الأربعاء، 17 أغسطس 2011

الكل يجري اتصالات مع الكل؛ عن إمكانيات الحل السياسي


الكل يجري اتصالات مع الكل؛ عن إمكانيات الحل السياسي

خاص المنارة – هشام الشلوي

هكذا لخص آلان جوبيه وزير الخارجية الفرنسي، مجمل العملية السياسية الجاري التفاوض بشأنها، عل ليبيا تخرج من مأزق قدرت خسارته منذ السابع عشر من فبراير شباط الماضي، بآلاف القتلى والجرحى والأسرى، وما يزيد عن خمسين مليار دولار، ناهيك عن الآثار النفسية التي رُوعت بها مدن الغرب الليبي وجبله،كما أوفد نظام القذافي مبعوثيه إلى عواصم كبرى؛نيويورك، لندن، باريس. قالوا إن القذافي مستعد للتنحي عن السلطة، دعونا نجلس ونتحاور. كلما أطبق الثوار خناقهم وتقدموا في جبهة البريقة و زليتن والجبل الغربي، كلما رضخ القذافي للحل السياسي.


إجماع غربي، وإجماع ليبي له مخالف.

إلا أن أغلب الدوائر الغربية ومراكز صنع القرار والاستراتجيين، أجمعوا على أن لا بديل عن الحل السياسي، والذي يعني في أبسط أدبياته قبول الوساطة، أو الجلوس مباشرة على طاولة التفاوض والحوار مع ممثلين عن نظام القذافي داخل أو خارج ليبيا، في الوقت الذي يكاد أن يجمع فيه الثوار وخاصة المقاتلين منهم على الجبهات أن الحسم العسكري سيكسر شوكة كتائب القذافي، ومن ثم مسألة دخول طرابلس وتحريرها مسألة وقت ليس إلا.

كذلك راهنت جامعة الدول العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وهيأة الأمم المتحدة، وحلف شمال الأطلسي، على لسان أمينه أندرس فوغ راسموسن، على أن لا مفر من الحل السياسي، بعد أكثر من مئة يوم على بدء حلف شمال الأطلسي ضرباته الجوية للترسانة العسكرية التابعة لنظام العقيد القذافي، ورفض الثوار الليبيين إنزال أي قوات برية أجنبية على أرض ليبيا، معتبرين أن مثل هذا التدخل وإن كان حاسماً، إلا أنه احتلال أجنبي، وهذا ما قد يدفع أو يعطي حجة قوية للمتشددين في إدخال البلد في حالة من الفوضى.

كما أن دول حلف شمال الأطلسي، وخاصة الكبار منها؛ أمريكا، بريطانيا، فرنسا، ليس لديها استعداد لإجراء إنزال بري على أرض ليبيا، وخسارة أي من جنودها نتيجة قتالها لكتائب القذافي، خاصة وأن أغلب هذه الدول مقبلة على انتخابات رئاسية وبرلمانية مطلع العام القادم، ولا يوجد أدنى استعداد للأحزاب الحاكمة في تلك الدول أن تضع مصيرها السياسي على محك الصحراء الليبية، وكما يقولون، أنا ومن ورائي الطوفان.


الحديقة الخلفية تدير وجهها.

اعتبر بعض المراقبين أن أمريكا دخلت بقوة على المسألة الليبية بدءاً من مؤتمر اسطنبول 15 يوليو تموز، والذي اعترفت فيه بالمجلس الوطني الانتقالي، كما اعترفت فيه أيضا دول الحلف الأوروبي- وفق وجهة النظر تلك- من طريق خفي بعجزها عن الاستمرار في العمليات الجوية دون مساندة الولايات المتحدة الأمريكية، وكأن أمريكا أعطت درساً للأوروبيين المتحمسين للقضية الليبية، والذين يعتبرون ليبيا حديقة خلفية لهم، بأنهم في ظل أزماتهم المالية الحالية، وما يتعرضون له من ضغوطات شعبية في بلدانهم بسب الاقتصاد، لن يكونوا قادرين على حسم صراع مع أنموذج كالقذافي.

بعد لقائه بأعضاء من المجلس الوطني الانتقالي صرح مبعوث أمريكي رسمي، أن  المجلس الانتقالي  منشق على نفسه بشأن بقاء القذافي في ليبيا بعد تنحيه عن السلطة. خلاف أرجعه كثير من المتابعين للثورة الليبية إلى رضوخ الانتقالي الوطني لرغبات الشارع الليبي الداخلي، والذي أفشل أكثر من مبادرة، حاولت أطراف رسمية تمريرها، كمحاولة عبد الرحمن شلقم المنشق عن نظام القذافي عقد مؤتمر للحوار الليبي بروما تحت رعاية شركة إيني الإيطالية النفطية.

بعض رؤى الحل السياسي.

أكد بعض مؤيدي الحل السياسي، أن الحسم العسكري، لم يثبت جدواه حتى الآن، رغم كل الضربات التي وجهت للنظام وآلياته العسكرية، كما أن الحسم العسكري قد يعني دمار طرابلس بالكامل، خاصة وأن مقربي القذافي فخخوا أكثر من خمس مئة سيارة بتعليمات منه، ونصب عدة صورايخ تحيط بمدينة طرابلس، في حالة تشديد الخناق عليه، قد يعمد إلى إدخال طرابلس في سيناريو الفوضى ، مما يمنحه وقتاً للفرار هو وأبناؤه وأركان نظامه.

قد يطالب القذافي ببقائه في ليبيا تحت حراسة دولية بمنطقة يتم الاتفاق عليها كتفصيل لاحق، وعدم اللحاق به جنائياً أو مدنياً داخل ليبيا، وإسقاط الملاحقة الدولية عنه بضمانات أمريكية روسية، وعن كل من قد تطالهم مذكرات المحكمة الجنائية الدولية من أبنائه أو أركان نظامه، في الوقت الذي يسحب فيه كل كتائبه وتفكيكها، وإخراج مرتزقته خارج ليبيا، وتفكيك كل منظومات الصواريخ المنصوبة حول طرابلس، والسيارات المفخخة.

بل إن تسليم السلطة قد لا يكون كما يتوقع البعض للمجلس الوطني الانتقالي برمته، إذ أن القذافي حسب ما ورد من معلومات قد يشترط أن يكون التسليم لمجلس رئاسي به أعضاء يسميهم هو كنوع من الضمانات المقدمة له، وقد سربت وسائل إعلام غربية مثل هذا الخبر كنوع من جس النبض لكل الأطراف المعنية في لعبة، لا يمثل الثوار أو مجلسهم الانتقالي كل خيوطها ، أو بمعنى آخر قد لا يكونون الطرف الأقوى في فرض شروط التسوية.   

هل دماء الشهداء جزء من الأزمة، أم من حلها.

فهل سيقبل  المجلس الانتقالي بهكذا حل سياسي، وهل سيخرج من عباءة الثوار التي باتت ترهقه عند محاولة إجراء مفاوضات مع ممثلين لنظام القذافي، أو وسطاء غربيين؟.
وهل سيتعاطى الثوار مع الحلول السياسية، جاعلين تضحيات الشعب الليبي جزءاً من حل الأزمة، لا جزءاً من عرقلتها؟ على قابل الأيام أن ينبئنا بذلك.            

نشر في العدد الثامن المنارة الورقية
12-8-2011



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق