الأربعاء، 17 أغسطس 2016

إسماعيل القريتلي: قصة واقعية .. دولة القانون والحقوق!


أعرف شابا أكمل تعليمه في إحدى الدول "الأجنبية" على نفقة أهله ونظرًا للأوضاع في ليبيا قرر البحث عن دولة أخرى آمنة يبدأ حياته العملية على أرضها.

بعد بحث عن أي الدول التي يمكن أن يمر "ترانزيت" في مطاراتها فوجد ذلك في إحدى دول أوروبا التي تتأسس قوانينها على احترام حقوق الإنسان، فضلا عن التزامها بتطبيق القانون فقرر الذهاب إليها.

وصلها في رحلة ترانزيت وانتظر في مطارها ساعات حتى غادرت رحلته الثانية، ثم سلم نفسه لأمن المطار طالبا "اللجوء الإنساني، ولم يفعل أمن المطار شيئا سوى تسليمه للسلطات المختصة بطلبات اللجوء؛ التزاما بالقانون واحتراما للحقوق.

بدأ المحققون المختصون بقضايا اللجوء التحقيق مع الشاب الليبي، الذي أكد خطورة عودته إلى ليبيا على أمنه الشخصي وعجزه عن نيل حقوقه في وطنه بسبب الانقسام والحروب. غير أن قانون ذلك البلد لا يصنف ليبيا بلدا يشكل العيش فيه خطرا على حياة الإنسان ليسمح حينها لليبيين حق تقديم "اللجوء الإنساني" وهذا يعني أن كل ليبي يقدم اللجوء يعامل كقضية خاصة تحتاج إلى أدلة وقرائن خاصة بالمتقدم وحالته الخاصة.

قدّم الشاب الليبي ما يحسبه أدلة على تهديدات له؛ مثل رسائل تهديد على الفيس بوك وغيره. لكنها لم ترتق عند المحققين إلى مستوى الأدلة فقدموا له "عرضا" بتغيير مدينته في ليبيا ودولتهم تدفع له تذكرة السفر فرفض عرضهم مؤكدا أن الوضع عام في ليبيا.

كانت السلطات المختصة منذ اليوم الأول عينت له محاميا على حساب الدولة يتابع قضيته ويرافقه في جلسات التحقيق. وقال لي كان المحققون أحيانا يطلبون مناقشة بعض أدلتي مع المحامي أو تقديمه له فقد ينفع ذلك في حال أحيل ملفه للقضاء المختص.

استمر التحقيق معه 9 أيام وهو في الحجز الخاص بطالبي اللجوء ثم يفرض القانون إما رفض طلبه بعد انتهاء الحجز القانوني، ومن ثم تجهيزه للترحيل؛ إما لبلده أو بلد يأمن يمكنه الوصول إليه. وحدث أن رفض طلب لمواطن صومالي ولآخر فلسطيني أثناء وجود الشاب الليبي.

مما قاله المحققون له، إننا لا نملك معلومات كافية عن الوضع في ليبيا؛ من حيث أن الوجود فيها يمثل خطرا على حياة الإنسان. وبحسب الشاب الليبي ربما لعدم أو ندرة وجود طالبي اللجوء الليبيين إلى ذلك البلد.

في اليوم التاسع والأخير من مدة الحجز القانوني استغرق المحققون ساعات العمل في استجواب الشاب الليبي، ثم لخصوا له وضعه القانوني ومن ثم حدثوه عن حقوقه، فقالوا له: إن ملفك بوضعه الحالي لا يؤهل لقبول طلبك للجوء الإنساني، ولكن كذلك أنت تمثل حالة جديدة تدعي أن بلدك يمثل خطرا على حياة الإنسان وهذا يفرض علينا أن نحيل ملفك للقضاء المختص بقضايا اللجوء، هو فقط من لديه القول الفصل في قضيتك.

وقبل الحديث عن حقوقه "نصحه" المحققون أن يوكل محاميا خاصا مختصا في قضايا اللجوء، ولا يعتمد على محامي الدولة الذي يتعامل ببيوقراطية قد لا تنفع طلبه للجوء.


بعد ذلك أصدروا له بطاقة سحب بنكي يتم تغذيتها برصيد محدد يوميا يوفر له نفقاته وحاجته الأساسية كما يحددها القانون، ثم نقلوه للإقامة في سكن على حساب دولتهم تتوفر فيه الشروط الأساسية لعيش "الإنسان". وكان معه في السكن طالبان اثنان للجوء من المغرب العربي. غير أنه عاد إليهم في اليوم التالي يطلب منهم تغيير السكن لعدم توفر "الراحة" في السكن الجديد بسبب تعاطي اللاجئين للمسكرات بشكل مفرط. فما كان كان من المحققين إلا "تخييره" بالانتقال إلى مجمع لسكن مقدمي اللجوء خارج المدينة، فوافق، فنقل في نفس اليوم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق