الخميس، 4 أغسطس 2011

إبراهيم محمود : هل سينجح النظام في تفريق صفوف الثوار؟


    


     صرح سيف القذافي لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن أسرته قد توصلت إلى اتفاق مع المتمردين الإسلاميين للقضاء على ‏المعارضة العلمانية التي تطالب برحيل والده. وأكد سيف للصحيفة أنه فاوض على اتفاقية مع علي الصلابي أحد القادة الإسلاميين في ‏شرق البلاد الخاضعة لسيطرة المتمردين. دون الإشارة إلى نوع هذا الاتفاق، فماذا يقصد هذا الابن الضال من ذلك؟ ‏

      في الواقع أن مقتل عبد الفتاح يونس ونشر الشائعات بأن الإسلاميين هم من قاموا بذلك هي لعبة يحاول النظام أن يشق بها صفوف ‏الثوار من خلال نشر الفتنة بين معارضيه الذين يصف بعضهم بالعلمانيين، وبين البعض الأخر ممن يدعوهم إسلاميين، في مسعى للزج ‏بقبيلة العبيدات للعب هذا الدور دون أن تشعر لاسيما بعد أن عجز النظام في الأشهر السابقة منذ بداية الثورة في بث الفتنة والتفرقة بين ‏القبائل. وها نحن الآن نسمع أصوات خرجت من الثوار تدعو إلى إقالة عدد من أعضاء المجلس الوطني الانتقالي على خلفية اغتيال قائد ‏قوات الثوار اللواء عبد الفتاح يونس وهي خطوة لا يبدو أنها سليمة ولا تصب في مصلحة مسار الثورة فليس الآن الوقت المناسب لتصفية ‏الحسابات ولكن يبدو أن النظام قد بات بين قوسين أو أدنى من تحقيق مراده في شق صفوف الثوار. 


      من خلال قراءة متمعنة بين الأسطر تشم رائحة الفتة من خلال تقسيم سيف للمعارضة بين تيار إسلامي يضع على زعامته على ‏الصلابي وتيار علماني دون إشارة لاسم محدد لزعيمها وفي مسعى واضح إلى إثارة الشقاق بين التيارين، وذلك من خلال نشر النظام منذ ‏البداية خبر مقتل اللواء يونس على يد الإسلاميين بعدة روايات:‏

أولها: أن الإسلاميين هم من قاموا بقتل يونس بحجة أنه كانت له يد في مقتل سجناء أبو سليم ولكننا للأسف لم نسال أنفسنا ألم تظهر ‏قضية أبو سليم على السطح قبل الثورة بكثير ومع هذا لم نسمع بأن زج باسم اللواء عبد الفتاح يونس بين أسماء المجرمين الذين قاموا بهذا ‏العمل في الوقت الذي كان فيه المدعو عبد الله السنوسي هو ابرز الشخصيات المتهمة في هذه القضية.‏

وثانيها: بأن اللواء عبد الفتاح يونس كان السبب في تعطيل جبهة البريقة مما رفع من وتيرة غضب الثوار فقاموا بقتله للتخلص منه من ‏خلال إشاعة خبر مدسوس بأن يونس كان على اتصال مباشر مع القذافي ويتعاون معه في إفشال الثورة بل أن الشائعات وصلت إلى حد ‏أن القذافي وصف يونس بأنه ذراعه اليمنى في بنغازي وان انشقاقه عن النظام ما هو إلا انشقاق صوري بسبب ضغط قبيلته.‏

     لا شك أن النظام كان يراهن في انتصاره على عاملين أحدهما عجز عن تحقيقه وهو أن يحدث انشقاق في صفوف الناتو بسبب ‏طول أمد الحرب، غير أن تصريحات رسموسون الأخيرة بعزم الناتو لمواصلة القصف إلى أن يتنحى النظام، قد بددت الأمل لدى القذافي ‏في تحقيق هذا المراد وبات مقتنعاً الآن أنه لم يعد أمامه إلا عامل واحد وهو شق صفوف الثوار وهو الأمر الذي يبدو أنه بات يقترب إلى ‏تحقيق بوادره.    

    أما في مسار الجبهة الغربية عند منطقة تيجي يبدو أن الثوار قد بدأ يدب بينهم الانشقاق أيضاً من أجل خلافات بين القادة الميدانيين ‏مما زاد من حفيظة وغضب مُقاتلو المعارضة في منطقة الجبل الغربي. لقد راهنا جميعاً على أن الجبهة الغربية كانت تمتاز عن الجبهة ‏الشرقية بالتماسك والصلابة حيث يعلم النظام انه لا وجود لتيارات إسلامية هناك بحيث يمكنه أن يوظف تواجدها هناك لبث الفتنة والشقاق ‏ولكن يبدو أن بطء تقدم الثوار في هذه الجبهة وعدم تحقيق انتصارات حاسمة ربما يكون عاملا يعول عليه النظام في شق الصف. فهل ‏سينجح النظام فيما يصبو إليه؟

     تخضع إجابة هذه التساؤلات فيما سيتخذه الثوار من قرارات حاسمة من خلال توحيد اللحمة الوطنية وإنها خط احمر لا يمكن التلاعب ‏به وأن يثبتوا للنظام بأن كل مساعيه هي كالحرث في البحر وأن هدفهم الوحيد الآن هو إزالة بذرة النظام من ليبيا إلى الأبد. ولهذا انصح ‏رئيس المجلس الانتقالي بان يقوم باجتماعات مكثفة مع كل قبائل برقة والمنطقة الغربية والتوقيع على ميثاق شرف موحد بين كل القبائل ‏بأن يتكاثفوا وأن يقفوا صفا واحداً وأن يقفوا بالمرصاد ضد كل من تسول له نفسه خدمة النظام حتى وإن كانوا من أبنائهم وبهذا يبقى هذا ‏الميثاق عهد شرف بينهم يلتزمون به حتى تتحرر البلاد. 

  

    إبراهيم محمود

         لندن  ‏ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق