الاثنين، 2 مايو 2011

صالح الزوي : رؤية ليبية حول الجوانب العملية اللازمة لتنفيذ قرار مجلس الآمن رقم 1973

لقد أكد المجتمع الدولي من خلال مجلس الامن أهتمامه بقضايا حقوق الإنسان وعزز مكانتها لترقي الي درجة أعتبار أي انتهاك لها تهديدا للسلام والامن الدوليين وهو ما يعني أن إتخاذ إجراءات وفقا للفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة ، وهنا يجب أن أشير أن هذا الفهم او التوسع كان لازما لمنع مذبحة كان التاريخ سيتحدث عنها لمدة طويلة وبالـتأكيد كان سيذ كر ان العالم تخلي عن عزل يقتلون من قبل حاكم حكمهم لمدة 42 عاما وليس لهم من ذنب الا قولهم نريد حقوقنا وتحسين أوضاعنا لنعيش في بلادنا بشكل يليق بنا .


قبل أن أدخل في الحديث عن القرار 1973 يجب أن أشير الي ان تحويل هذه الثورة من ثورة سلمية الي ثورة مسلحة ضد القذافي ونظامه ( وهذا الفهم مهم حتي يمكننا ان نوضح انها ليست أهلية) كان بفعل القذافي نفسه وقد قصد ورسم ذلك بمجرد متابعة أتباعه وأجهزته ورقابتها للانتر نت والفيس بوك بالتحديد، وذلك يثبت من خلال تنظيمه لمقابلات مع شيوخ القبائل وما يسمي بالقيادات الشعبية في كافة المناطق وأمرهم بأن يمنعوا خروج الشباب وتهديدهم وبكل وضوح بأنه سيقتل كل من يخرج يوم 17 فبراير حيث قال وبكل حزم " بأنه لا يملك غاز مسيل للدموع ولا مياه ساخنة لفض التظاهرات وان ماعنده هو رصاص حارق خارق لاغير" هذا التصريح يدل علي أن القذافي قد قصد وتعمد قتل شعبه والدفع نحو تحويل الثورة السلمية الي ثورة مسلحة وهو ما يتضح أيضا من خلال إدعائه بأن هؤلاء الثوار هم من القاعدة علي امل أن يصدقه العالم وبالتالي تطلق يده ليفعل بهم مايريد والحمد لله أن السحر أنقلب علي الساحر.

وبالعودة للقرار رقم 1973 يمكن القول أن المجتمع الدولي أراد حماية المدنيين وهو ما نجح فيه ولكن مع وجود بعض الملاحظات علي ماورد في القرار وطريقة تنفيذه من الناحية الواقعية، وهنا يجب أن نبرز الغاية الأساسية التي بني عليها القرار وهي حماية المدنيين من ألة القذافي التدميرية الانتقامية، تحقيق هذه الغاية من قبل المجتمع الدولي يتطلب ألتزام كافة أعضاء المجتمع الدولي بتطبيق القرار وهو ما  حيث يمكن ايراد الملاحظات التالية وكيفية التغلب علي هذه الصعوبات التي نري علي الاقل من وجهة نظرنا أنها تعيق تنفيذ القرار وتعطي القذافي الفرصة والوقت لاستمرار التمسك بالحكم.

1 – أن حماية المدنيين الليبيين يجب أن يتم بأتخاذ كافة الاجراءات اللازمة بدء بحظر الطيران الذي أستعمل لقتل المواطنين . تحت هذه الملاحظة يمكن ان يقال بأنها تناولت عصب القرار من حيث الهدف وهو حماية المدنيين وبالدرجة الاولي منع أستعمال الطيران سواء لقتلهم او كوسيلة لتغذية الحرب ضدهم من خلال جلب مرتزقة او أسلحة.

2 – أن القرار لم ينص فقط علي فرض منطقة حظر طيران وانما أيضا نص وبصراحة وبما لا يدع مجالا للشك أن المجتمع الدولي يملك أو له حق إتخاذ كل مايلزم لفرض هذه الحماية للمدنيين وقد كنت من ضمنهم أعرف تمام كيف كان الشعور في بنغازي عندما كانت قوات القذافي في أجدابيا. لقد كان شعور غريب يمزج بين الرضا بالموت وعدم الاستسلام ووضع صور مختلفة لهذا الموت وما يمكن أن يتم أبتداعه من وسائل لتنفيذ هذا الموت من قبل نظام قمعي دموي يعرف الليبيون دون غيرهم الوجه الحقيقي له.  لم يكن من أمل بعد الله إلا تحرك المجتمع الدولي وهو ما كان بطئ لدرجة الشك في أنه سيتم وقد انتظر فعلا اللحظة الأخيرة. أو أن تنتفض طرابلس وبقية المناطق التي لا زالت تحت سيطرة النظام وهو أمر كان مستبعدا نتيجة ماتتعرض له هذه المناطق قمع. فكان لا بد من حماية هؤلاء المدنيين.

2- القرار من حيث طبيعته صدر وفقا للفصل السابع وهو ما يعني عمليا أن للدول المنفذة له الحق في إتخاذ كل الخطوات اللازمة لتنفيذه العسكرية منها والقانونية والاقتصادية والدبلوماسية والسياسية. كما ان الدول الاعضاء في الامم المتحدة كلها ملزمة بهذا القرار والعمل علي تنفيذه، وبالتالي فدول الجوار (الجزائر – تونس- النيجر – تشاد – السودان – مصر) كلها ملزمة بحظر تسليح نظام القذافي وهو العنصر الثالث من العناصر الاساسية للقرار 1973 .

والمنع هنا لا يعني فقط أمتناع الجهات الرسمية للدولة عن القيام بذلك وانما فرض هذا المنع علي كل من يتواجد في أقليمها وأن تسيطر علي حدودها وتمنع التسلل من خلال هذه الحدود للمرتزقة والاسلحة والامدادات. وهذا واجب أعتيادي علي كل دولة تدعي أنها ذات سيادة ويزداد أهمية ويجب أن يعطي مزيدا من التركيز والاهتمام عندما يكون أمرا لازما لتنفيذ قرارات المجتمع الدولي الملزمة كالقرار رقم 1973 . وبالتالي الجزائر وغيرها وسواء كانت متواطئه ام لا يجب أن تقوم بإتخاذ كل الاجراءات الايجابية من أجل تنفيذ القرار 1973 وإثبات حسن النية في القيام بذلك وان لا تكتفي بالقول بأنها رسميا لا تدعم القذافي وإنما يجب أن تبين وبوضوح أنها تقوم بما عليها عمليا لمنع تسلل المرتزقة ودخول الأسلحة وألا فأن مسئووليتها ستكون مفترضة .

3- أن المجتمع الدولي وبالذات دول التحالف الدولي ينبغي عليها أن تقوم بتوجيه الضربات الي نظام القذافي بنفس المستوي والاداء الذي اتبع قبل انتقال قيادة دول التحالف الي منظمة الناتو أخذت في الأعتبار المراوغات والطرق الملتويه التي يمكن أن يتبعها هذا النظام الجاري. فأستعمال السيارات المدنية ووضع المدافع والرشاشات عليها، استعمال جنود بزي مدني للايهام بأنهم مدنيين ، او أدخالهم بزي مدني للوقوف في المعسكرات او باب العزيزية ونحن نعرف أن الاماكن الحيوية في ليبيا لا يمكن لاحد دخولها حتي في وقت السلم مابالك في هذه الظروف الأستثنائية.

وفي هذا الاطار يجب علي التحالف الدولي أن يقوم بضرب أرتال القذافي منذ اللحظة الاولي لتحركها من سبها او سرت او أي مكان أخر خاصة أن الاراضي الليبية مكشوفة ويمكن بالتالي أستهداف هذه الأليات ومن فيها بسهولة. وقبل دخولها للمدن والتستر بالمباني او المنازل. او أصطحاب المدنيين وهنا يجب أن نشير الي أن هؤلاء ليسوا مدنيين فهم ام عسكريين بزي مدني او لجان ثورية وتشكيلات مسلحة أخري تتبع النظام وتريد أثبات ولائها له ولو بقتل الليبيين.

4- أن يتم تسليح الثوار وبأسرع وقت بأسلحة يمكنها مجابهة ألة القتل القذافية وهي وسيلة ليس فقط لانهاء النظام بل تمكنهم من حماية المدنيين ورد العدوان عنهم في حال دخول او تسلل قوات القذافي للمناطق السكنية، وهنا ينبغي التنبه الي أن مايدعيه النظام من إنسحاب من مصراته لقواته وترك أمر إخضاعها للقبائل -  هو أمر سخيف ويدل علي خبث هذا النظام وحبه للفتنة وسفك الدماء – هو خدعة جديدة سيقوم النظام الفاشل بأرسال جيشه في زي مدني وربما شعبي ليقول بأنهم رجال قبائل وهو أمر يجب الانتباه إليه ، فنحن نعرف بأن القبائل الليبية لن ترضي بأبادة او الانتقام او تقتيل اي قبيلة ليبية او منطقة ليبية أخري او أغتصاب نسائها او هتك حرماتها. عليه ارجو من مشائخ القبائل المجاورة لمصراته أن ينؤا بقبائلهم ورجالها من إتباع هذا الظالم الشيطان وأن يصرحوا برفض ذلك ولو كان الثمن هو حياتهم. فالموت أشرف وأولي لهم من أن يكونوا جزء من عمل يقتل شبابهم وينتهك شرف جيرانهم وأنسابهم ويؤدي الي إغتصاب حرائر بلادهم. هنا أيضا يأتي دور عملي للاخوة الليبيين المتواجدين في الخارج وخاصة من المناطق غير المحررة وذلك بالأتصال بأهلهم وابناء عمومتهم وبذات منهم العسكريين والطلب منهم الامتناع عن العمل مع هذا النظام او تنفيذ اوامره وفي أضعف الايمان الهروب او الرجوع والبقاء في بيوتهم ، وهو اشرف لهم من مشاركته جرائمه ضد اهلهم.  

5 -  حماية المدنيين عسكريا يجب أن لايؤدي الي أهمال او التقصير في توفير أحتياجاتهم الأنسانية بداية من حليب الأطفال ومرضي السكري وضغط الدم وأمراض القلب الي لوازم حجر العمليات والمستشفيات ويضاف الي ذلك إحتياجات المناطق المحررة من الغذاء. وفي الوقت الذي يوجب القرار 1973 علي المجتمع الدولي ضرورة توفير هذه المعونات الانسانية وذلك بشكل سريع أود أن اشير الي أن ليبيا تملك الاموال اللازمة المجمدة والتي يمكن أن يتم السماح باستعمالها من قبل المجلس الوطني. وهي مسألة تحتاج الي مرونة وسرعة ينبغي علي المجتمع الدولي والامم المتحدة بالذات التفطن لها.

وفي النهاية نشكر كل من شارك او ساعد في أستمرار هذه الثورة وعلي رأسهم أعضاء المجلس الوطني الأنتقالي وتحملهم لأعباء هذه المرحلة الحساسة، ودول العالم وعلي رأسها قطر وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا وأمريكا وكل الدول الاخري التي إعترفت او ساهمت سياسيا أو عسكريا بدعم هذه الثورة وحماية المدنيين الليبيين من ألة الدمار القذافية.

ودامت ليبيا حرة موحدة

صالح الزوي

محاضر في القانون الدولي وحقوق الانسان

  

    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق