لم تخرج جماهير تونس ومصر خوفا من نقص المأكل و المشرب ، بل ا خوفا من يصل بها الحال الى الحالة البوعزيزي (الحالة البوعزيزية : هي حالة حرق الذات من اجل التخلص من القهر و الظلم ) ، كان البوعزيزي و غيره يأكلون ويشربون ماقدر لهم وهم صامتون ، غير ان حالة الغضب من الاهانة والتحقير، المكتومة دخل الصدر اشعلت جسد البوعزيزي المسالم ، الذي كان يتجنب ايذاء الاخرين حتى من اولئك القطعان من الهمج المتسلطون عليه ، رأس النظام كان هدف أولئك المتظاهرون لأنه المتحكم في كل شيء، أحدهم استقر به المقام في جدة التي طفحت بها سيول الامطار بعد مقدمه ، ولم ينفع تهديده و لا وعيده و لا أعذاره و استجدائه ، و الثاني على وشك أن يرحل الى مستشفى لن يجد فيه من يزوره الا شمعون و باراك .
ويعتقد بعض الليبين ان ليبيا خارج نطاق الازمة ، ولكن الحقيقة أن العقيد القذافي ليس بعيدا عن المشهد ، ويحاول الان جاهدا ان يحوط الازمة و الطوفان ولكن هل يصلح العطار ما افسد الدهر .
ولعل أهم ملامح التازم التي تؤشر على رحيل العقيد و نظامه تتلخص في الاتي : -
· حكم فردي مطلق مستبد للعقيد القذافي ، لا يوجد من يقول له ( لا ) او حتى من يحاوره في افكاره ويغالطه فيها ، بل ويحتج العقيد القذافي بانه قد سلم السلطة والثروة والسلاح للشعب في حين تحتضر مؤتمراته الشعبية ، و تتسع الفجوة بينه وبين الشعب الذي سئم أفكاره التي جرت الكثير على الشعب الليبي (الغاء التعددية السياسية، التهجم على السنة و الصحابة ، الاعدامات داخل الجامعات و المحاكم الثورية ، حروب تشاد و أوغندة و مصر و افريقيا ، ودعم المنظمات المختلفة ، النهج الاقتصادي الفاشل الغاء التجارة و التأجير بل وحتى البناء ، لوكربي، الاتحاد الافريقي ، سويسرا ، وغيرها كثير ) .
· فساد العائلة الحاكمة ( أموال الدولة تحت تصرف أبناء القذافي و عائلته و اصهاره و قبيلته من دون رقيب و لا حسيب ، أبناء القذافي لديهم هم فقط كتائب أمنية و مناصب هامة و ادارة مؤسسات حيوية ) .
· أجهزة أمنية قمعية كثيرة و متنوعة و تعمل خارج إطار القانون و العدالة تفعل من تشاء ليس للحفاظ على امن المواطن و السهر على سلامته و لكن فقط من أجل الحفاظ على أمن العقيد القذافي و عائلته و الطبقة الحاكمة .
هشاشة الهيكل الاداري للدولة حيث ان هذه الادارة لا تمثل اختيار الشعب و يتم تعيينها بترشيد من العقيد القذافي بالرغم مايبث في الاعلام بانه تم عن اختيار شعبي .
· فقدان الحريات حرية الرأي و الاعلام .
· غياب الدستور الذي ينظم العلاقات داخل الدولة والمجتمع .
· اهدار ثروات المجتمع المتصرف الوحيد الذي له اليد الطولى على ثروة المجتمع هو العقيد القذافي بدون أي رقيب و تحت مسمى قيادة الثورة الشرعية الثورية .
· التضييق على المواطنين في ارزقهم .
· بلد لم تقم يه مشاريع اسكان لفترة تجاوزت العشرين سنة ليس بسبب اقتصادي او نقص في الامكانيات بل بسبب إيديولوجي فكري ، ففي الوقت الذي لم يبنى فيه أي مشاريع سكنية عدا بعض مئات المساكن ، كانت الشركات الكبرى تقبض المليارات من الدولة الليبية من لأجل انجاز مشروع النهر الصناعي أحد بنات افكار العقيد القذافي .
· انتشار الفساد الاداري والمالي ، مشاريع بمئات المليارات و لا يوجد شيء على الارض يضاهي هذه القيم المخصصة او شعر بها المواطن العادي .
· فقر ( المعلم يعمل في المدرسة عامة منذ قرابة العشرين عاما مرتبه لا يتجاوز 400 دينار ) ، اختفاء الطبقة الوسطى من المجتمع .
· فشل المؤسسة الصحية و التعليمية في ليبيا .
· البنية التحتية الضعيفة والهشة .
· اعلام طوبوي منغلق لا يوجد فيه مكان للرأي الاخر ، ( فعلى سبيل المثال وكالة الانباء الليبية الرسمية اوج عندما تورد خبرا عن ورشة عمل أو اجتماع وزاري اهم ما تكتب فيه ووجه المشاركون ترقية للأخ قائد الثورة أعلنوا فيه تمسكهم ، او ما شابه ذلك من الصيغ التي تنم عن ان هذه الاجهزة الاعلامية فقط هي اجهزة اعلام العقيد القذافي و ليست أجهزة اعلامية خاصة بالمواطن الليبي الذي قفز على الشقق بسبب افتقده المسكن من اكثر من ثلاثين سنة بعد بداية عصر الجماهير و لم تورد وكالة أوج أي أنباء عن هذا الحدث كان حاصل في المريخ ) حتى المحاولات البسيطة و الهشة تم وئدها أو استفرغها من مضمونها .
· القبلية السلبية .
ومن أجل التمديد في عمر النظام جاءت محاولات العقيد القذافي و النظام الليبي لتطويق الازمة غير انه تجاهلت المطالب الاساسية ، العدل والحرية و الديمقراطية الحقيقية ، وليس بعض المسائل الضرورية الوقتية التي لا تفي بمتطلبات المرحلة ، أو الحلول الامنية التي بداها النظام و المتمثلة في :
· إنشاء صندوق بقيمة 29 مليار .
· تخفيض ثمن السكر والزيت .
· تسهيل الاجراءات المتعلقة بالحصول على قروض من أجل البناء إقامة المشاريع .
· تنسيب بعض الخريجين في بعض الشركات العامة التي تعاني ازمات ادارة وفشل ذريع .
· الاجتماع ببعض الناشطين الاعلاميين و الحقوقيين من قبل العقيد القذافي نفسه و محاولة اخافتهم و ترغيبهم .
· تخفيض سعر كيس الاسمنت .
· التسريع بتسليم بعض الشقق للمواطنيين .
هذه الاجراءات التي يعتقد العقيد القذافي أنه من الممكن أن تخفف من حدة الاحتقان و تأجيل ساعة الرحيل ، لن تكون سوى مجرد حلول ( تلفيقية ) كما تنبا العقيد القذافي بذلك من قبل " بحتمية انتصار الشعوب على جلاديه " بالاضافة الى الكثير من العوامل التي تدعوا الشعب الى الثورة الشعبية على النظام الحالي و أهمها :
· الشباب الليبي ، شباب واعي و مثقف ليس اقل من اقرانه في تونس و مصر، وليس كما يعتقد البعض بانه تافه و متخلف .
· القمع السياسي و الرأي الواحد .
· فضاء الانترنت وحرية المعلومة .
· القبلية فتيل يشعل هذه الثورة اذا تم استهدف أبنائها الذين يخروجون في مظاهرات سلمية .
· السلمية التي سيعجز النظام على ردها .
· المدن الليبية ليست مدن اشباح خاوية من الارادة و القدرة على التغيير ، بل هي عقول نيرة وقلوب نابضة لا تنتظر فقط رغيف الخبز ، بل هي عطشى للحرية و الكرامة .
· بالرغم من عدم وجود دستور منذ عام 1969، و الخوف من وجود فراغ دستوري ، فان الدستور الليبي الذي أصدرته "الجمعية الوطنية الليبية" في 7 أكتوبر 1951 بإمكانه أن يحل كدستور مؤقت لضبط أي فوضى قد تحصل لفراغ سياسي .
أخيرا فإن الليبيين من حقهم التغيير، حتى لا جل التغيير فقط ، فبعد أربعين سنة يعلم الليبيون ان اوراق الخريف يلزمها أن تغادر لأجل ربيع زاهر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق