الأحد، 28 أغسطس 2016

مترجم : حكومة الوفاق والمأزق السياسي الليبي




أشار موقع "ذي أتلانتيك كاونسل" الامريكي  في مقال  نشره على صفحاته  إلى أنه بعد العديد من المحاولات الفاشلة لتحقيق النصاب القانوني، اجتمع مجلس النواب في طبرق في 22 أغسطس للتصويت على تركيبة حكومة الوفاق الوطني المقترحة من قبل المجلس الرئاسي بقيادة فايز السراج، ومع اكتمال النصاب القانوني (101 عضو)، صوت 61 بعدم الثقة و39 امتنعوا عن التصويت، وصوت واحد فقط لصالح التركيبة.

واعتبر المقال أن إجراء التصويت يؤكد قبول مجلس النواب بالاتفاق السياسي الليبي الذي دعمته الأمم المتحدة، وتجلى ذلك من خلال دعوة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح لاثنين من أعضاء المجلس الرئاسي، علي القرطاني وعمر الأسود، إلى إنهاء مقاطعتهما له والانضمام مجددا إليه، ولكن التصويت قد يعكس أيضا نية صالح إبراز أن حكومة الوفاق الوطني والاتفاق السياسي الليبي فشلا، وكان التصويت خطوة ذكية ومحسوبة من قبل المعارضين لحكومة الوفاق الوطني، بما في ذلك صالح وأنصاره وأيضا خليفة حفتر.

عقبات

وبحسب الإجراءات القانونية، كان من المفترض أن يصوت مجلس النواب أولا على التعديل الدستوري الذي من شأنه أن يقر الاتفاق السياسي الليبي، وبعد ذلك التصويت على تركيبة الحكومة، وعبر تغيير ترتيب التصويت وتغيير الأجندة -تمت دعوة أعضاء مجلس النواب للتشاور، ولم يكن هنا أي ذكر للتصويت على جدول الأعمال-، تحصل صالح على هدفه بالحصول على تصويت بعدم الثقة، ومع ذلك، فإن النتيجة الرئيسية للتصويت هي اتساع عدم الثقة داخل أعضاء مجلس النواب، وكذلك بين الشعب الليبي ومجلس النواب نفسه، كما أبرز التصويت أيضا عدم مسؤولية النائب الأول لرئيس مجلس النواب محمد شعيب والأعضاء الذين ساندوا حكومة الوفاق الوطني، فقد قرروا عدم التواجد في المجلس، ما جعل من السهل على خصومهم الوصول إلى هدفهم.

من جهته، أصدر المجلس الرئاسي بيانا قبل فيه بتصويت مجلس النواب والاقتراح بتقديم تركيبة جديدة للحكومة في غضون عشرة أيام، وبين الكاتبان أن من الصعب التنبؤ بمسار واضح للتطورات المستقبلية، نظرا لوجود سيناريوهات محتملة متعددة، فقد يدعو المجتمع الدولي لاجتماع جديد بين أعضاء الحوار السياسي، وهي المجموعة التي وافقت على الاتفاق السياسي الليبي في الصخيرات في ديسمبر الماضي، وقد يطالبون بتعيين رئيس وزراء وحكومة جديدة، ومن المقرر أن يتم عقد اجتماع في أوائل سبتمبر لأسباب أخرى، ولكن قد يتم التطرق لذلك.

وأبرز الكاتبان أنه برغم أن هذا السيناريو ممكن، ولكن غير محتمل، وبغض النظر عن المدة التي ستستغرقها العملية، ليس هناك ما يضمن أن نفس الجهات التي اختارها السراج قد تقترح اسما جديدا يناسب جميع الأطراف، ويتمثل الخيار الآخر في تجاهل تصويت مجلس النواب على أساس عدم تطابق الدعوة، وقد يعطي هذا لشعيب وأتباعه فرصة للمشاركة بكثافة في تصويت جديد، من شأنه أن يؤدي للمصادقة على الحكومة، وقد ينقذ هذا الشرعية المتبقية لمجلس النواب ويحافظ على المسار الديمقراطي للعملية السياسية، ولكن من الناحية القانونية، تبدو جدوى هذا الخيار غير واضحة، وفي أية حال، يبدو أن المجلس الرئاسي قرر عدم تجاهل التصويت والسعي نحو اقتراح حكومة جديدة.

دور

وذكر الموقع أن قرار المجلس الرئاسي بمواصلة العمل مع مجلس النواب يطرح مشكلتين : فالقبول بتصويت المجلس يعني أن جميع القرارات التي اتخذتها حكومة الوفاق الوطني غير شرعية، ولا يمكن لها أن تكون حكومة تصريف أعمال بما أنها غير شرعية، وعلى ذلك فإن الحكومة الشرعية الوحيدة هي الحكومة التي يترأسها عبد الله الثني في البيضاء، كما أن القبول بتصويت مجلس النواب سيجلب المزيد من العقبات والخيارات الصعبة، لأنه ليست هناك ضمانات بأن صالح وأتباعه سيتخلون عن مناوراتهم.

 كما هناك العديد من الخيارات الصعبة بالنسبة للجهات الليبية وأيضا الدولية، من بينها مصير خليفة حفتر، ففي مقابلة أجريت مؤخرا مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكد دعم بلاده لمجلس النواب وللجيش الوطني الليبي، رغم أن مصر عبرت سابقا عن مساندتها للاتفاق السياسي الليبي ولفايز السراج، وقد رفض حفتر الاعتراف بحكومة الوفاق الوطني، وقد كانت السياسة المصرية حتى الآن الإعلان عن دعم ليبيا موحدة ومتحررة من نفوذ المتطرفين الإسلاميين، حيث تعتبرهم تهديدا أمنيا، وينبع الدعم المصري لحفتر من حملته لتحرير ليبيا من الإسلاميين، ومع ذلك، فإن إعلان السيسي دعمه لمجلس النواب والاتفاق السياسي الليبي هو بمثابة رفض لحكومة الوفاق الوطني، ونظرا للصراع بين مجلس النواب وحكومة الوفاق الوطني، لا يمكن أن يترجم ذلك إلى دعم ليبيا موحدة.

واعتبر المقال أن هناك حاجة ملحة لإيجاد حل للأزمة السياسية المتفاقمة في ليبيا، فتهديد قيام حرب بين قوات حفتر والقوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني، خاصة تلك من مصراتة، أصبح أكثر احتما
 لا، وحان الوقت لوساطة قوية من قبل المجتمع الدولي أو الدول المجاورة لليبيا، يشاع أن كل من الجزائر ومصر يناقشان وساطة الجامعة العربية لإيجاد حل للأزمة السياسية، ومع ذلك، نظرا لسياسات مصر الغامضة، من الأفضل وساطة المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة من أجل مساعدة البلاد على التوصل إلى إتفاق من شأنه أن يحافظ على الوحدة الوطنية الليبية، وهناك ضغط قوي يجب أن يمارس على جميع الجهات الفاعلة الدولية التي تتدخل في الشؤون الداخلية الليبية من خلال دعم هذا الفصيل أو غيره، لدعم حكومة الوفاق الوطني .

وأبرز المقال أن القبول بتصويت مجلس النواب، والتخلي عن العملية السياسية للأمم المتحدة -التي أنتجت حكومة الوفاق الوطني- لن تؤدي سوى إلى مزيد تقسيم البلاد وإغراق ليبيا في أزمة سياسية واقتصادية.


المصدر : المرصد الليبي للاعلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق