الخميس، 7 يوليو 2011

فاضل المسعودي : رحل النبيل فتحي الخوجه كبير مرافقي الملك ادريس



الى الأمة الليبية ،

الى كافة شرفاء  الوطن وأخياره وأحراره ، والى الطيبيين والأوفياء ممن تبقوا على ترابه ، ببالغ ‏الأسى والاسف  وعظيم الحسرة  ينعي المواطن الليبي فاضل  المسعودى ،النبيل والوجيه ، ‏السيد  فتحي الخوجه ، كبير التشريفاتية فى ديوان المغفور له ، ملك ليبيا الراحل السيد محمد ‏ادريس السنوسي ، الذى وافاه الأجل المحتوم ، الساعة التاسعة والنصف من صباح يوم الثلاثاء ‏، الخامس من يوليو ، بمدينة طرابلس ، بعد أكثر من  أربعين سنة ، من العزلة والاعتزال ‏والبقاء فى منزله ، ومعاناة طويلة وقاسية من العوز والمرض والاقامة شبه الجبرية ، ولم يكن ‏يزوره  الا عدد قليل جدا من الرجال الشجعان والأوفياء والذين لم ينقطعوا عن تفقد أحواله ، ‏طوال هذه السنين ، وعلى رأسهم رجل الأخلاق الحميدة و التقوى والصلاح  ، النائب البرلماني ‏الأسبق عن مدينة زوارة ، الأستاذ عبد العزيز فطيس ،أمد الله فى عمره وأعاد له الصحة ‏والعافية .‏
فتحي الخوجه  ، أحد  أبناء ليبيا البررة ، وو احد من سراة مدينة طرابلس الكبار ، ولد فى ‏11‏ ‏ديسمبر ‏1920‏ ، وتلقى تعليمه الأوّلي والمتوسط بمدارسها القرآنية والنظامية العصرية قبل أن ‏يلتحق بالأزهر ويتحول فى القاهرة الى أسطورة ونموذج نادر المثال  بين أوساط الطلبة الليبيين  ‏فى ذلك العصر ،على  الجدية والاجتهاد فى الدراسة  والاستقامة والأخلاق العالية ، وهي نفس ‏الصفات والشخصية  التى عرف بها أثناء وجوده فى المنصب الذي أختاره له بعد قيام الدولة ‏الليبية ، الملك ادريس نفسه ( كبيرا للتشريفاتية فى الديوان الملكي ) والذي جعل الناس ‏يجمعون على نعته " بالنبيل " فتحي الخوجه ، وهو اللقب الذي كان ينعته به زملاؤه من ‏الطلبة الليبيين فى مصر، وبقي يلاحقه   فى البلاد الذي ألغى فيها ملكها ، الألقاب الشرفية ‏بعد الاستقلال ،  وحرص على عدم وجود أسرة مالكة أو  أمراء ونبلاء وكل ما يمايز بين  ‏المواطنين من ألقاب  عالية ورموز ذات شأن فى المملكة الليبية الدستورية !‏
وكان فتحي الخوجه الذي يتولى هذا المنصب الرفيع فى المملكة و يعيش الى جانب الملك ‏ويظهر فى معيته على الدوام  ، يقيم  فى شقة متواضعة لا يملكها ، ثم عندما انتقلت أسرته ‏الى ( فيللا ) فقد كانت مؤجرة ! ورفض بعد ذلك القبول بتمليكها يوم أن " بُلّغ " بأن ( البيت ‏لساكنه) فى شريعة السلطة بعد " الفاتح من سبتمبر ‏69‏  ، وقال لهم : انه  استأجر هذه الفيللا ‏من مالكها بالتراضي وانه ملزم بدفع الايجار له حتى وان اضطر هذا المالك للخروج من البلد ! ‏
فتحي الخوجه ، لم يشتر سيارة بالتقسيط ، ولم  يعرف عنه أنه تدخل ذات يوم  فى شأن من ‏شئون الدولة أو سعى فى مصلحة  شخصية أو خاصة أوتجاوز حدود وظيفته الرسمية فى أي ‏أمر من الأمور ، وعاش مرافق الملك ادريس ، مواطنا بسيطا ومتواضعا وزاهدا فى كل ما ‏يُمكّنه منصبه الرفيع فى الدولة من ظهور ومظاهر ووجاهة وشأن ! ‏
وها هو ذا ، الرجل الكبير النبيل ، يغادر هذه الدنيا وليس عليه دين  أو فى عنقه جميل  من ‏أي طرف .. عاش فى الظل ، رجلاً زاهداً  متواضعاً  تقياً فقيراً وشريفاً ، نظيف اليد وعفّ ‏اللسان ، ولم يظهر  فى هذا المشوار المضنى والحافل بالأحداث من حياته من يدعي أنه أساء ‏لأحد أو قصر فى واجب  !!‏
ولا بدّ أن من بين الليبيين من لا يزال يتذكر " وقفتهُ " الشجاعة أمام  (محكمة الملازم بشير ‏هوادي ) يقول شهادته العظيمة فى حق " الملك ادريس " ومعرفته بصلاحه وتقواه ، ويصيح  ‏فى وجه " العسكري " الذي نصّبوه " قاضيا " يتعمد شتم الناس فى الدولة التي قوّضت ويتهجم ‏على كبار رجالها  ! عندها صرخ الرجل فى وجه هوّادي وزملائه القضاة  قائلا :     (أتريدون ‏أن أشهد بغير الحق ! أتريدون أن تقتلوا رجلا يقول ربي الله ؟؟ )‏
ذلكم هو الرجل العظيم ، الشجاع النبيل ، الذي غادر دنيانا أمس ، بعد أكثر من اربعين سنة ‏من العزلة والمرض والحصار النفسي والمادي ، على مقعد متحرك فى منزله ، دون أن يتمكن ‏من العلاج على حساب الدولة فى الخارج ! ، بل ، ودون أن يتمكن من علاج قرينته عندما ‏داهمها المرض ، الا بعد أن اضطرت الى بيع ما ورثته عن المرحوم والدها ، لتوفر ثمن ‏التذكرة ومصاريف السفر وتكاليف العلاج فى بريطانيا ! ورغم ذلك ، فلم  يفقد الرجل الشجاع ‏الصبور، يوما ابتسامته المشرقة  ولا تفاؤله العظيم بالمستقبل  ولا ذاكرته القوية وهو يروي ‏الأحداث ووقائع التاريخ لزائريه ، ولم تتزعزع  ثقته  فى عدالة الخالق .  ‏
وها هو الآن بين يدي الخالق الذي هو وحده ، الواحد الوحيد الأوحد الذي يبقى ، وغيره أيا كان ‏شأنه  وجبروته وضجيجه ، الى زوال  .‏
رغم هول  المصاب و حجم الفجيعة على رحيل رجل فى مثل قامته  ، والحزن الجارف الذي ‏يجتاحنا جميعا على وفاته ، فليس فى وسعنا الا الدعاء اليه تعالى ، أن يتغمده  بواسع رحمته ‏وأن يلهم ذويه ومواطنيه وعارفي قدره ، جميل الصبر.‏
وتعازينا الحارة لانجاله الكرام  الأساتذة مسرّ  ومعزّ  وميسّر  : وشقيقه السيد محرم الخوجه ‏‏,واسرته ، وأسرة وأنجال شقيقيه المرحومين محمود ومصطفى الخوجه وأنجال وأسر كل من ‏الراحل العظيم محمود المنتصر رئيس الحكومة الليبية الأسبق،  والى أسرة القرمانلي وميزران ‏وبن زكري والكعبازي  وصديق عمره وعديله ، النائب البرلماني المحترم ، وزير العمل  ‏والشباب الأسبق ،  الصحفي القديم  ،الأستاذ عبد المولي لنقى ، له ولجميع الأصدقاء ‏والمعارف  أحر التعازي  وعظيم المواساة ، و،انا لله وانا اليه راجعون

هناك تعليق واحد:

  1. بالله معروف منكم ياجماعة المنارة تنشروا هالطلب

    ياريت الاستاذ فاضل المسعودي يبعتلي ايميله
    الموضوع شخصي وانا ابحث عنه منذ مدة ولم استطع الحصول علي عنوانه
    انا ابن صديقه وليد محمد الصيد
    ايميلي
    booka18@hotmail.com

    أو يراسلني عن طريق مدونتي http://walidessid.blogspot.com

    ولكم جزيل الشكر

    ردحذف