الخميس، 26 مايو 2011

سليم نصر الرقعي : حول خارطة الطريق المطروحة للنقاش!؟




كالعادة فما أن صدر مشروع "خارطة الطريق" عن المجلس الوطني [1] حتى وجدنا من يقف ليصرخ في بوق الخطر : "إنها مؤامرة ومحاولة لسرقة الثورة"!!..مع أن هذه "الخارطة" مطروحة للنقاش الوطني العام ولا تملك سلطة الإلزام بعد!.

شخصيا ً لا أعتقد وجود مؤامرة من قبل بعض أعضاء المجلس الوطني كما يحاول البعض الإيحاء لنا بذلك!.. مع أنني – ومن حيث المبدأ وبشكل عام - وفي إطار اللعبة السياسية لا أستبعد شيئا ً!..فأنا بشكل شخصي وعام لا أطمئن كثيرا ً للساسة ومن ينخرطون في لعبة السياسة مع إعترافي بضرورة وأهمية الدور الذي يلعبونه في حياتنا العامة وأدعو إلى ضبطهم وربطهم بقوانين سياسية صارمة في ظل نظامنا الديموقراطي التعددي المرتقب كما هو حال ضبط وربط "التجار" بقوانين صارمة في نظام السوق الحرة!..فالسوق السياسية في إعتقادي لا تختلف كثيرا ً عن السوق التجارية!..فبدون وجود قوانين صارمة ورقابة ومحاسبة عامة تضبط وتحكم نشاط هؤلاء وهؤلاء وتضمن إستقامة سلوكهم السياسي أو التجاري فإن الإستبداد والفساد لابد وأن ينمو ثم ينتشر ويعم ثم يستعر ويطم وتؤول الأمور – في نهاية المطاف - إلى خراب الحياة العامة!.

ضرورة ووجوب وجود "خارطة طريق" واضحة متفق عليها!؟
عموما ً قمت بالإطلاع على "خارطة الطريق" التي طرحها مجلسنا الوطني الموقر للنقاش ووجدت أنها – ومن حيث المبدأ – تصلح كمنطلق للمناقشة العامة فهي – كما فهمت - مجرد "مشروع" مطروح للنقاش والتعديل والإثراء وبالتالي على القوى السياسية أن تعمل على تطويرها وإثرائها وتعديلها فهي ليست قرآنا ً منزلا ً من لدن عليم حكيم !!.. بل هي تعبر عن إجتهاد إخواننا في مجلسنا الوطني  فهي مسودة للنقاش العام لخارطة الطريق اللازم إتباعها بعد سقوط نظام القذافي والقضاء عليه بالكامل.. فوجود "خارطة طريق" هو أمر مهم للغاية بالفعل حتى تكون الأمور واضحة أمامنا بل وأمام العالم وخصوصا ً الدول المتعاطفة والمتحالفة مع الشعب الليبي!.. فالعالم من حولنا لا يحب الغموض أو التحرك خبط عشواء نحو المجهول لذلك لابد من "خارطة طريق" تقول لنا وللعالم من حولنا : ماذا سنعمل بالتحديد فور سقوط نظام العقيد؟ ماهي الخطوات التي سنتبعها لبناء نظام ديموقراطي مستقر!؟.. كذلك الحال بالنسبة لوجود حكومة مؤقتة لتصريف الأعمال العامة في المرحلة الإنتقالية هو أمر ضروري.
رؤيتي لخارطة الطريق ؟
يتم إقتراح  مشروع أو مسودة الدستور من قبل لجنة وطنية من شخصيات "أكاديمية"  متخصصة في الفقه الدستوري والقانون يتم إختيارها من قبل "مؤتمر وطني عام" موسع – هو بمثابة جمعية وطنية عمومية –  يضم كافة ممثلي المناطق وممثلي القوى السياسية الموجودة في الساحة حيث سيذوب أعضاء المجلس الوطني في جسم هذا المؤتمر الوطني العام الموسع ويصبحون  جزءا ً بسيطا ً منه وينحل بالتالي هذا المجلس الوطني المؤقت والمصغر .. ثم يتم عرض مسودة أو مشروع هذا الدستور "المقترح" على الشعب وقواه السياسية والمثقفة بهدف إخضاعه للنقاش الوطني العام خلال مدة زمنية كافية لا تقل عن "شهر" ولا تزيد عن 3 أشهر في تقديري الخاص .. ثم بعد إنتهاء مدة النقاش العام وإستجلاء المواد المجمع عليها والمواد المختلف فيها يتم عرض هذه المواد المختلف حولها للإستفتاء الشعبي العام جملة واحدة [2] .. فما العيب في هذا ؟؟؟.. فلجنة الدستور ستتابع الحوار الوطني بين كافة القوى السياسية بشكل دقيق لتتعرف على أهم المطالب الدستورية المجمع عليها  وتضعها في إعتبارها ثم تقوم بالدعوة إلى إجراء إستفتاء على المواد المختلف فيها بين القوى السياسية وبالطبع فإن مشروع هذا الدستور لن يكون ملزما ً حتى يوقع عليه المواطنون الأحرار من خلال عملية التصويت في إستفتاء شعبي عام!.
النقاط المتوقع أن تختلف حولها القوى السياسية!؟
وبحكم إنخراطي بساحة المعارضة الليبية ومعرفتي بالحساسيات السياسية و"الإيديولوجية" داخل القوى الوطنية فأستطيع أن أجزم بأن أهم النقاط الدستورية التي سيكون الخلاف حولها بين هذه القوى السياسية والتي ستحتاج إلى الإستفتاء حولها قبل الإستفتاء على كل الدستور جملة واحدة هي كما يلي :
(1) نظام جمهوري أم ملكي دستوري؟
(2) فإذا قرر "الشعب/السيد" أنه يريد نظاما جمهوريا ً - وهو الراجح - فسيكون السؤال المطروح عليه هو كالتالي : هل يريد أن يكون هذا النظام الجمهوري رئاسيا ً أم برلماني ؟
(3) نظام مركزي أم إتحادي لا مركزي؟
(4) فإذا إختار النظام الإتحادي فعلى أي أساس سيكون هذا التقسيم أو التنظيم الإداري الإتحادي؟ هل على أساس الأقاليم أم المحافظات أم البلديات أم المدن!؟.
(5) هل يريد "الشعب/السيد" إدراج مادة تبين هوية المجتمع الليبي ودولته الوطنية كإدارج مادة تنص على أن الإسلام دين الدولة ومادة تنص على أن الإسلام هو المصدر الأساسي أو الأول للتشريع؟ وأن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة؟
(6) مدة رئاسة الدولة في النظام الرئاسي أو رئيس الوزراء في النظام البرلماني؟..هل هي 4 سنوات قابلة للتجديد لدورة ثانية وفق إنتخابات عامة أم 6 سنوات غير قابلة للتمديد؟
فهذه هي أهم النقاط الدستورية والمبادئ العامة التي من المتوقع أن تختلف القوى السياسية حولها وهي التي يجب بالإستناد إلى "روح الديموقراطية" طرحها للإستفتاء العام في صورة خيارات وأسئلة مطروحة على المواطنين الناخبين بحيث يختار كل مواطن الخيار الذي يعتقد بأنه هو الأفضل ثم يتم تحديد الخيار الذي حاز على أصوات غالبية الناخبين وإقراره كمادة في الدستور.
الأفضل عدم البدء من نقطة الصفر!؟
وأخيرا ً من الأفضل لنا كأمة وطنية تحترم ذاتها وتقدر إنجازاتها التاريخية أن ننطلق في صناعة دستورنا الوطني الجديد من خلال الإستناد على الدستور الأول القديم الذي قامت عليه هذه الأمة وهذه الدولة وهو دستور دولة الإستقلال .. فدستور دولة الإستقلال هو العقد الإجتماعي والسياسي التاريخي الذي إتحدت بموجبه شعوب الأقاليم الثلاث وقامت على أساسه هذه "الأمة/الدولة" الوطنية  ولا يعني هذا بالضرورة العودة للنظام الملكي ولكن المقصود هو إعتبار أن هذا الدستور كوثيقة وطنية أساسية ننطلق منها نحو إستكمال جهد الأباء المؤسسيين للدولة الليبية مع إجراء التعديلات والإضافات اللازمة التي يطالب بها الجيل الجديد من هذه الأمة الوطنية (الأمة الليبية) أي جيل ثورة 17 فبراير.. فالأمم التي تحترم ذاتها وتاريخها وتراثها لا تنطلق كل مرة تريد فيها تجديد نفسها وإعادة تقويم سيرها من اللاشئ !.. أو من نقطة الصفر!!.. بل تبدأ بما يتوفر لديها من تراث وطني محترم كنقطة إنطلاق للتصحيح والتنقيح وتجديد حيويتها وتحسين حياتها .. وما توفيقنا إلا بالله .. والله خير مرشد وخير معين.
سليم نصر الرقعي
[1] إطلع على خارطة الطريق المقترحة هنا :
[2] لا فكرة عندي ولا خبرة  حول أي الطرق أفضل وأعدل التي يتم الإستفتاء بها عندما تكون هناك أكثر من مادة أو موضوع يراد الإستفتاء عليه؟..هل الصحيح أن ندرجها كلها في بطاقة إستفتاء واحدة أم يكون هناك إستفتاء لكل موضوع بشكل مستقل!؟.. فهذا أمر فني يحدده المتخصصون في فن إدارة الإستفتاءات الشعبية .



هناك 3 تعليقات:

  1. انا في رايي قبل ان نناقش المسار السياسي لابدان يتم اولا تحييد دور الجيش مستقبلا من السياسة والي الابد وايجاد الاليات والوسائل الكفيلة بضمان ان لا يخرج احد المغامرين وهم كتر علي ظهر دبابة ليعلن انقلابه علي الشرعية .
    هذا الجيش الخائن للوطن ( مع احترامنا للشرفاء من الضباط ) قد وجه سلاحه الي صدور شعبه في ساعة الحسم .
    الشعب يريد تحييد الجيش
    ابن سوق الجمعة
    FREELIBYA16@GMAIL.COM

    ردحذف
  2. كلام كله واضح ومعقول جداً,,ولكن أُريد الأستفسار عن الفترة الحرجة التي أتمنا أن تكون قصيرة جدا وهي الفترة مابين سقوط القذافي ونظامه و تشكيل مؤتمر وطني عام,,ومع معرفتي الجيدة لتركيبة الداخلية للمجتمع الليبي التي من الممكن ان تكون غائبة علي أخواننا في الخارج بأنه سوف يكون هناك فراغ أمني خطير,وفي نفس الوقت لا أجد من يتكلم علي هذه الفترة بوضوح كافي.اولاً ازلام القذافي سوف يكونوا احرار حتي ولو لفترة قصيرة ولذيهم السلاح والمال..ثانية سوف تتخد قرارات شخصية وارتجالية من قبل اُناس تضررت من ازلام القذافي في فترة مابعد 17 فبراير ...وهناك مجموعة نقاط اخرى ولكن أكتفي بهذه النقاط في هذه المداخلة...واتفق مع اخي سليم بأنه لايجب علينا أن نلتلق من نقطة السفر كي لا نظلم سلفنا.

    ردحذف
  3. hope you are writing from Benghazi..

    ردحذف