الأحد، 10 أبريل 2011

إلى جماهير ثورتنا و للمجلس الوطني


هناك إعلان عن مظاهرات مليونية في بنغازي كمقر تجمع رئيسي و كل مناطق ليبيا المحررة و المحاصرة. الغرض الأساسي منها هو إظهار توحد كل الليبيين حول

1) التمسك بشرعية المجلس الوطني كممثل وحيد لكل الشعب الليبي في هذه المرحلة الانتقالية.
2) رفض أي ضغط دولي على المجلس الوطني ليقبل بمشاركة أي شخص من عائلة الطاغية أو أزلامه لرسم خارطة مستقبل ليبيا.
3) رفض الدفع بقبول أي طرف ثالث ليحل محل مجلسنا الوطني و حكومة الطاغية كحل وسط.
4) مطالبة المجلس الوطني في ممارسة حقه الطبيعي في تسليح الثوار و عدم انتظار الناتو الذي يعمل على خلق توازن بيننا و بين الطاغية بمنع كلا الطرفين من كسب المعركة العسكرية.
فيجب علينا جميعاً التحريض من اليوم و عمل كل ما في وسعنا لتشجيع كل فئات مجتمنعنا على المشاركة الفاعلة في هذه المظاهرات لكي يصل صوتنا بالملايين و ليس بمئات الألوف.
إخوتي الكرام إن الجديد في هذه المظاهرة هو توقيتها الحساس جداً. ولتوضيح الأمر, يجب أن نوضح حقيقة المرحلة الحالية من الصراع في السطور التالية:
الكل يعلم أن معسكر الدول الغربية غير معني بدماء الليبيين و أن ما يهمه هو استمرار بقاء ليبيا خاصة و المنطقة العربية عامة تحت السيطرة من خلال حكّام يحافظون على مصالحهم و إبقاء المنطقة في خانة الدول المتخلفة المستهلكة. و الذي حصل أن ثورة 17 فبراير لم تكن في الحسبان و قد أسقطت شرعية الطاغية رغم حجم القسوة و القوة الهائلة و الجبارة التي واجهتها, و ما جعل الأمر أكثر صعوبة على الدول الغربية هو مسارعة الشعب الليبي في تشكيل المجلس الوطني. فالدول الغربية الأن أمام واقع مرفوض – بالنسبة لهم - يتمثل في دخول ليبيا إلى عالم الدول الحرة بالكامل إذا انتهى نظام الطاغية الأن. فليبيا التي لا توجد بها دولة مؤسسات و إنما حكم مطلق لشخص الطاغية ستتحرر بالكامل إذا انتهى ذلك الطاغية, و هذا الوضع يجعل ليبيا تتقدم حتى على تونس و مصر اللتان نجحتا نجاح جزئي كون الرئيسين المخلوعين هما مجرد واجهة نظام متغلغل في كل مفاصل المجتمع. فالغوغائية و الفوضى التي اتسم بهما نظام الطاغية طيلة العقود الأربعة الماضية, كانت العنصر الرئيسي في سهولة تحرر ليبيا بمجرد نهاية رأس النظام. فرب ضارة نافعة.
مما تقدم يتضح بجلاء أن الحل الوحيد أمام الدول الغربية هو إما اختراق المجلس الوطني بشكل فعّال يضمن سيطرة ما على عمله – وهو ما لا يبدو ممكناً – أو أن تفرض طرف ثالث بعد تقلص إمكانية عودة الطاغية و بنيه لحكم ليبيا من جديد. لذلك هم يجهزون لذلك سياسياً من خلال كل المبادرات المشبوهة التي تطرح من هنا و من هناك, و من خلال منعنا من حسم المعركة عسكرياً, و ذلك بمنعنا من التسلح أولاً ثم من خلال قصف أياً من الطرفين إن تجاوز نقطة معينة. و هذه النقطة على ما يبدو, في هذه المرحلة, هي بقاء اجدابيا تحت سيطرتنا و البريقة تحت سيطرة الطاغية.
الآن نعود للمظاهرات المليونية المزمع تنظيمها بإذن الله. فالنقطة المهمة هنا هو إثبات أن الشعب الليبي لن يلين و لن يتنازل و هو موحد حول نيل الحرية الكاملة من الطاغية و من غيره. إن خروج كل الليبيين في المناطق المحررة و المحاصرة برجالهم و نسائهم و أطفالهم و شيوخهم يفرض واقع على الأرض لا يمكن لكل العالم مجتمع أن يغيره. فالناتو لا يمكن أن ينزل قوات على الأرض لأسباب كثيرة جداً ليس هنا مجال ذكرها, و قوات الطاغية لا يمكن أن تبسط سيطرتها على بنغازي مهما قُدم لها من دعم و لو استمر القتال لسنوات فما بالك بالسيطرة على الجبل الأخضر!! و دليلي على ذلك أن قوات الطاغية لأكثر من شهر تحاول السيطرة على مصراته بكل ما أوتيت من قوة, و هو ما لم تستطع تحقيقه و مدن الجبل الأخضر لن تكون أقل صعوبة من مدن الجبل الغربي التي تبدي صمود غير قابل للزعزعة. ما أريد قوله هو أن السيطرة على المنطقة الشرقية في حال فكر فيه الطاغية و الدول الغربية فلن يتم حتى و لو بعد عشرين سنة. فالدول الغربية لا يمكن أن تتحمل فوضى و حرب في ليبيا لعدة شهور فما بالك بعدة سنوات. فموقع ليبيا الجغرافي سينشر فوضى عارمة في مجمل المنطقة إن استمر القتال لفترة طويلة. و مرة ثانية, ما أريد أن أقوله هو أن فرض واقع مرفوض من الشعب الليبي بالسبل العسكرية أمر مستحيل, ما يعني أنهم لا يملكون إلا المسار السياسي.
فرض مسار سياسي على الشعب الليبي يتطلب وجود أطراف مختلفة في الثورة الليبية لديها أهداف مختلفة. و هذه هي المعضلة الكبرى التي تعاني منها الدول الغربية. فالشعب الليبي في الداخل و الخارج يبدي توحد و ثبات و تمسك قوي بالقيادة الليبية للثورة ممثلة في المجلس الوطني, لذلك هم اليوم يملكون أمل وحيد و هو ملل الشعب الليبي و المراهنة على عامل الخوف و الجوع و قلة الاستقرار.
إن خروج الليبيين كلهم بالملايين في يوم الجمعة القادم إن شاء الله, سيحقن دماء الليبيين و سيعجل من استسلام الدول الغربية لحقيقة أنه لا جدوى من اللعب و التآمر على الشعب الليبي. إن خروجنا بالملايين ملتفين حول مجلسنا الوطني سيـُسقِط كل المأمرات السياسية التي تحاك في الظلام للالتفاف على ثورتنا و تعطيل حسمنا للمعركة. إن استمرار القتال في ليبيا يكبدهم خسائر ستزيد من معاناتهم الاقتصادية المتفاقمة أصلاً. لذلك عندما تصلهم رسالة مظاهراتنا, سوف يعيدون حسابتهم و سيعملون معنا لإنهاء الصراع.
في الختام, فإنني أأكد من جديد على أهمية التوقيت. فالدول الغربية تدفع الآن بكل قوتها لتحريك مبادرات سياسية من هنا و من هناك بغية خلق بديل عن المجلس الوطني الذي لا مجال للتحكم في سياسته التحررية. و صوت ملايين شعبنا القوي و الحازم هو الأداة الوحيدة الممكنة لدحر كل هذه المخططات. 

أحمد المهدي
مخطط استراتيجي ليبي

هناك 3 تعليقات:

  1. أأكد على أن الرأي للشعب المجاهد لا حل سوى رحيل اشكالون

    ردحذف
  2. المهم هو عدم رضوخ المجلس الوطني للمساومات السياسية التي لايقبلها الشعب الليبي كمشاركة الحكم مع احد افراد العصابة المجرمة التي دمرت ليبيا. نريد ليبيا جديدة 100%, نريد شطب آثار 42 عاما من الظلم والدمار.

    ردحذف
  3. بسم الله الرحمن الرحيم و به نستعين. استطيع ان أؤكد ان هذا من اكثر ما قرأت نضجاً منذ اندلاع الثورة المباركة. أشكر للكاتب عمق فهمه و طرحه و تحليله الذي جاء مواكباً للاحداث. نعم إن اصرار الشعب و خروجه في المظاهرات هو ما يخيف الغرب. و الغرب يحاول تسويق ثورتنا على انها صراع مسلح بين جهتين. انها ليست كذلك و انما هي ثورة عارمة على رموز الفساد و الاستبداد. ان استمرار التظاهر هو الذي يجب ان يكون و يجب ان يفهم شعبنا في المدن المحررة ان الاحتفال بالنصر ناقص ما لم يسقط الطاغية و يطرد من ليبيا شر طردة و ان الخطر محدق من الغرب أكثر من كتائب القذافي اذا لم تتحرر طرابلس و باقي مدننا الحبيبة. ان استمرار التظاهر هو دليل على صلابة ووحدة الشعب الليبي و هو وحده الذي سيؤجج نار الثورة في طرابلس مثلما اشتعلت في مصراتة و الجبل الغربي. يجب ان تكون ساحة التحرير في بنغازي هي المحرك للثورة في كل المدن و هديرها هو الذي سيسمعه الغرب مدوياً و عندها ستصم آذان الغرب عن كل المبادرات السياسية المسمومة و التي هدفها الالتفاف على الثورة كما حدث و يحدث في مصر و تونس. اشكر للكاتب توضيحه للامر بشكل ميسر

    ردحذف