الذي يحسب على الإسلاميين) حين هاجم بعض المسؤولين (محمود شمام ومحمود جبريل وعلي الترهوني) في المجلس الانتقالي وطالبهم بالرحيل، "وترك ليبيا للثوار الحقيقيين"؟
أخونا الدكتور علي الصلابي له مواقف وطنية كثيرة وساهم في هذه الثورة مساهمة لا ينكرها منصف، و لكنه يمثل نفسه و لا يتحدث باسم الجماعة، وبالنسبة للإسلاميين فهم فئات متنوعة، وليسوا فصيلا واحدا. أما عن موقفنا من أداء المكتب التنفيذي، فنرى أنه لم يتناول قضية المصالحة الوطنية بمشروع والبلد في أمس الحاجة إلى هكذا مشروع، ولم يتعامل مع قضية انتشار السلاح بمسئولية ، ولم يتعامل بمسئولية مع احتياجات الثوار في الجبهات.
لقد كان تركيز مسئول المكتب فقط على الخارج، وحقق في ذلك نجاحات يشكر عليها، ومعظم الآداء في الداخل سواء في افغاثة أو الإعلام أو حتى العمل المسلح ونقل السلاح كان تطوعيا. من ناحية أخرى فإن إقامة مسئول المكتب خارج البلد في وقت أحوج ما تكون البلد إليه أمر كان موضع استغراب منا ومن العديد من نخب وتيارات البلاد.
السؤال العاشر: ما هو موقفكم من الحكومة المقبلة التي سيشكلها محمود جبريل؟
للعلم هذه حكومة مؤقتة تنتهي بإعلان التحرير. أما الحكومة الانتقالية فبغض النظر عمن سيكلف بتشكيلها ، يجب أن تعتمد على الكفاءة الحقيقية وليس على المحاصصة الجهوية أو القبلية ، ولا ينبغي أن يكون فيها أحد من أزلام النظام السابق ، هذا على مستوى الاختيار، أما على مستوى السياسات فيجب أن تستهدف كل المدن الليبية بدون استثناء وتبتعد عن المركزية لصالح تفعيل استقلالية المحافظات و أن تحافظ على الشفافية ، ومن ناحية الأداء يجب أن تحدد أهدافا رئيسية لتحقيقها في المرحلة الإنتقالية يأتي في مقدمتها المصالحة الوطنية، و الإنتقال من الثورة إلى الدولة ، وأن تبتعد عن الإرتباطات الطويلة الأمد كالشراكات والتوجهات الإستراتيجية.
السؤال الحادي عشر: كيف تنظرون إلى ليبيا في إطار اتحاد المغرب العربي؟
ليبيا لها مقدرات و لا تعيش في معزل وبالتالي يجب أن يكون لها مشاريع تكاملية مع دول الجوار لتحقيق المصالح المشتركة.
السؤال الثاني عشر: مستشار الرئيس الفرنسي برنارد ليفي –وهو صهيوني- كان أحد الضاغطين على ساركوزي للاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي، فما رأيكم في ذلك؟
أي موقف لصالح الشعب الليبي نحن نرحب به، وعموما نحن نتعامل بقاعدة أن يقال للمحسن أحسنت وللمخطئ أخطأت، و لكن هذا لا يعني أننا سنتخلى عن قضايا أمتنا.
-----------------------------------------
*توضيح نص اللقاء كما أرسلته للصحفي لان النص على صفحة الجزيرة نت فيه تصريحات مجتزأة – مسؤول جماعة الاخوان المسلمين الليبية سليمان عبد القادر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق