الخميس، 10 فبراير 2011

عبدالله التاجوري : القذافي ورياح التغيير و تساقط اوراق الخريف



 
لم تخرج جماهير تونس ومصر خوفا من نقص المأكل و المشرب ، بل ا خوفا من يصل بها الحال الى الحالة البوعزيزي (الحالة البوعزيزية : هي حالة حرق الذات من اجل التخلص من القهر و الظلم ) ، كان البوعزيزي و غيره يأكلون ويشربون ماقدر لهم وهم صامتون ، غير ان حالة الغضب من الاهانة والتحقير، المكتومة دخل الصدر اشعلت جسد البوعزيزي المسالم ، الذي كان يتجنب ايذاء الاخرين حتى من اولئك القطعان من الهمج المتسلطون عليه ، رأس النظام كان هدف أولئك المتظاهرون لأنه المتحكم في كل شيء، أحدهم استقر به المقام في جدة التي طفحت بها سيول الامطار بعد مقدمه ، ولم ينفع تهديده و لا وعيده و لا أعذاره  و استجدائه ، و الثاني على وشك أن يرحل الى مستشفى لن يجد فيه من يزوره الا شمعون و باراك .

ويعتقد بعض الليبين ان ليبيا خارج نطاق الازمة  ، ولكن الحقيقة أن العقيد القذافي ليس بعيدا عن المشهد ، ويحاول الان جاهدا ان يحوط الازمة و الطوفان ولكن هل يصلح العطار ما افسد الدهر .

ولعل أهم ملامح التازم التي تؤشر على رحيل العقيد و نظامه تتلخص في الاتي : -

·        حكم فردي مطلق مستبد للعقيد القذافي ، لا يوجد من يقول له ( لا ) او حتى من يحاوره في افكاره ويغالطه فيها ، بل ويحتج العقيد القذافي بانه قد سلم السلطة والثروة والسلاح للشعب في حين تحتضر مؤتمراته الشعبية ، و تتسع الفجوة بينه وبين الشعب الذي سئم أفكاره التي جرت الكثير على الشعب الليبي (الغاء التعددية السياسية، التهجم على السنة و الصحابة ، الاعدامات داخل الجامعات و المحاكم الثورية ، حروب تشاد و أوغندة و مصر و افريقيا ، ودعم المنظمات المختلفة ، النهج الاقتصادي الفاشل الغاء التجارة و التأجير بل وحتى البناء ، لوكربي، الاتحاد الافريقي ،  سويسرا ، وغيرها كثير ) .

·        فساد العائلة الحاكمة ( أموال الدولة تحت تصرف أبناء القذافي  و عائلته و اصهاره و قبيلته من دون رقيب و لا حسيب ، أبناء القذافي لديهم هم فقط كتائب أمنية و مناصب هامة و ادارة مؤسسات حيوية  ) .

·        أجهزة أمنية قمعية كثيرة و متنوعة و تعمل خارج إطار القانون و العدالة تفعل من تشاء ليس للحفاظ على امن المواطن و السهر على سلامته و لكن فقط من أجل الحفاظ على أمن العقيد القذافي و عائلته و الطبقة الحاكمة .
        هشاشة الهيكل الاداري للدولة حيث ان هذه الادارة لا تمثل اختيار الشعب و يتم تعيينها بترشيد من العقيد القذافي بالرغم مايبث في الاعلام بانه تم عن اختيار شعبي .

·        فقدان الحريات حرية الرأي و الاعلام .

·        غياب الدستور الذي ينظم العلاقات داخل الدولة والمجتمع .

·        اهدار ثروات المجتمع المتصرف الوحيد الذي له اليد الطولى على ثروة المجتمع هو العقيد القذافي بدون أي رقيب و تحت مسمى قيادة الثورة  الشرعية الثورية .

·        التضييق على المواطنين في ارزقهم .

·        بلد لم تقم يه مشاريع اسكان لفترة تجاوزت العشرين سنة ليس بسبب اقتصادي او نقص في الامكانيات بل بسبب إيديولوجي فكري ، ففي الوقت الذي لم يبنى فيه أي مشاريع سكنية عدا بعض مئات المساكن ، كانت الشركات الكبرى تقبض المليارات من الدولة الليبية من لأجل انجاز مشروع النهر الصناعي أحد بنات افكار العقيد القذافي .

·        انتشار الفساد الاداري والمالي ، مشاريع بمئات المليارات و لا يوجد شيء على الارض يضاهي هذه القيم المخصصة او شعر بها المواطن العادي .

·        فقر ( المعلم يعمل في المدرسة عامة منذ قرابة العشرين عاما مرتبه لا يتجاوز 400 دينار ) ، اختفاء الطبقة الوسطى من المجتمع .

·        فشل المؤسسة الصحية و التعليمية في ليبيا  .

·        البنية التحتية الضعيفة والهشة .

·        اعلام طوبوي منغلق لا يوجد فيه مكان للرأي الاخر ، ( فعلى سبيل المثال وكالة الانباء الليبية الرسمية اوج عندما تورد خبرا عن ورشة عمل أو اجتماع وزاري اهم ما تكتب فيه  ووجه المشاركون ترقية للأخ قائد الثورة أعلنوا فيه تمسكهم ، او ما شابه ذلك من الصيغ التي تنم عن ان هذه الاجهزة الاعلامية فقط هي اجهزة اعلام العقيد القذافي و ليست أجهزة اعلامية خاصة بالمواطن الليبي الذي قفز على الشقق بسبب افتقده المسكن من اكثر من ثلاثين سنة بعد بداية عصر الجماهير و لم تورد وكالة أوج أي أنباء عن هذا الحدث كان حاصل في المريخ  ) حتى المحاولات البسيطة و الهشة تم وئدها أو استفرغها من مضمونها . 
·        القبلية السلبية .

ومن أجل التمديد في عمر النظام جاءت محاولات العقيد القذافي و النظام الليبي لتطويق الازمة غير انه تجاهلت المطالب الاساسية ، العدل والحرية و الديمقراطية الحقيقية ، وليس بعض المسائل الضرورية الوقتية التي لا تفي بمتطلبات المرحلة ، أو الحلول الامنية التي بداها النظام و المتمثلة في :

·        إنشاء صندوق بقيمة 29 مليار .  

·        تخفيض ثمن السكر والزيت .

·        تسهيل الاجراءات المتعلقة بالحصول على قروض من أجل البناء إقامة المشاريع .

·        تنسيب بعض الخريجين في بعض الشركات العامة التي تعاني ازمات ادارة وفشل ذريع .

·        الاجتماع ببعض الناشطين الاعلاميين و الحقوقيين من قبل العقيد القذافي نفسه و محاولة اخافتهم و ترغيبهم .

·        تخفيض سعر كيس الاسمنت .

·        التسريع بتسليم بعض الشقق للمواطنيين .

هذه الاجراءات التي يعتقد العقيد القذافي  أنه من الممكن أن تخفف من حدة الاحتقان و تأجيل ساعة الرحيل ، لن تكون سوى مجرد حلول ( تلفيقية )  كما تنبا العقيد القذافي بذلك من قبل " بحتمية انتصار الشعوب على جلاديه " بالاضافة الى الكثير من العوامل التي تدعوا الشعب الى الثورة الشعبية على النظام الحالي و أهمها :
·        الشباب الليبي ، شباب واعي و مثقف ليس اقل من اقرانه في تونس و مصر، وليس كما يعتقد البعض بانه تافه و متخلف   .

·        القمع السياسي و الرأي الواحد .

·        فضاء الانترنت وحرية المعلومة .

·        القبلية فتيل يشعل هذه الثورة اذا تم استهدف أبنائها الذين يخروجون في مظاهرات سلمية .

·        السلمية التي سيعجز النظام على ردها .

·        المدن الليبية ليست مدن اشباح خاوية من الارادة و القدرة على التغيير ، بل هي عقول نيرة وقلوب نابضة  لا تنتظر فقط رغيف الخبز ، بل هي عطشى للحرية و الكرامة .

·         بالرغم من عدم وجود دستور منذ عام 1969، و الخوف من وجود فراغ دستوري ، فان الدستور الليبي الذي أصدرته "الجمعية الوطنية الليبية" في 7 أكتوبر 1951 بإمكانه أن يحل كدستور مؤقت لضبط أي فوضى قد تحصل لفراغ سياسي .


أخيرا فإن الليبيين من حقهم التغيير، حتى لا جل التغيير فقط ، فبعد أربعين سنة يعلم الليبيون ان اوراق الخريف يلزمها أن تغادر لأجل ربيع زاهر .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رحمك الله صاحبي ورفيقي

  رحمك الله صاحبي ورفيقي وان شطت بنا الديار وباعدتنا الغربة اجسادنا ولم تتفارق قلوبنا يوما... نشأنا مع بعض في نفس المدينة في طبرق وكانت اول ...