الأحد، 28 أغسطس 2011

‏صلاح بوشويقير: "الحـريـــم الســـيـــاســي" ....والحجاب الد يمقراطي

كتب الرئيس الفرنسي "جاك شيراك "عام 1996 يقول في كتابه"فرنسا جديدة فرنسا للجميع"......(بعد خمسين سنه على منح الجنرال ديغول للنساء حق التصويت لايزال هذا المركز بعيد المنال...أن تسهيل دخول النساء ألي الحياة السياسية هو قضية عدالة انه كذلك رهان الديمقراطية الكبرى في فرنسا ولن يضمن لهن هذا المركز لاقا نون ولا حصة نسبية في الانتخابات أن ما يجب إن يتغير هو الذهنيات....بمقدار ما تغيرت الحياة المدنية ظل المجتمع السياسي الفرنسي جامداً وذكوريا...........)
ونحن هنا في ليبيا الثائرة على بكرة أبيها ضد كل المظاهر السلبية القديمة في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسة هل سنقبل بأن يكون لدينا "حريم سياسي" يتمتعن بذات مزايا الرجال ويكون لهن الحق في خوض التجربة الديمقراطية بكل تفاصيلها...؟ هل يحق لامرأة ليبية أن تقود الليبيين..؟. أن المتهافتون على صياغة الدستور والمتدافعون فيما بينهم على شرحه وتعريفه في الندوات واللقاءات لن ينكرون على المرأة هذا الحق .. ولكنه أقرار من باب التجَمُل وليس بدافع الإيمان والاعتقاد في استحقاقه وجواز تنفيذه على ارض الواقع فدستور ليبرالي يجب أن يُزين بشعارات كبيرة كما كانت وثيقة ألقذافي لحقوق الإنسان وقوانين دولته تؤكد على الورق فقط  كرامة المواطن الليبي وحريته.


أوردنا في البداية المرارة التي يتحدث بها رئيس جمهورية  فرنسا المتمدنة و اكبر ديمقراطية غربية عن ضياع حقوق الفرنسيات السياسية منذ عهد ديغول ويصف المجتمع الفرنسي بأنه مجتمع جامد تجاه حقوق النساء .فما بالك بمجتمع شرقي متشدد و منغلق يعيش داخل قناعات وقوالب مُرحَلة منذ ألاف السنين من القهر والتخلف.

أن نظرة أي عابرعلى واقع الحراك السياسي الناشئ بفضل وفعل الثورة سيكتشف الفرحة الكبرى التي تعيشها الحركة النسائية الليبية بانتصارها الخاص وهو حصولها على موطئ قدم داخل ساحات الاعتصام وفي الشارع بعد أن كان يحتله الرجل لوحده ويسيطر عليه.. فجميعُهنَ فِرحات بأنهن يخرجن للشارع  والمشاركة بالمظاهرات دون ان يتعرضن للمضايقة او التحرش.!!

ولاشك أن هذا التبدل السلوكي والتسامح ألذكوري هو نقلة نوعية  قد فرضتها قُدسية ورهبة الثورة ..ولكنه ليس أنتصار سياسي  يحُسب للنساء الشريكات في ثورة بحجم ثورة فبراير الليبية.

ففعل الثورة ذلك النشاط الاجتماعي العنيف وهو يتصاعد داخل وعي المجتمع بكامل عناصره ذكورا وإناثا.. يجب أن تنسحب أثاره على مجموع من شملهم هذا النشاط الثوري وكانوا ضمن دائرة الوعي به ... لوان الهدف من الثورة كان مجرد الانتقام من حكم ظالم وأبعاد الأشخاص الذين كانوا يمثلون هذا الحكم واستبدالهم بآخرين.. فأن هذا العمل في حقيقته هو انتفاضه  ومجرد تمرد على سلطة حاكمة...و لكنه ليس ثورة شاملة...

 الثورة الحقيقية هي التي تكون بتغيير كل الأوضاع الاجتماعية السيئة  بما فيها تغيير سلوك الإنسان نفسه و أسلوب حياته و أفكاره ومعتقداته القديمة .

والخوض في قضية المرأة هنا مبني على النظر في مصير وأحوال نصف المجتمع وليس مبنيا على دوافع رومانسية أو عاطفية لإثارة جدل نظري عقيم.

أن قضية المرأة في المجتمع العربي والليبي هي من ابرز القضايا الفكرية الشائكة المعروضة للنقاش منذ أزمنة بعيدة.. . ويرى كثير من المفكرين العرب أن علاج مشكلة المرأة يتضمن المفتاح لحل الكثير من العقد الأخرى المعرقلة للتغيير الشامل للمجتمعات العربية.

أن النساء الليبيات كُن متواجدات داخل زخم الثورة وشاركن في المجهود الحربي بالدعم والخدمات وكذلك في المجهود المعنوي لإشعال جذوة الثورة ولكنهن لازلن خارج دائرة الحراك السياسي الحقيقي والتشكل السياسي المنظم سواء بشكل مستقل عن النشاط الذكوري أو حتى داخله.....إن حق المرأة في مشاركة الرجل بناء المستقبل وحماية موقعها كانسان يتمتع بحقوق المواطنة السياسية هو حقيقة  لانتحدث عنها لكننا نبحث في الآثار والمظاهر التي تثبت هذه الحقيقة وتدعمها على ارض الواقع السياسي.

فكل التجمعات السياسية التي وجِدت وتشكلت في فترة"زمن الحرب " هي بقيادة الرجال وحدهم وان وجود المرأة كان معدوما بها من حيث التأثير و المشاركة الحيوية والمبادرة لتقدم الصفوف..  لقد عجزت النسوة  حتى ألان عن تشكيل كيان "نسائي سياسي" كامل تحت أي مسمى يعلن عن نفسه وسط مجتمع الذكور و يقوم  باحتواء الثائرات من الإناث  المسحوقات الغير متعلمات ويضع  لهن منهج عملي لخلق الوعي والتصورات لمستقبل الواقع السياسي وأوليات الإصلاح التشريعي لمصلحة النساء  وتحديد الدور الممنوح للمرأة بداخلة... و لان الشيء بالشيء يذكر..... فمن ذاكرة تكوين المجلس الوطني في ساعات مخاضه الأولى انه قد جاء خاليا من مشاركة  أي فاعلية نسائية ..وتم تعديل الموقف وتداركه سريعا بالسماح لآحادهن بالحضور ضمن هيكليته من باب مغازلة المجتمعات والحكومات  الغربية "لدرء شبهة الانتماء لتنظيم القاعدة.".. ففي اللحظات الحاسمة أفصح الرجال الليبيون عن مكنون قناعتهم بالنسبة لدور المرأة السياسي....أن الوعي النسائي واليقظة بأهمية عمل التنظيمات السياسية كنواه للممارسة السياسية وإنشاء الأحزاب واحتلال مكان داخل المشهد الاجتماعي والسياسي للمساهمة والتأثير في حركة التغيير الفعلي يستوجب من النساء الليبيات الخروج من المفهوم النفسي والذهني والمتمثل في مناشدة ذكور المجتمع "أن يرفقوا بالقوارير " و عليهن الإمساك بتلابيب الفرصة التاريخية التي أتيحت لهن ومعرفة أن العمل التطوعي والمشاركة في المجهود الحربي والظهور الإعلامي الباهت والخجول والمتواضع لبعض الأسماء والوجوه النسائية وإسناد بعض الوظائف البرَاقة لهن..لايكفي لعودة نصف المجتمع المبتور لمكانه....أن قانون تنظيم الانتخابات سوف يسمح للنساء بالتصويت ولكنه لن يقول لهن أن نسبة أصواتهن  وفقا لتعداد المجتمع الليبي وتصنيفه بين الذكور والإناث سوف يجعل نسبة51% من الأصوات الانتخابية للنساء أي إن أهم أوراق  لعبة الديمقراطية للوصول للبرلمان والحكم  ستكون بيد النساء. ولكن أين رائدات العمل النسائي.. ؟  أين قيادات الحركة النسائية؟ لانعلم هل ستكون القيادات النسائية التي ستخوض التجربة محجبة ام سافرة كما اننا لانعلم هل سيكون هناك جدلا حول هذة المسألة ام انها ستمضي وتمر بسلام . لقد بدأت بعض الاصوات الغير بريئة تلمح وتسوق لتقسيم الفكر السياسي الليبي بعد الثورة الي علماني واسلامي على غير الحقيقة . ان اول المتضررين من شيوع هذا التقسيم هو الحريم النسائي.

لقد عادت العاصمة الى حضن الوطن وعانقها الثوار وبدأ الحراك السياسي بفعل عشرة في المئة من ابناء الوطن من الذكور في المناطق السابقة للتحرير واليوم يلتحق باقي ذكور ورجال المدن المحررة للمشاركة في هذا الحراك.

فهل ستحمل نساء الثورة اسلحة الديمقراطية لاقتحام ميدان السياسة ووضع بصماتهن على مشروع التغيير والحداثة؟

                                                  

 صلاح بوشويقير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق