اللجان التسييرية..وإختطاف الهيئات الإدارية
بقلم/ د. محمد عامر العباني
أربعة وثلاثون سنة ونيف وبالتحديد منذ الاعلان عما أسماه الطاغية سلطة
الشعب في الثاني من مارس 1977م. ونحن نعاني من سطو اللجان الشعبية وهيمنتها على
كافة مناحي الحياة السياسية والاقتصادية، فقد تصدرت اللجان الشعبية والادارية
إدارة الوحدات الادارية لكافة الكيانات التنظيمية، من رئاسة الوزراء إلى أصغر مكون
إداري، لجان إمتطاها أعضاء اللجان الثورية، لجان دستورها الشرعية الثورية وأداتها
الحسم الثوري، مؤهلاتها الولاء للطاغية والتنكر للوطن، أفسدت كل ما يمكن افساده
وخربت كل ما تصدى أو وقف في طريقها من حجر وبشر، نصبت المشانق في الجامعات
والشوارع والميادين، ارتكبت كل ما تنكره الشريعة والدين.
فالسؤال هل قضت ثورة السابع عشر من فبراير
على هذه اللجان أو هي في سبيلها للقضاء على هذه الأوكار؟. في وقت لا يزال الثوار
يستبسلون في القضاء على فلول اللا نظام ويطهرون أركان البلاد من الرموز الفاسدة
المفسدة المتغلغلة في كل مناحي الحياة وخاصة في أجهزة الدولة من وزارات وهيئات
ومؤسسات ومصالح وأجهزة وشركات عامة وما في حكمها، أزلام وديول يحاولون الاستمرار
والالتفاف على القيم والأهداف النبيلة والغايات السامية لؤلئك الذين قدموا أرواحهم
وأطرافهم ولهؤلاء الذين يحققون النصر في الميدان ويسترخصون مهجهم فداء للوطن.
آخرون الله يعلمهم يلهثون وراء تطوير وتلوين
اللجان ولكن هذه المرة تحت مسمى اللجان التسييرية، لتحل محل تلك
اللجان، لجان غايتها إما المحافظة على مصالح متأصلة أو الوصول إلى أخرى محتمل
الوصول اليها خلال المرحلة الانتقالية خاصة في ظل غياب الشفافية وضعف الرقابة والمحاسبة، والوجوه هي الوجوه فهل
سينجحون في اختطاف مؤسسات الدولة في وقت اندحر فيه النظام الذي كان يدفع بهم الى
ذلك تحقيقا لغايته في نشر الفساد وليصبح القول المأثور في ظل الفساد كل شيئ
جائز حقيقة ماثلة للعيان .
ولا غرابة أن يتدخل المجلس الوطني الانتقالي
المؤقت ومكتبه التنفيذي المختصان بموجب المادة الخامسة والثلاثين من الاعلان
الدستوري الصادر في بنغازي 3 رمضان 1432 هجرية الموافق 03/ 08/2011 ميلادية. والتي
تنص على أن" يستمر العمل بجميع
الأحكام المُقررة في التَّشريعات القائمة، فيما لا يتعارض مع أحكام هذا الإعلان
إلى أن يصدر ما يُعدلها أو يُلغيها......................" في تنظيم مثل هذه
الأمور وليقطع الطريق أمام مرضى النفوس في التسلق والالتفاف على مقدرات الوطن
وركوب موجة المرحلة والتربع على رأس مؤسسات الدولة.
ويتدخل المجلس الوطني الانتقالي المؤقت
ومكتبه التنفيذي مرة أخرى بإصداره بيان نصه كالتالي:
"بيان من المجلس الوطني الانتقالي المؤقت
بشأن الابقاء على الهيئات الادارية القائمة
للمؤسسات والشركات العامة
المجلس الوطني الانتقالي المؤقت يؤكد على
ضرورة استمرار الهيئات الادارية القائمة للمؤسسات والشركات العامة في عملها على ما
هي عليه، بما في ذلك الشركات التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط.
وفي الوقت الذي يؤكد المجلس على أنه سوف ينظر
في الحالات التي تُوجب التدخل لإحداث تغيير في الهيئات الادارية لبعض المؤسسات
والشركات العامة فإنه يؤكد في الوقت نفسه أن ذلك من صلاحيات المجلس الوطني
الانتقالي المؤقت ومكتبه التنفيذي، وإن أي مساس بهذه الهيئات الادارية يعد باطلا
ومخالفا للقانون بل ومن الأعمال الموروثة من قبل النظام الغوغائي البائد وسوف
يعرّض المخالف لهذه التعليمات للمساءلة القانونية.
عليه نرجو من الجميع التعاون والتقيّد بذلك
واحترام القانون، حيث أن ثورة السابع عشر من فبراير قامت للقضاء على مثل هذه
الممارسات التي خلفها نظام القذافي الهالك.
المجلس الوطني الانتقالي المؤقت
05/09/2011م."
وقد جاء هذا البيان ليتصدى بشكل جلي إلى
ظاهرة اختطاف الهيئات الإدارية القائمة من قبل فئة أو جماعة لها أجندات مسبقة، فنص
في بدايته على التأكيد صراحة وبما لا يدع مجالا للشك على استمرار الهيئات الإدارية
القائمة في عملها على ما هي عليه، أما بالنسبة للحالات التي تستوجب التدخل لإحداث
تغيير فقد اكد ايضا بصريح العبارة على أن ذلك من صلاحيات المجلس الوطني الإنتقالي
ومكتبه التنفيذي، وبمفهوم المخالفة فإن هذه الفئات والجماعات لا شأن لها بإحداث أي
تغييرات بالهيئات الإدارية بالمؤسسات القائمة، وتعد الأعمال (تشكيل لجان تسييرية)
من قبيل الإعتداء الصارخ على المال العام.
كما
اكد المجلس على أن أي مساس بهذه الهيئات الإدارية يعد باطلا ومخالفا للقانون، بل اعتبره
من الأعمال الغوغائية وأن مرتكبيها سوف يعرضون أنفسهم للمساءلة القانونية.
إن ما يجري على أرض الواقع من تشكيل وإعادة
تشكيل للجان التسييرية وعلى نطاق واسع ودون الرجوع إلى المجلس الإنتقالي المؤقت
ومكتبه التنفيذي عملا يتعارض مع الشرعية المحددة في الإعلان الدستوري وإعتداء
صارخا على السلطات المخولة للمجلس الوطني الانتقالي المؤقت ومكتبه التنفيذي بإدارة
الدولة في المرحلة الإنتقالية، والأخطر من ذلك أن من قاموا بتشكيل هذه المجالس
بالمخالفة للشرعية الدستورية قد اصبحوا عرضة للمساءلة القانونية بإختطافهم لهذه
المؤسسات والعبث بمقدراتها.
إننا وإذ نستهجن مثل هذه التصرفات الغوغائية
في ظل ثورة السابع عشر من فبراير ننبه إلى ضرورة حماية الهيئات الإدارية من
الاختطاف والعبث بها وتطبيق القانون ضد كل من سولت له نفسه العبث بمقدراتنا، والعمل
على حماية مؤسساتنا وردعا لكل من تسول له نفسه إرتكاب مثل هذه التصرفات، فاللجان
التسييرية يجب أن تكون وفقا للشرعية الدستورية وليست خارجا عنها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق