الأربعاء، 10 أغسطس 2011

كلمة المحرر لصحيفة المنارة : ميزان المرحلة.. الأمن والعدل



كلمة المحرر لصحيفة المنارة 

ميزان المرحلة.. الأمن والعدل 

العدد السابع الجمعة 5-8-2011 

تسارع الأحداث في الأسبوع الماضي كشف عن تحديات تشكل جملة من الاستحقاقات تطلب طرحها والاتفاق على سياسات واضحة للتعامل معها، ويمكن تحديد هذه الاستحقاقات في : أولا الاختراقات الأمنية التي تمثلت في حادثة اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس وما تبعها من إجراءات أدت إلى انكشاف وتفكيك الكتيبة المسماة نداء ليبيا. وثانيا مؤشرات عن خلافات بين أعضاء المجلس والمكتب التنفيذي والتي برزت من خلال تضارب التصريحات التي جاءت على خلفية اغتيال اللواء، وثالثا سياسة التعيين في المراكز الحساسة والتي لم تزل محل جدل وخلاف. 

فالاستحقاق الأول يفرض على المجلس والمكتب التنفيذي تحديد سقف زمني محدد لتنظيم الموضوع الأمني داخل المدن المحررة تحت مكتب الداخلية؛ فحتى اللحظة توجد اجتهادات لكنها ليست محل اتفاق، وهناك خلاف واضح بين عودة الأجهزة الأمنية السابقة أو عقليتها وبين تطوير الأجهزة والكتائب التي أنشئت بعد الثورة، وإذا استمر هذا الخلاف من غير حسم سوف تتكون آليات من المنافسة قد تكون مشابهة لما حصل في حالة الجيش والثوار والتي إلى اللحظة لم تحسم بعد . 

وعليه فإن الملف الأمني يتطلب بإلحاح ضرورة المسارعة لتأطيره رسميا والعمل على ترتيب ملف العدل والمنظومات المصاحبة له بما يكفل توزع السلطات بشكل يحقق العدالة؛ فإذا كانت حادثة اغتيال اللواء كشفت عن اختراق أمني، فإنها في نفس الوقت بينت وجود نقص في الإجراءات المتعلقة بملف العدل وما يتعلق به من القوانين والمحاكم والنيابات. 

صحيح أن ملف العدل مرتبط بقضايا الدستور لكن هذا لا يمنع من وجود حزم قانونية تنظم المرحلة وتتفاعل مع أحداث الأزمة ولا تتعارض مع البناء الدستوري القادم، بل من شأنها تحقيق العدالة وضمان الأمن والاستقرار في مرحلة الأزمة. 

بعض السياسيين ينظر بتخوف للكتائب الأمنية من الثوار التي لعبت دور مهم في الحفاظ على أمن المدن المحررة، وكشفت قضايا أمنية وساهمت في حفظ الأمن. ونتيجة لهذا التخوفات لا يوجد تنسيق على مستوى التخطيط والرؤية لملف الأمن داخل المدن المحررة بين المجلس والكتائب الأمنية ، كما أن هذه التخوفات تضع جميع الثوار في سلة واحدة من غير تمييز للمؤهلات القيادية والوطنية وكذلك للمرجعية التي تستند عليها هذه الكتائب . 

إن الحدث لم يكشف عن النقص القيادي والتنظيمي والإداري لدى الثوار، لكنه أظهر إلى السطح ما ترتب عن هذا النقص من إشكاليات؛ فبروز هذه الإشكاليات وظهورها للناس والإعلام ليس مشكلة في حد ذاته، بل المشكلة في عدم الاستعداد المسبق بما يلزم من وجود وسائل وأدوات تنظيمية تحفظنا من المفاجآت والاختراقات التي تهدد أمننا ونجاحات ثورتنا. 

نحن نسير في خطين متوازين؛ الأول إسقاط النظام، والثاني الاستعداد لعملية بناء الدولة، وبالتالي فإن تأخر إسقاط النظام فتح الباب إلى ضرورة اتخاذ إجراءات لوضع أسس تكون محل اتفاق تساهم في تحقيق الأمن والاستقرار في هذه المرحلة، والاستعداد والتهيئة لمرحلة بناء الدولة. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق