الجمعة، 3 يونيو 2011

من أنت؟


من أنت؟
بقلم\ بنت بلاد
وقف فجأة، نهض الجميع بسرعة حتى أن بعض الكراسي وقعت على ظهرها إلى الخلف بعد أن دفع بها البعض وهم ينهضون كالجمال.
هكذا هو.. يحل بينهم فجأة، يرغي ويزبد، يتوعد، يصرخ في وجوههم، يرمي بالأوراق على صدورهم أو تحت اقدامهم.... يمسك بتلاليب ملابسهم يهزهم بها ثم ينفض اصبعيه منها....وصل به الأمر لحد قذف ما تتلقفه يده بهم... كعلبة مناديل الورق أو العصا التي يهش بها الذباب المتجمع حوله، أو كوب ماء امامه ترتعش على سطحه صور الواقف امامه.
لا يسمح لأحد بالجلوس إلا إذا أومأ اليه بذلك... وإلا ظل واقفا يستبدل اتزانه من قدم لأخرى، يتمتم بتعليقاته ويأكل أغلب الحروف ويفترض أن يفهم من في حضرته كل كلمة. لا يتحدث مضيفه إلا إذا وجه اليه سؤالا دون أن يوجه اليه ناظريه. يرفع ويمد رقبته إلى أقصى درجة حتى يتهيأ لمن أمامه ان رأسه ستسقط إلى الخلف ثم تسحب جسده من خلفه.
 مقل في الحديث، وإذا نطق لا يتوقع مقاطعة بل صمت مطبق من حوله إلا من اهتزاز باب خيمته أو وقع اقدام حراسه السريعة. إذا ابتسم، تبسمت شفاههم، وإذا ما ضحك، ضحك الجميع دون حتى معرفة السبب، وإذا ما وجه نظره إلى أحدهم أو نطق بإسمه ارتعشت فرائصه وفارت الدماء في فروة رأسه.

هكذا هو ما دون الإله قليلا أو يكاد يكون.....
وحين تفتحت البراعم في الطرقات في ذلك اليوم، لم يصدق أن الأرض مازالت خصبة وأن البراعم وأن طال أمد نموها إلا أنه حان تفتحها في ذلك اليوم، رفض أن يصدق عينيه، وحين تناهت اليه الأصوات المطالبه برحيله قال أنها اصوات تطالبه بالبقاء.... كان يعلم أن اعوانه يجلبون الفتية بالمال ويطلبون منهم التغني والهتاف بأسمه، ورغم ذلك ينتشي حين يراهم ويلوح لهم بكلتا يديه.
أمر بإقتلاع الأعواد الخضراء من جذورها، وقطع البراعم من تويجاتها، وتمزيق اوراقها... أمر بإفتراش التراب بطبقات من الأسمنت حتى لا تنمو السيقان من جديد.... أمر بالتدمير والحرق والسحل والأذى والتعذيب وفض البكارة وازهاق الروح بضغطة واحدة على الزناد.
نسي أنه وكلما أمعن في الشر، عم الخير.. وأن الشعب كموج البحر يتجدد ويعود يقذف الشاطئ بعد انحسار، وأن الجذور تنبت البراعم كلما كسروا عودها، وأن الرياح والمطر تذيب الأسمنت وتخصب التراب، وأن التوق للحرية من أبجديات الحياة.

12. 4. 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق