الأربعاء، 7 أغسطس 2019

الإختفاء العجيب





ليس عنواناً مقارباً للرواية الكندية "الإختفاء العجيب لرجل مدهش "للروائي فرانسو ليكو من حيث الأحداث والسرديات وإنما هو إقتباس للعنوان الذي يعكس حالة الإندهاش لواقع غير الواقع الذي نعيش،
عنوانٌ تراء لي ليكون عنوان قصة حبكت أحداثها بسرديات الكذب والخداع الذي لايزال يعايشه سكان بنغازي المغتصبة ،الرزاحة تحت سطوة فوضى العسكر متجرّعةً آلام جرائمه ليل نهار .
عجيب اختفاء النائبة سهام سرقيوة ،وأغرب في قصة إختفاءها تصريح وزير داخلية حكومة الثني الموازية "إبراهيم بوشناف"مبرئاً ساحة، ومتهماً ساحةً أخرى في ساجمة تهريجية لم تخطر على بال بطل الرواية الكندية مهرّج الشوارع الخلفية لمونتريال.
ماذا قال بوشناف :" “أولياء الدم” أبرياء ، والإرهابيون هم وراء حادثة اختطاف النائبة سهام سرقيوة،وللأسف لا نزال نجهل مكانها حتى الآن”.
لا ادري أين اختفت،؟؟؟ وكيف اختفت،؟؟؟؟ ولاأدري كيف نامت الأعين الساهرة ؟؟؟؟ والقوة التي هزمت الإرهاب في العصية الزاهرة؟؟؟؟
لا أدري كيف تم استدراجها من بين القوة المدججة حتى وقعت في قبضة الإرهابيين؟؟؟؟
أسئلة محيّرة فعلاً !!! حيّرت البعثة الأممية التي رأت في سرديات السارد خفايا غير مطمئنة!!!!
أسئلةٌ تحتاج لعقلِ محققٍ بارعٍ يغوص في ثنايا الرواية متتبّعاً تفاصيلها المشبّعة بالزيف والتضليل، فصولها المعنونة تبدو لك لأول وهلة وكأنها مستقلة بذاتها منفصلة عن الأحداث التآمر والإصرار المسبق لجريمة الإختفاء،تصوّر لك تهاذب رموش البراءة في أعين المجرمين الحقيقين،تنسب الجريمة لمجهولين وصفهم
السارد بوشناف بالإرهابيين أو الخلايا النائمة، لكنها تبدو واضحة جليّة للقارئ الحصيف، يرى فصولها مرتبطة بخيوط متشابكة مع بعضها تدل على الفاعل الحقيقي للجريمة.

فصلٌ آخر من رواية الإختفاء العجيب للنابة سرقيوة معنونٌ بـ"ذويها هم السبب" يحاول السارد بوشناف فيه إلقاء شباك الإتهام على ذويها في سردية مترهلة تحمل دلالات لامتناهية من الكذب الصريح محاولاً فيها رفع اللائمة عن الأجهزة الأمنية الرسمية وغير الرسمية من هذا الجرم المشؤوم.
يبدو من سرديات السارد أن الفصل الآخير يشير إلى نبأ مفجعٍ، لنهاية مأساوية لا ندري هل على قارعة شارع الزيت!!، أم شاطئ النخيل!!، أم خلف مقبرة الهواري!! ،لا ندري!!!! تعدّدت مسارح الجريمة في مدينة الأشباح بنغازي، ومسرح الجريمةفي الفصل الأخير من الرواية متروكٌ للسارد وحبكته .

ختاماً إن القاسم المشترك بين الروايتين "الإختفاء العجيب لرجل مدهش " و "الإختفاء العجيب للنائبة سرقيوة " هو إبراز الجانب المظلم للشوارع الخلفية للمدينة، حيث الكذب والخداع ،والقتل والاخفاء

المركز الاعلامي الليبي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق