بداية لعلنا
نتفق بأن المسئولية الاساسية والواجب الوطني يُحتم علي الجميع - بعد إنتصار ثورة
شعبنا المباركة - أن نتحرك نحو تحقيق التصالح والمصالحة بين كل ابناء شعبنا الا من
آبى. وذلك لإسباب عديدة لعل من أهمها إنبناء أي دولة حديتة وعصرية يتطلب - بالدرجة
الاولي - تحقيق مُصالحة وطنية لمعالجة الاحتقانات المجتمعية ولإنها أحد
الركائزالضرورية لقيام العملية المؤسساتية في دولتنا الدستورية الفادمة. ولكى نحقق
هذا الهدفالسامي - فيإعتقادي المتواضع -لابد من التسليم بان التصالح مع الآخرين يتطلب اولا وقبل كل شيء التصالح مع النفسوذلك بتصالح الانسانمع ذاته. فالانسان الغير مُتصالح مع نفسه من باب أولي لن يكون
قادرا علي التصالح معالآخرين.هذاببساطة يعنيأن تكون أقواله وسلوكياته وأفعاله مُنسجمة
ومُتناسقة مع رؤيته الفكرية والمستقبليةللأمور. وبمعني آخر يجب الايكون الانسان متناقضا
في مواقفه ولا ان يعتدي علي القيم والثوابت والمبادئ الانسانيةالسمحاء التى يؤمن
بها مجتمعه ويقدسها شعبه. ولكي يتحقق كل هذا لابذ علي الانسان انيسعي-بالإضافة
للتصالح مع نفسه - اليالتصالح معغيره لكي تتحققبذلك ما يمكن ان نطلقعليه بالمصالحة
الوطنية.
معني المصالحةالمصالحة
هنا تعني العملية المنهجية التى تتبناها دولة ما لتحقيق حالة التوافق بين
المتخاصمين والسعي للوصول للمصلحة المشتركة بينهم. بمعني آخر هي عملية التوسط بين
المتخاصمين لحل المشاكل والاختلاف عن طريق التراضي والمسالمة تجنبا لحدوث الصراع والبغضاء
والتشاحن بينهم. والحقيقة ان المصالحة هنا لا
تعني بالضروري محاولة إعادةالاشياءالى ماكانت عليه وانما محاولة إيجاد الحل الوسط والتعامل مع المشاكل والنزاعات بالأساليب السلميةوقبول الأمر الواقع
وإصلاح ما يمكن إصلاحه. وفيأعتقادي المتواضع انه لايمكنلأي دولة حديتة أن تشق
طريقها نحو التقدم والرخاء بدون تحقيق المصالحةالوطنية بين مواطنيها. وإنطلاقا من هذه
القناعةفاننىأدعوالي ضرورة تشكيل لجنة
وطنية عليالتحقيقالتصالح والمصالحة بين كل أفراد المجتمع وبكل ابعادهاالسياسية
والاقتصادية والمالية والاجتماعية. وعلينا جميعا ان نعي بانهلاخيار سلمي وحضاري لنا في هذه الظروف التاريخية الحرجة غير تحقيق التصالحوالمصالحةبين
كل الفرقاء أذاكنا فعلا نريد الخير لوطننا الحبيب ونسعي لأن تكون دولتنا
الدستورية الثانيةدولةعصرية حضارية متقدمة.
غرض المصالحة لعل من أهم أغراض
التصالح والمصالحة المنشودة في وطننا الحبيب ليبيا هو تحقيق- علي الاقل- الآتي:1.
تسوية النزاعاتبالطرق الودية وبأقل التكاليف.2.
تقديمالتعويضاتالملائمةللمواطنينالذينعانوامنإصابةأوأذىأوضررنتيجة لحكم القدافي. 3. ترجيع الممتلكات والعقارات - التى ثم تاميمها
خلال حكم القدافي - الي مُلاكها الاصليين. 4.
إتاحة الفرصة لكل من أجرم في حق الشعب للإعتدار وطلب العفو من شعبنا الكريم.5.التبشير والتأكيد علي ثقافة العفو والصفح عند
المقدرة وتنمية روح الإخاء والتعاون بينالمواطنين لتحقيق الصالح العام.6.ترسيخ ثقافة السلام والأمن والبناء والاستقرار
ونبذ ثقافة التخويف والتمزق والاقصاء والهدم.7. السعي
لحقن دماء المتنازعين وصيانة أعراضهم وحفظ مُمتلكاتهم وأموالهم
شروط المصالحة
لتسوية النزاعات عن طريق التصالح والمصالحة يتطلب بالدرجة الاولي توافر
شروط عديدة وعناصر واضحة ومحددة
حتى تكتمل مقومات المصالحة الاجتماعية والقانونية ، ولعل من أهم هذه الشروط الآتي:
1. اتفاق الأطراف المتنازعة على إختيار طريق المصالحة والرضاء بنتائجها.
2. اللجوء إلى اللجنة الوطنية العليا وقبول الاطراف المتنازعة بها كوسيط.
3.إستعداد الاطراف المتنازعة العلني وقبولهمبما يلزم من تنازلات وتضحيات للتحقيق المصالحة.
4.إعتبار قرار اللجنة الوطنية العليا بعد التوافق عليه من طرف المتنازعين حلا نهائيا للاشكال وله من القوة ما يجعله سندا قانونيا.
1. اتفاق الأطراف المتنازعة على إختيار طريق المصالحة والرضاء بنتائجها.
2. اللجوء إلى اللجنة الوطنية العليا وقبول الاطراف المتنازعة بها كوسيط.
3.إستعداد الاطراف المتنازعة العلني وقبولهمبما يلزم من تنازلات وتضحيات للتحقيق المصالحة.
4.إعتبار قرار اللجنة الوطنية العليا بعد التوافق عليه من طرف المتنازعين حلا نهائيا للاشكال وله من القوة ما يجعله سندا قانونيا.
آليات تحقيق المصالحة لعل من أهم الآليات التي تتطلبها المصالحة الوطنية
في هذا الشأن الآتي:1. اللجنة الوطنية العليا- وهي ألآلية الرئيسية للتسامح والتصالح وتُعرفبلجنةالمصالحةالوطنية
العليا. وهيلجنةمستقلة لها كل السلطات التى
تحتاجها وبعيدة كل البعد عن سلطات الدولة والتكتلات الحزبية والتيارات السياسية.
بمعني يجب ان تكون اللجنة قادرة علي ان تؤديمهامهاباستقلاليةكاملةودونتوجيهأوتدخلمنأيشخصأوسلطة
في الدولة.2.أعضاء اللجنة-
يثم تعيينأعضاءاللجنة- من قِبل البرلمان -علي أساس الكفاءة والنزاهةوالمقدرةعلىإنجازأهدافاللجنة.3. لجان فرعية متخصصة-
بمعني يحق للجنة الوطنية العليا ان تقوم - لمساعدتها -بتشكللجانفرعيةمتخصصة (إما منأعضاءهاأومنغيرهم)للقيامبمهامتحددهااللجنة. ولعل من أهم هذه
اللجان: (أ) لجنةترجيع الممتلكات لإهلها الأصليين.(ب) لجنة تعويض المتضررين من الحكم السابق.(ج)لجنة إمكانية العفوعلي
المجرمين السياسيين. (د) لجنة ترجيع أموال الشعب
من أصحاب الحقائب الإسثتمارية.(ه)لجنة العقلاء والاعيان للتآخي والتصالح والوحدة- وهي عبارة عن لجنةإجتماعية
من عقلاء وأعيان الوطنمهمتها الرئيسية الاتصال بكل الخيّرين في كل المدن والمناطق
والقبائل والتشاور معهم في كيفية حل مشاكلنا الإجتماعية والسياسية والعمل معا
لتحقيق ذلك.
سلطات اللجنة كما
ذكرت أعلاه أن لهذه اللجنة صلاحيات وسلطات عديدة لعل من أهمها:1.حق الإطلاع - بمعني يحق للجنةالاطلاععلىأيةمعلوماتأووثائق
أوسجلاتلهاعلاقةبأداءمهامها.2.حق الزيارة -
بمعني يحق للجنة زيارةأيةمؤسسةأومكانلإجراءتحقيقاتها.3. حق
الإستجواب - بمعني يحق للجنة إستجوابأيشخصن مهما كان منصبه وطالما لهعلاقةبالأمرموضعالتحقيق.4. حق عقد الجلسات - بمعني يحق للجنة عقد جلساتإستماععلنية
ومفتوحةللجمهورعلي ان يسمحللشخصذيالصلةأنيقدمطلباًللجنةبعقدالجلساتخلفأبوابمغلقة،5. حق العفو علي مرتكبي بعض الجرائم في حق الشعب-
بمعني يحق للجنة إصدار عفو علي من يستحقه. وهذاالعفو لا يمكن تحقيقه إلا بعد توفر الشروط التالية:(أ)أن يعترفالمتهمأمام اللجنة بكل الحقيقة ولايخفي منها
شيئاً.(ب)أن يكونالمتهم قداقترف الجرم بناء على
أوامر أتت إليه من رؤسائه. (ج)أنه اعتقد بتنفيد
هذه الآوامر يقدم خدمةللوطن.
وهنا
لابد من التأكيد بأن توفر هذه الشروط لايعني بالضرورة إتخاذ القرار بالعفو بل يعني
وجوب نظر اللجنة في مدىإستحقاق الماثل أمامهالهذا العفوعن جريمته. وإن اللجنة لم
تكن بصدد محاكمة الأشخاص وإنما العفو (أوعدمه) عنالجرائمفقط، فالمجرم يبقى مجرماً
ولكنه لايُلاحق قانونياً إذا حصل على العفو عن جريمته، وهذا هو ما يمكن تعريفه
بــــــ "مبدأ العفو العام."
عقبات أمام المصالحةالحقيقة إن
هناك الكثير من
العقبات التىقد تقف في وجه التصالح والمصالحة الوطنية لعل من
أهمها ما يلي:1. تسيس
مشروع المصالحة -بإختصار شديد يجب ان تكون هذه المصالحة
مصالحة وطنية شاملة ولايجب ان يكون لها أجندات سياسية. وعليه فعلي كل الأجندات
والمشاريع السياسية ان تتفق - علي الأقل - علي مبدأ المصالحة وأهدافها.بمعني آخر
لابد من تحويل مبدأ المصالحة الوطنية من قضية سياسية تهم القوي والنخب السياسية والثقافية في
الدولة الي هدف شعبي ومجتمعي يهم كل قطاعات شعبنا. ولعل خير مثال علي ما أقول هو
تجربتي جنوب أفريقيا والعراق. فالسبب الرئيسي لنجاح مشروع المصالحة في جنوب
أفريقيا هوبإختصار - إنها لم تُسيس , بينما يمكن ان نفول بان السبب الاساسي لفشل
عملية المصالحة الوطنية في العراق هو إنها سُيست وثم تحويلها الي مؤسسة من مؤسسات
الدولة ونجسد ذلك بإنشاء ما عُرف بــــ "وزاروالدولة لشؤون المصالحة
الوطنية."
2.وجود
نوع من التشدد في بعض شرائح المجتمع فيما يتعلق ببعض الجرائم
وإصرارهم علي مُقاضاتكل الجناة قد يعيق عملية التصالح والمصالحة.وإن حجم الضحايا والجرائم التى إرتكبها
القدافي وأعوانه
قد يدفع ببعض الجهات ذاتالمصلحة فيعدم فتح تلك الملفات أن تتشدد وتتخوف من
المصالحة.
الخاتمةلعله من المناسب أن أختم
هذا المشروع بالتأكيد علي مجموعة من النقاط علي:(أ) دعوة للتسامح–بمعني
إن المصالحة الوطنية هي من جهة دعوة لتصالح المواطنمع ذاته ودعوتهللتسامحوالتواصل
والتفاهم مع الآخرين من جهة ثانية. وأذا تحقق ذلك سيقود بإذن اللهعز وجل اليتصالح كل شعبنا مع نفسه وتوحيد كلمته وتقويته
وتقدمه.
(ب) مصالحة حقيقية–بمعني
لابد من وجود مصالحة وطنية حقيقية. ولكي يتحقق ذلك لابد من وجود نية صادقة تهدف
لرفع المعاناة والمشاركة في ألآم المظلومين خلال حكم القدافيمحاولة ترجيع ما يمكن
ترجيعه من حقوقهم.
(ج) الخيار الوحيد -
بمعني لابد من الاعتراف بأنه بالرغم من حجم العوائق الكثيرةفي وجه المصالحة
الوطنيةفإنهاتظلالخيار الوحيد المأمون والمأمول لإخراج دولتنا من أزمتها والدفع
بها قُدما إلى الأمام في اتجاهالإصلاح والتقدم. وأنا علي يقين بأن المصالحة ستكون
لها تأثيرات إيجابية تؤدي – بإذن الله الي حلول وسط تُرضي الجميع أذا قامت علي أساس المساءلة
والإنصاف.
(د) أقل التكاليف وأخف
الضرر -ختاما يمكن ان نخلص الي القول بان فكرة التصالح والمصالحة
الوطنية تهدف بالدرجة الاولي الي تحقيقاقل الضرر في التعامل مع المشاكلالعالقة التى
تواجه دولتنا الجديدة ولابدان تكونخيارناالاستراتيجي في هذه المرحلة الحرجة بالذات
. وانا لا أري اي خيار عملي آخربديلعن ذلك. وهنا لابد من التأكيد مرة ثانية علي ان
الهدف الاساسي للتصالح والمصالحة هو رأب الصدع بينالمتنازعين والفرقاء وذلك بتحقيق
العدل بين الاطراف دون تنازل الأضعف في المعادلة.
أخوتي
أخوتي إن غرضي الاساسي من تقديم هذا المشروع بالدرجة الاولي هو مشاركتكم بما أعتقد
انهالصواب وحتىلا تفشل ثورة شعبنا المباركةولا نفشل- لاسامح الله - في تأسيس
دولتنا الدستوريةالتى نحلم بها جميعا.
ختاما
بارك الله فيكم وفي جهودكم وفي جهود كل الخيّرين العاملين لنصرت ثورة شعبنا
المباركة
وفقنا
الله وياكم لخدمة الوطن وتحقيق الخير لشعبنا الكريم.
لا تنسوا إن هذامجرد مشروع أعتقد إنه الصواب.فمن أتى بمشروع
يختلف عنه إحترمناه...ومن أتى مشروع أحسنمنه قبلناه.
08إكتوبر
2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق