اتجاه سياسي جديد وجدير بالاهتمام خرج من رحم الثورة الليبية ، بالرغم من ظهور هذا التيار بشكل مفاجئ الا انه أخذه فتره زمنية لاباس بها قبل نضوجه.ونابع من تجربة ميدانية حقيقة مدنية واقعية، فبعد أن حمل أنصاره السلاح في أفغانستان ضد الوجود السوفيتي ثم في ليبيا ضد نظام القذافي إلا أن نظام القذافي القوي نكل بهم فقتله من قتل وسجن من سجن وهرب الباقي خارج البلاد كان ذلك في بداية التسعينيات ومن عجائب الصدف وغرابة الأقدار أن يقوم سيف الإسلام بالإشراف علي تدريب وتأهيل وإعداد هؤلاء إعدادا سياسيا مكثف وفق منهجية محدده بإشراف نخبه للوصول إلي إقناعهم بترك النزاع المسلح لأجل التغيير،
فتغيرت قناعتهم واقتنعوا بنموذج جديد يمزج الإسلام مع الدولة المدنية الحديثة، وبعد ذلك تم الإفراج عليهم ،بعد ان حدثت الثور الليبية وجد هؤلاء الفتية الفرصة سانحة لمشاركة الليبيين الكفاح، فقادوا الثوار في معارك التحرير، من خلال أول ظهور إعلامي لهم كانت كلمات المدنية والحرية والديمقراطية من ضمن مفرداتهم، فقد رفعوا شعار الاختيار بدل الإجبار، وعرضوا أنفسهم علي الشعب بدل أن يجبروا الشعب علي قبولهم، فقد كان هذا النهج الجديد بمثابة مفاجئة للمتتبعين لتيارات الإسلامية التي توصف بأنها متطرفة، فقد اتضح انه ليس لديهم منهج سياسي مستقل للحكم ، بل هم شريحة من الشعب يميزهم أنهم أكثر تدينا وليس تطرفا،والجديد أنهم أعلنوا قبولهم لكل التيارات السياسية كشريك في الحكم ، كما أعلنوا التزامهم باحترام الدستور والديمقراطية وخيارات الشعب، بلغة السياسة الصرفة اتجاه يحمل نضجا كبيرا ونزع آخر مبرر لاستبعادهم ،والجدير بالذكر إن برنامج التأهيل الذي تلقوه بالسجن لم يكن بعيد عن عيون الدوائر الغربية، وما كان سيتم إطلاق سراحهم لولاء مباركة الانجليز والأمريكان، وكانت تهدف خطة التأهيل إلي خلق اتجاه إسلامي وسطي في إطار دولة مدنية، فهذا الاتجاه لا يرتكز علي ترشيد شخصية فكرية كما هو الحال في الإخوان المسلمين، أو ولاية الفقيه كما هو الحال عند التيارات الشيعية، لأنه يعتمد الدولة المدنية كمنهج سياسي، ومن المعلوم ان الشعب الليبي أكثر الشعوب العربية تدينا ووسطية، وبالمقابل لا تبرز تيارات إسلامية منهجية إلا تيار الإخوان المسلمين ، ومن ناحية أخري لا توجد قواعد فكرية أو تنظميه لبناء دولة مدنية، فالتكتلات القبيلة لا تملك تصور مدني، ولا يمكن إيجاد دولة مدنية تكون القبيلة احد مؤسستها، فمن الأبجديات القبيلة ضد دولة المواطنة والعدالة، فمطالب الثوار سوف تكون مشوهه إن عبرت عبر القبائل والجهات، من الواقع الليبي ومطالب الثورة وأهداف الثورة في تأسيس دولة الديمقراطية يكون هذا التيار هو اللاعب المحوري في العملية السياسية في ليبيا، فالقبيلة لا يمكن إن تؤسس دوله مدنية، وإمام تغول القبلية وعدم وجود قوة حقيقة علي الارض للسلطة الحكومة الليبية يكون الخيار إمام الناس هو هذا الاتجاه ونلاحظ ان هناك قبولا لهذ الاتجاه في مدن الشرق الليبي وفي العاصمة طرابلس، إلا إن هذا التيار سيواجه تحديات كبري في قيادة ألدوله المدنية، فمن المعلوم أن الاقتناع بالفكر النظري وامتلاك القوة علي الأرض والإخلاص وقطع دابر الفساد ليس كافيا للنهوض بالدولة وتطويرها، فهنا يحتاج هذا التيار إلي نقلة نوعية أخري ، هي أن يضم في مكوناته تكنوقراط وخبراء قد يكونوا اقل تدينا اوالتزاما دينيا، ومن خلال ما سبق لا يمكن أن نطلق علي هذا الاتجاه انه تيار إسلامي صرف بل هو اتجاه سياسي يقوده المحافظين. التحدي الأخر ما هو الضامن إن لا يتحول هذا الاتجاه إلي دكتاتورية جديدة؟ بحيث يكون له ذراعه العسكري الخاص تحت بند حماية الثورة، لتجنب ذلك ولاجل الاستقرار في ليبيا والمتوسط علي العالم أن يساعد ليبيا في سرعة بناء مؤسسات المجتمع المدني ، وبناء جيش وطني حقيقي وقوي يكون ولائه للدولة والدستور، لان ضم كتائب الثوار بهذه الطريقة تضعف الولاء الوطني أم أن يكون لصالح القبائل أم لصالح تيار أو تيارات معينة ، وهذا لا يصب في مصلحة دولة سيادة القانون والعدالة والدستور التي ضحي من اجلها خيرة أبناء البلد.
الحاج
الحاج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق