إشكاليــة
المفقـودين بين قدسيـــه الشــرع
وحرمة القانـون
في حرب تحرير ليبيــا
إن من مهام المجلس الوطني
الانتقالي أو مكتبه التنفيذي هو ضرورة وضع حلول قانونية وإدارية بشكل سريع وعاجل تكفل لأسر الشهداء والجرحى والمفقودين حياة
كريمة والعمل على وضع سياسة شاملة للجميع والقيام باتخاذ كافة التدابير الخاصة
التي تنظم شؤون حياتهم وبما يضمن تحقيق مصالحهم وبما يمهد السبل لرقيهم وتنظيم
علاقتهم بغيرهم والحد من آلامهم ومعاناتهم, وهذه الرؤية لا تتوفر ولا تتم إلا من خلال
من يشعر بالمسئولية ومن خلال ضمير حي.
وان
ما دعانا لوضع هذا الموضوع أمام أعين الجميع هو تردّي الوضع الحالي لأبطالنا الجرحى
الذين لا يزالون على قيد الحياة فما بالك بالشهداء الأبرار والمفقودين , هذا بالإضافة
إلى حضور أحد أبناء المفقودين ويرغب بسحب مبلغ من حساب والده المفقود متسائلا عن
الطريقة المناسبة والتي تتيح لأسرته إجراءات السحب وأفاد بأنها تعانـى من أزمة
مالية كبيرة ونقص في الحاجات الضرورية وكان ذلك في شهر رمضان المبارك الماضي .
وقبـل
الولوج
في شرح الطريقة القانونية لمعالجة أوضاع المفقودين سواء في إدارة حساباتهم أو
أملاكهم يجب توضيح الإشكاليات الشرعية والقانونية للمفقودين سواء من خلال وجهة نظر
الشرع أو من خلال وجهة القانون.
أولا
:تنظيم أحوال المفقودين من خلال وجهة الشـرع :
لقد جاء الشرع والقانون متفقان في تعريف المفقود
وهو (( الشخص الذي لا نعرف حياته ولا وفاته والغائـب:هو الشخص الذي لا يعرف
موطنة ولا محل إقامتـه )).
وان
التعريف المذكور أعلاه قد جاء في الشريعة والقانون بنفس المفهوم المشار إليه وهذا
ما نصت عليه المادة الحادية والعشرون من قانون رقم 17 لسنه 1992 الخاص بتنظيم
أحوال القاصرين ومن في حكمهم وبالتالي فان الشخصية القانونية للمفقود مثار جدل
شرعي وقانوني وذلك سواء من خلال التصرف في أمواله أو الحفاظ على حقوقه وعليه فقد
يكون المفقود مورثا" لورثته أو يكون المفقود وارثا" مع ورثته.
أ.
عندما يكون المفقود
مورثا" لورثته : لقد اتفق الأئمة الأربعة على أن مال المفقود
يوقف بكاملة ولا يجوز التصرف فيه إلي أن تظهر حالة المفقود أو بتحقق حياته أو تحقق
موته أو بعد حكم قاض بموته اجتهادا" بعد مضي مدة التغيب وهذا الأمر له عدة آراء
من حيث مدة المفقود .
ب. عندما
يكون المفقود وارثا" مع ورثته : حيث إن من شروط الإرث تحقق حياة
الوارث وقت موت المورث فإذا كانت حياة المفقود غير محققة لم يحكم له بالإرث مع
ورثته أثناء فقده وذلك لعدم توافر شرط الوراثة فيه باعتبار انه لا يعلم حياته علما"
حقيقيا"مدة فقده ,لكن للاحتياط يوقف له نصيبه من تركه مورثة الذي توفي في أثناء
فقده إلي أن يتبين أمره وذلك من اجل المحافظة على حقوقه إذ من الممكن أن يكون حيا
وقت وفاة المورث.
وعليـة فان هذا الموضوع يحتاج
إلي دراسة وافية وبحث من قبل الأخوة المختصين في أحكام الشريعـة وما عرضنا
آنفا" كان اجتهادا" من قبلنا فقط وذلك مـن خلال مطالعتنا لكتـب علـوم
الشريعـة ( فـان كان خطأ" فمني والشيطـان وان كان صوابا فمـن الله ) .
ثانيا
: تنظيم أحوال المفقودين وفقا لنص القانون :
لقد
نصت المادة 32 من القانون المدني بأنه (( يسري في شان المفقود والغائب الأحكام
المقررة والقوانين الخاصة فان لم توجد فأحكام الشريعة الإسلامية )).
وبالنظـر إلي المشرع
الليبي نجدة قد نظم أحوال المفقود بموجب قانون رقم 17 لسنه 1992 الخاص بشان تنظيم
أحوال القاصرين ومن في حكمهم.
حيث
نصت المادة الثانية والعشرون منه (( إذا
لم يكن للغائب أو المفقود وكيل عينت له المحكمة قيما لإدارة أمواله )) .
بالإضافة
للمادة الثالثة والعشرون (( تأمر المحكمة عند تعيين القيم وفقا لأحكام المادة
السابقة بإحصاء أموال الغائب أو المفقود وتدار وفق إدارة أموال القاصـر )) .
وجاءت
المادة الخامسة والعشرون بأنه (( تنتهي الغيبة بظهور موطن الغائب أو محل إقامته
أو بثبوت وفاته أو الحكم باعتباره ميتا" وينتهي الفقدان بثبوت حياة المفقود
أو وفاته أو الحكم باعتباره ميتا )) .
ومن خلال
مطالعة النصوص المشار إليها يتبين بأنها وضحت طريقة إدارة أموال المفقود وذلك عن
طريق تعين قيما تتفق عليها أسرة المفقود أمام القاضي حتى يتم أثبات حياة المفقود
أو إصدار حكما بثبوت وفاته ومن ثم تتغير طبيعته الشخصية القانونية من مفقود إلى
مورث إلا أن الوضع الاجتماعي لهذه الشريحة قد يكون محرجا لها في بعض الأحيان
ويمتنعون عن لتقدّم للمحاكم لاتخاذ هذه
الخطوات لما له من أثر نفسي وأدبي في نفوسهم يصعب عليهم طرح هذا الأمر وذلك على أمل
أن يكون هذا المفقود على قيد الحياة ومـن خلال ما تقدم نجد أن المشرع الليبي قد أوجد
قانونا خاصا لهذه الشريحة وعليه نري تقديم المقترحات التاليـة:-
-
المقتـرحات الخاصـة بالمفقوديـن :
1-
يستوجب على المجلس الوطني الانتقالي والمكتب التنفيذي ضرورة إعطاء هذا الموضوع
أهمية خاصة وحسم هذا الموضوع للعائلات التي لديها مفقودون فليس من العقل والمنطق
أن تستمر حياتهم إلي مالا نهاية وتبقي هذه الأسر في حيره من أمرها وبالتالي يجب
حصر جميع المفقودين حصرا دقيقا وتوثيق هوياتهم بعد البحث والتحري وإصدار قرار
يتضمن هؤلاء المفقودين بالاسم وتاريخ الفقد إن تطلب ذلك الاستعانة بمؤسسات دولية
متخصصة بهذا المجال.
2-
يتم تشكيل لجنة قانونية وشرعية لوضع أساس شرعي وقانوني لتحديد المركز القانوني
للمفقودين وفقا لنصوص الشرع وصحيح القانون.
3-
يتم فتح حسابات جارية بأسماء المفقودين وتعين قيما بإدارة هذا الحساب عن طريق
المحكمة وتسهيل جميع الإجراءات القانونية وفقا لما هو منصوص عليه بقانون رقم 17
لسنه 1992 ولا يجوز المساس بحساباتهم السابقة أو ممتلكاتهم إلا بعد إصدار حكم
قضائي يقضي بانتهاء شخصيته القانونية ويعامل معاملة المورث ويكتبه الله مع الشهداء
الصادقين .
وعليــة نأمل اخذ
جميع الملاحظات المذكورة سلفا بشان ما تم طرحة حول شئون المفقودون وسنتقدم بمقترح
يخص هذه الشريحة بالإضافة للشهداء والجرحى وللحديث بقيـة .
وفقكــم
الله
والسلام
عليكم ورحمة الله وبركاته
إبراهيـم حسن ونيـس العوامـي
باحث قانوني بالشؤون المصرفية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق