السبت، 3 سبتمبر 2011

عبد الرحمن الشاطر : أخياركم في الجاهلية .. أخياركم في الاسلام ...




تصريحات الدكتور محمود جبريل رئيس المكتب التنفيذي الأخيرة عبر قناة ليبيا الأحرار يوم 31-08-2011، المتعلقة بامكانية الاستعانة ببعض الكفاءات ( التكنوقراط) في بناء الدولة الحديثة من ضمن الكوادر الموجودة في الأجهزة الادارية والأمنية والعسكرية في مرحلة ما بعد انتصار ثورة السابع عشر من فبراير ، توجه نبيل نباركه من مبدأ لا اقصاء في الدولة الحديثة. غير أن النوايا الطيبة لا تقود الى الجنة في معظم الأحيان ، الأمر الذي يدفعنا لأن نعبر عن هواجس ومخاوف تنتابنا من أن يتسلق المتسلقون أمواج الثورة ليس بحبال وسلالم من خشب كما فعلوا في السابق وانما بمصاعد وسلالم كهربائية حديثة. فمستوجبات مثل هذه الاستعانة قد تكون كثيرة ولها جانب من المنطقية ، غير أن مستوجبات عدم الاستعانة بمثل هؤلاء هي أيضا كثيرة ومنطقية ومبررة.

هناك رأيان على وجه التحديد في هذا الصدد:
الأول:  يفترض أن الدولة الليبية بعد تحريرها من القهر والاقصاء، هي مولود جديد أشبه بمرحلة اعلان استقلال ليبيا عام 1951 وممارسة الحكم عام 1952 ، وقتها لم تكن في ليبيا كوادر مؤهلة الا في ما ندر ، ووقتها استعانت الدولة برجال لديهم قدرا من الحكمة وقدرا أكبر من الوطنية والغيرة على البلد. واستطاعت الدولة الليبية في عهد الاستقلال أن تؤسس ادارة جيدة وقوانين ممتازة وحكما يتمتع بالراشدية.
الثاني: الظرف الان مختلف تماما وهو مناسب لأن تبنى الدولة الليبية الحديثة بناء نظيفا وسليما وقد توفرت لها الآلاف من العناصر الشابة التي تتمتع بتعليم ممتاز واحتكاك واسع بالعالم المعاصر وأدواته وطرق تفكيره ، ولذلك ينتفي مبرر أن يتم الاستعانة بالكوادر التي عملت مع نظام القذافي لأنهم لا يمثلون آخر الملجأ والمطاف وطوق النجاة.
الخشية هو أن يكون هذا التوجه من المكتب التنفيذي مدعوما من المجلس الوطني الانتقالي ، مدخلا لتسرب أنصار النظام السابق للادارة الليبية بعد أن غيروا جلودهم أو منحناهم فرصة ثمينة لفعل ذلك. وهو توجه ينم عن أخلاق مثالية ، لكنه مضر بشعور وأحاسيس الجماهير التي تحركت تحركا ثوريا لازالة نظام بكل ما يشمله من رموز ادارية كانت أو سياسية أو اقتصادية ، فضلا عن أن أمثال هؤلاء يمثلون ثقافة قديمة تأصل فيها عناصر التخلف والتملق والخوف والبيروقراطية وقول (نعم) لكل رئيس لهم.
حاجة الدولة لعناصر من التكنوقراط لا تنحصر في عدد معين من الأشخاص اشتغلوا مع النظام وكانوا سدنته وحماته ومن المدافعين والمبررين  لسياساته القمعية .
 ربما كان الاحتياج مبررا لو كنا نعيش ظروفرعام 1951 لكننا في العام 2011 وشبابنا يعدون بالالاف وهم على درجة عالية من الكفاءة والمقدرة العلمية.
ينبغي أن لا نقع في خطئ نندم عليه في المستقبل.
 ينبغي أن لا يأخذنا الحماس بالاسراع بعودة الأمور الى طبيعتها أن يأتي تكليفنا لتكنوقراط على حساب الألم الذي حرك الشباب لتقديم أرواحهم والجود بدمائهم.
 ينبغي أن لا يأتي اليوم الذي نقول فيه هناك الحرس القديم والحرس الجديد..ونبحث عن من يقدم لنا وصفة اصلاح.
           فلتكن بداية مشوارنا لتأسيس الدولة الحديثة من البداية بحرس جديد ومن الشباب.

ان الشباب الذين حسموا الأمر عسكريا.. باستطاعتهم أن يحسموا ادارة الدولة بكفاءة عالية.

الدولة الليبية الحديثة ربما في حاجة الى البعض من هؤلاء التكنوقراط ، وبالذات الذين حوربوا وهمشوا واقصوا عن مناصبهم أو حرموا من تقلدها لأن لهم رأيا فنيا مخالفا لتوجهات نظام القذافي الذي يبطن خلاف ما يعلن. لكنها ليست في حاجة قاتلة لعناصر ولو كانت فنية تشربوا بثقافة الفوضى والملاينة الادارية . فهؤلاء يتصرفون بعقلية كيف تريد القانون أو كيف تريد القرار؟.. غير أننا بحاجة الى تفكير مغاير يقول: هكذا ينبغي أن يكون القانون .. وهكذا ينبغي أن يكون القرار. والفرق واضح بين المدرستين. مدرسة تعودت على تلقّي الأوامر وتكييفه بالشكل الذي يريده الحاكم . ومدرسة منفتحة على العالم وتريد أن تكون الأشياء صحيحة وواضحة ولا تخدم الا مصلحة الشعب والوطن.

ان العناصر الفنية لم تعد منحصرة في شخص واحد أو مجموعة من الأشخاص مهما أوتوا من علم وكفاءة، فليبيا أولا ولادة وثانيا لديها مخزون هائل من الكفاءات لم تمنح لهم الفرصة .. ألم تر الطلبة والأطباء والمحامين والتجار يخوضون معارك حربية وينتصرون فيها وهم الذين لم تكن لهم أية معرفة أو صلة بالسلاح واستعمالته.. أليست هذه عبرة لمن يعتبر؟
نظام الوصاية الذي فرضه القذافي كثقافة أدت الى احتكار مجموعة بسيطة كافة الحقائب الوزارية والاداربة، لم يعد مقبولا تحت أية حجة أو ظرف كان.
دعونا نبني دولتنا الحديثة بعناصر يحملون ثقافة جديدة .. ثقافة الثورة .. الثورة التي رواها الشباب بدمائهم .. هم من سيسيرون بها الى آفاق أفضل ولو ارتكبوا أخطاء في بداية المشوار ، لأننا واثقون أنهم سوف يبهرون العالم بتحملهم مسؤولية ادارة  الأمور في مرحلة البناء كما بهرت معاركهم العالم وقت التحرير.
أتمنى أن لا يغرق المجلس الوطني الانتقالي وكذلك المكتب التنفيذي في بحور الطيبة بحجة الشفافية، التي أفقدتنا مجاهدا بطلا هو الشهيدعبد الفتاح يونس. وضيعت علينا فرصة القبض على محمد القذافي..
أتمنى أن يصاحب الطيبة الحرص الشديد في اختيار العناصر ، فحتى الآن ووفق معرفتي الشخصية بالأمور هناك علامات استفهام كبيرة حول بعض أعضاء المجلس الوطني الانتقالي الممثلين لمدينة طرابلس كما توجد علامات استفهام أكبر حول بعض أعضاء المجلس المحلي لمدينة طرابلس.. كما وأن اختيار بعض العناصر وتكليفهم بملفات هامة لم تتوخ الدقة اللازمة. لا ادري ان كان ذلك بسبب عدم الاحاطة الكاملة بتلك العناصر .. أم أن المسألة: هذا هو المتوفر أمامنا من عناصر؟. فان كان ذلك كذلك بسبب دواعي كثيرة منها عدم تحرر العديد من المدن في الفترة السابقة. فان هذا السبب قد انتفى بعد تحرر البلاد من نظام كرس ثقافة لم تعد صالحة للمرحلة القادمة..غير أن الخشية أن يستمر تشكيل المجالس واسناد الحقائب وفق أجندات عدة قد تكون شللية أو تمهيدا لحزبية .
لقد حان الوقت لاقصاء من تستوجب المرحلة اقصاءهم بأسباب موضوعية وليست مزاجية .. قبل أن تستفحل هواجس الخشية الى تراكمات لا نتمناها.
لا نتمنى أن نرى أنفسنا في مواجهة تكريس ( أخياركم في الجاهلية.. أخياركم في الاسلام)..
لا نتمنى أن يأتي اليوم الذي نتحدث فيه عن ( الحرس القديم .. والحرس الجديد). فالحرس القديم لديه القدرة على التفريخ بشكل مارسه لأربعة عقود ونيف.
لا نتمنى أن يتسرب السوس في البناء الجديد..
والله من وراء القصد.

عبد الرحمن الشاطر
31-08-2011

هناك 3 تعليقات:

  1. وعندها ستكون ليبيا الجديدة كزهرة تسقى من البنزين لا من مياه صافية . ان من رضي ان يعمل مع العصابة البائدة ورضي ان يعمل في ليبيا الجديدة فليس ثمة من مبدأ يرتضيه .. يا الله أحمي ليبيا وأجيالها القادمين من البنزين .

    ردحذف
  2. استاذ عبد الرحمن الشاطر ، خلال فترة اندلاع الثورة ونحن نبحث عنك في الانترنيت ، لكن للاسف الشديد لم نجد قلمك الذي تمتز به ، علما باننا نعرف بانك لك مواقف مشرفة في محاربة الفساد ايام عهد القذافي ، وقد كنا في اشد الحاجة للوقف مع الثورة في وقت المجنة
    علي العائب

    ردحذف
  3. الاساس هو القانون كما قال المستشار مصطفي عبد الجليل فكل من ثبت ادانته با لطواطؤ او الاختلاس او اسستغلال المنصب بغض النضر كونه من زابانية القدافي او من قيادات الثوار لا يصلح و لا يشرف الليبين ان يكون في موقع مسؤلية. و كل من كانت ايديه نضيفة و يخاف الله في رعيته يشرفنا ان يتحمل المسؤولية بغض النضر علي انتمائته الحزبية او القبلية

    ردحذف