إن طبيعة الطغيان، وشأن الطغاة أنهم لا يحبون أن يُجادلوا، ولا أن يُناقشوا، ولا أن يحاوروا؛ لأنهم حينها يحسون بهزيمتهم أمام انتصار الحق، وأمام انتصار إرادة المظلوم، وانتصار الإيمان والعقيدة؛ فحينها يلجأ هؤلاء الطغاة إلى التهديد بالقوة والقمع والبطش.
لا يكتف الطغاة برفضهم للأصوات المطالبة بالحقوق، والقيام بالقسط، واتباع سبيل الهدى، والانصياع لصوت العقل، وسماع القول الرشيد، لا، بل يطلبون من خصومهم أن يعودوا تحت سلطانهم، ويعودوا في ملتهم. وأي ملة تلك؟
ولكن، ألا يعلم أولئك الطغاة أنه لا يمكن لإرادة تمردت على الظلم والطغيان أن تعود لحظيرة التجدين والمهانة مرة أخرى أبدا. فبعد أن انطلقت تلك الإرادة حرة أبية متأبية على تهديد الطغاة، يعسر عليها أن تعود إلى طأطأة رأسها بعد أن تنسمت رياح الحرية!
قال الشاعر، وهو أبو القاسم الشابي رحمه الله:
ألا أيها الظَّالِــمُ المستَبِدُّ * حَبِـيـبُ الظَّلامِ عَدُوُّ الحيــاهْ!
سَخِرْتَ بأنّــاتِ شَعْبٍ ضَعيفٍ * وكفُّكَ مخضوبةٌ من دِمـاهْ!
وَسِرْتَ تُشَوِّهُ سِحْــرَ الوجودِ * وتبذُرُ شوكَ الأسَى في رُبـاهْ!
رُوَيدَكَ لا يَخْدَعَنْك الرَّبِيــعُ * وصَحْوُ الفَضاءِ وضَوْءُ الصَّباحْ
ففي الأُفُقِ الرَّحْبِ هَوْلُ الظَّلام * وقَصْفُ الرُّعُودِ وعَصْفُ الرِّياحْ
حَذارِ فتَحْتَ الرَّمـادِ اللهيـبُ * ومَن يَبْذُرِ الشَّوكَ يَجْنِ الجراحْ
مع تحيات: الطاهر الفيتوري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق