الخميس، 26 يونيو 2014

د. فتحي خليفه عقوب : إلى السادة أعضاء مجلس النواب ، قبل دخول السرداب !!..


رغم كوني من المدافعين عن شرعية المؤتمر الوطني العام المنتَخَب،
ورغم يقيني بأن الأداء العام للمؤتمر الوطني كان فاشلاً للأسف، وأننا سنعاني من آثار ذلك الفشل بأنواعها والتي تحتاج لمعالجات قد تتطلب جهوداً مُضنيةً على مدىً طويل !
إضافةً لعلمي التام بأن ذلك الفشل كان وراءه عددٌ محدودٌ مِن أعضاء المؤتمر وليس الجميع، وأن البعض كان يتعمّد ذلك، نظراً لقلّة زاده السياسي وتدني مستوى وعيه وثقافته العامة، مع انعدام وطنية البعض أمام المكاسب الشخصية المادية..!
رغم كلّ ذلك، لازلتُ على يقين بأننا سنكون قادرين على عبور المرحلة، لكن هذا يتطلب أداءً فوق المتوسط لمجلس النواب القائم، وأن يكون للناس رقابةٌ مباشرةٌ على أدائه، بحيثُ تُمكّن الجماهير التي طالما عَبثَ الإعلامُ بأفكارها وشَكّلَ آراءَها تشكيلاً مشوّهاً، زادَ من حالة الأزمة وعزّز الارتباك بل هو مَن صنعه بالأساس..
أعتقد أنّ ثمّة خطوات لابد على الخيرين الذين سيحظون بثقة المجتمع اليوم ليدخلوا قبّة مجلس النواب أن يؤكّدوا عليها، وأن لا يَشرعوا في مهمتهم وممارسة أعمالهم في المجلس قبل وجود تلك ضمانات صريحة لعدم تكرار تلك الأخطاء، ولتحقيق أكبر قدر من جودة الأداء، وهنا أقترح ما يلي :


أولاً : رسم خارطة طريق واضحة تُحدِّدُ ؛ أهداف مجلس النواب في هذه المرحلة الانتقالية الثالثة، مراحل تحقيقها، وسائل ذلك، يُعلنُ عنها المجلس في أوائل جلساته، كسباً لموقف الرأي العام، ولتكون أساساً تُحاسبُ الناس مَن قصّر فيها أو توانى.
ثانياً : الاستفادة من خلاصة التّجربة وأهم الإشكالات الإدارية التي واجهت المؤتمر الوطني العام وأعاقته عن أداء دوره بالشكل الأمثل، وعلى رأسها، الخلل الذي كان في لائحة عمل المؤتمر، وغياب الدور الإعلامي بشكل شبه تام !!
ثالثاً : ضرورة اعتماد المجلس على فرق استشارية فنيّة مُتخصصة، يكون دورها تقديم الدعم للجان المجلس، التي هي الأخرى يجب أن تضم في عضويتها قدراً كافياً من المُتخصصين، لترشيد عملية صنع القرار، بالقدر الذي يساعد المجلس في مهامه خلال فترة ولايته.
رابعاً : وضع ترتيبات إعلامية وآليات عمل واضحة، فاعلة ومُحدّدة، تضمن اطّلاع الناس على سير أداء المجلس، ومعرفة نقاط الضعف في أداء الأعضاء، بحيث يتمكّن الناخبون من المتابعة ومن ثم المحاسبة، وهذا فيه ردعٌ لمن قد تسوّل له نفسه العبث أو الإهمال، بحيث يقف الناس على حالات الغياب غير المبرّر للأعضاء، وحالات الانصراف غير القانوني، وكافة الممارسات العجيبة التي رأيناها في المؤتمر اولطني العام، ليكون أيضا رادعاً للعابثين، وضمانة أخرى لحسن أداء هذه الأمانة والثقة التي منحها إياهم الناس، ولكي لا يتحمّل بعض الأعضاء تقصير البعض الآخر وعبثه.
خامساً : توفير الأمن الكافي لمقر مجلس النواب، وهذه المهمة يجب أن تكون أولوية لدى المجلس، بحيث يستطيع مواجهة التهديدات التي تؤثر في اتخاذه القرارات الجريئة والمناسبة.
سادساً :
سابعاً : أقترح على الصعيد الشخصي للأعضاء، ان يقوموا بمبادرة، في الواقع تُحتمها ظروف الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد، وأيضاً لكسب مزيد من ثقة الناس فيمن انتخبوهم، أقترح إعادة النظر فيما اعتمده المؤتمر الوطني العام مِن نظام مرتبات ومكافآت لأعضائه، بحيث تُقلَّص هذه المبالغ إلى الحد الأدنى الممكن، الذي يوفّر قدراً كافياً لكل عضو لتسيير أمور عائلته ومن يعولهم، ويضمن أداءه لعمله على النحو الأفضل، وهذا في واقع الأمر لم يعد اختيارياً بل هو أمرٌ تُحتِّمه الظروف على المستوى العام للدّولة، ولم يعد ثمّة خيار غيره، إذ أن المرحلة القادمة تتطلب سياسات تقشّفية يجب اعتمادُها لتجاوز الأزمة المالية الناجمة عن إيقاف تصدير النفط والغاز خلال سنة مضتْ وتداعيات ذلك، والتي أرهقت مالية الدولة، و وضعتنا على حافّة الانهيار، في ظلِّ أزمة اقتصادية أخرى خانقة، وهدرٍ كبير في المال العام، مارسته الحكومات المُتعاقبة، دون رقيب ولا حسيب، بكل أسف، أقول هذا رغم علمي وتقديري لبعض أعضاء المؤتمر الوطني العام، وبعض المسؤولين في الدولة، الذين إلى يومنا هذا لم يتسلّموا أيّة مرتبات أو مكافآت أو علاوات، تفانياً في خدمة الوطن دون مقابل، وهو أمر يستحق التقدير، وإنْ تَعذّر تَعميمُه، لاختلاف ظروف النَّاس، وقناعاتِهِم كذلك.
أخيرا، إنها أمانة ثقيلة والله، تلك التي تصدرتم لها أيها النواب، وما عليكم إلا إشراك الناس في معاناتكم وأعمالكم، ليقفوا إلى جانبكم، فلا تنفردوا عنهم ولا تعزلوهم، وليكن لهم منكم نصيب، من اللقاءات والزيارات، افتحوا لهم أبوابكم، واستمعوا لهمومهم، وأشركوهم أنتم في نصيبكم منها، ولا تبتعدوا عن الرأي العام، وسيكون الجميع معكم، داعما ومسانداً، طالما كانت ليبيا هي الهدف، بإذن الله تعالى ..
نسأل الله تعالى أن يحفظ ليبيا وأهلها، ويوفق المنتخبين الجدد لما فيه خير البلاد والعباد ..

د. فتحي خليفه عقوب
طرابلس في
الأربعاء 27 شعبان 1435

الموافق 25 يونيو 2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق