الاثنين، 9 سبتمبر 2019

لماذا تمتلك بعض دول العالم السلاح النووي وتحرمه على غيرها؟







لماذا لا يمكن لإيران (أو لدول أخرى) امتلاك السلاح النووي الذي تمتلكه رسميا 7 قوى؟ لماذا "يسمح" لبعض الدول في الواقع امتلاك هذا السلاح دون غيرها؟ كيف يفسر تاريخ عدم انتشار الأسلحة النووية الوضع الحالي؟

وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أعرب في وقت سابق، عن تعجبه من امتلاك البلدان المتقدمة أسلحة نووية، فيما تعترض أمريكا على امتلاك بلاده المنظومة الدفاعية الروسية "إس-400".

وقال أردوغان في كلمة ألقاها بمنتدى اقتصادي في مدينة سيواس التركية، إن "بعض الدول المتقدمة تمتلك العديد من الرؤوس النووية"، مشيرا إلى أنه "التقى أحد الرؤساء وأخبره بأن بلاده تمتلك 7500 رأس نووي (..)".

وأكد أردوغان أن الولايات المتحدة وروسيا تمتلكان عشرات الآلاف من الصواريخ النووية، متسائلا: "لماذا لا نمتلكها؟"، بحسب ما أوردته صحيفة "جمهورييت" التركية.

وأوضح "يمتلكون صواريخ نووية، ولا يريدون مني امتلاك صاروخ يعمل بالطاقة النووية".

متى عرفت الأسلحة النووية:

بحسب تقرير نشرته صحيفة "geopolis" الفرنسية في عام 2015، اكتشف العالم سلاحا جديدا، يوم 6 أغسطس/آب 1945، عندما رمت الولايات المتحدة قنبلة نووية على هيروشيما، ولكنها لم تحافظ على هذا التميز لفترة طويلة، ففي عام 1949 بدأ الاتحاد السوفييتي أولى تجاربه النووية، تلتها المملكة المتحدة في عام 1952، وفرنسا في عام 1960، ومن ثم الصين في عام 1964.

وسرعان ما قام الأمريكيون بكل شيء للحد من انتشار الأسلحة النووية، ومنذ عام 1946 تنظم واشنطن هذه المسألة، إذ يعلن "قانون ماكماهون" الذي عدل عند ازدياد التوتر مع الاتحاد السوفييتي وإعلان الحرب الباردة أن جميع البيانات المتعلقة بالطاقة النووية صنفت كسرية ويحظر استخدامها في الصناعة الخاصة، إذ أرادت الولايات المتحدة الحفاظ على تقدمها.


 دول النادي النووي:

القوى النووية الرسمية في العالم هي: روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين والهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية.

وكانت الجمهوريات السوفيتية السابقة — أوكرانيا وكازاخستان وبيلاروسيا — قد تخلت طواعية عن الأسلحة النووية في أوائل التسعينات في مقابل الضمانات الأمنية التي توفرها جميع القوى النووية الكبرى. علاوة على ذلك، في ذلك الوقت كانت أوكرانيا تملك ثالث أكبر ترسانة نووية في العالم، وكازاخستان — الرابعة.



معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية: معاهدة تمييزية

في عالم ثنائي الأقطاب، كانت مراقبة انتشار الأسلحة النووية أكثر "بساطة"، وعرفت الأسلحة النووية بأنها تمنع الحروب المباشرة بين القوى الكبرى، إذ كانت استراتيجية الردع دارجة، ويبدو أنها نجحت على الرغم من توترات الحرب الباردة.

تفاوضت القوتان العظمتان في عام 1960 على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، إذ لم يرغب الحاصلون على التكنولوجيا النووية في منع التطوير المدني للنووي مع كل المصالح الاقتصادية التي يمكن أن يجلبها من خلال ضمان مراقبة التقنيات بهدف تجنب أي انحراف عسكري.

يرى الباحث الأكاديمي وواضع الاستراتيجيات السياسية، جايرار شاليان، أن "الحد من انتشار الأسلحة النووية يستهدف (أيضا) تأخير —بقدر المستطاع- إمكانية أن تصبح القوى المتوسطة، خاصة إذا ما كانت عدائية، ملاذا. وبالنسبة للأقوى، يتعلق الأمر بالحفاظ على القدرة على إخضاع الأضعف".

تم التوقيع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية يوم 1 يوليو/تموز 1968، ودخلت حيز التنفيذ يوم 5 مارس/ آذار عام 1970 بعد أن تمت المصادقة عليها من قبل الحكومة المودعة (الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة واتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية) وأربعين دولة موقعة أخرى. واليوم، تم التوقيع عليها من قبل جميع الدول تقريبا باستثناء الهند وباكستان وإسرائيل (انسحبت كوريا الشمالية من المعاهدة بعد أن وقعت عليها).

يستند المبدأ الأساسي لمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية على التمييز بين الدول التي تمتلك السلاح النووي والتي فجرت قنبلة نووية قبل يناير/ كانون الثاني عام 1967 وبين الدول الأخرى التي لا تمتلك السلاح النووي، إذ تلتزم الدول الأولى (الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي والمملكة المتحدة وفرنسا والصين) —الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن الدولي- من خلال التوقيع على المعاهدة بعدم مساعدة الدول الأخرى بالحصول على الأسلحة النووية، أما الدول الثانية فتلتزم بعدم صنع الأسلحة النووية وعدم السعي إلى الحصول عليها.

وعلى هذا الأساس، حددت ترسانة من النصوص (بما في ذلك دور الرقابة الموكل إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي أنشئت في عام 1957) آليات تطبيق الحد من انتشار الأسلحة النووية الموجهة إلى الدول الموقعة على المعاهدة.

الاعتبار الوحيد الذي يمكن أن يقلل من عدم التوازن المنصوص عليه في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، يكمن في الالتزامات التي تفرضها المادة السادسة من نص المعاهدة والقائلة: "تتعهد كل دولة من الدول الأطراف في المعاهدة بمواصلة إجراء المفاوضات اللازمة بحسن نية عن التدابير الفعالة المتعلقة بوقف سباق التسلح النووي في موعد قريب وبنزع السلاح النووي، وعن معاهدة بشأن نزع السلاح العام الكامل في ظل مراقبة دولية شديدة وفعالة".

دول غير موقعة تمتلك السلاح النووي:

على الرغم من معاهدات الحد من انتشار الأسلحة النووية، عادت القنبلة من جديد في آسيا من خلال تجارب الهند وباكستان في عام 1998، ولكن الدولتين غير موقعتين على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. "رفضت الهند دائما التوقيع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، بسبب طابعها التمييزي، إذ ترى الهند أن المعاهدة تضفي ببساطة الشرعية على احتكار حيازة الأسلحة النووية وتكرسه من قبل الدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة" حسب إيزابيل كابات التي تقوم بأطروحة حول هذا الموضوع.

كما رفضت الهند أيضا التوقيع على المعاهدة التي تحظر التجارب النووية. أما باكستان فقد بنت دائما سياستها وفقا لسياسة الهند: "لن توقع طالما أن الهند لم توقع".
وتعرضت الدولتان إلى عقوبات من قبل الولايات المتحدة التي انتهت برفع أغلبها.



حالات إيران وإسرائيل وكوريا:

ثلاث دول وثلاث حالات مختلفة، إذ بدأ تطوير النووي الإيراني في عام 1950 بمساعدة الولايات المتحدة ناهيك عن فرنسا في عام 1970، وقد وقعت إيران على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية في عام 1968، وصادقت عليها في عام 1970. وفي نهاية عام 1980، وضعت إيران تكنولوجيات تخصيب (مع باكستان) ووجدت إيران نفسها بعد الاشتباه بأنها تريد الحصول على السلاح وهي الطرف في المعاهدة، في صراع مع المجتمع وفرضت عليها عقوبات.

أما حالة كوريا الشمالية فمختلفة، لأن البلاد قد انسحبت من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية قبل أن تبدأ بتجاربها النووية.

وأخيرا، تحافظ إسرائيل التي لم توقع على المعاهدة على الغموض حول قدراتها النووية العسكرية.

"تمتلك دول أخرى التكنولوجيا والمعرفة العلمية الضروريتين لصنع الأسلحة النووية بسرعة، ويمكن بالتالي لهذه الدول أن تؤكد رسميا على عدم امتلاكها لأسلحة كهذه" حسب موقع ديبلو ويب.

تبقى الآن حالة "الدول العتبة" أي الدول المعروفة بقدرتها على الحصول سريعا على السلاح النووي ولكنها لم تطوره، ومن بين هذه الدول، وضعت الولايات المتحدة العراق (خطأ) وغزته، ولكن يمكن لدول أخرى أن تدخل ضمن هذا التصنيف، ولكن المفهوم لا يزال غامضا، ويبدو أن إيران تتواجد ضمن هذه الفئة، وهناك أيضا دول أخرى قادرة على تخصيب اليورانيوم مثل جنوب أفريقيا والأرجنتين والبرازيل واليابان.

في عالم متعدد الأقطاب، يبدو أن غياب النظام الأمني يدفع القوى المتوسطة إلى تعزيز ترسانتها. إلى حد الحصول على السلاح النووي. ربما يحتضر النظام الحالي للحد من انتشار السلاح النووي القائم على عدم المساواة بين الدول الحائزة على القنبلة والدول التي لا تمتلكها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق