الثلاثاء، 16 أغسطس 2011

تخمينات الحكومة الجديدة ومأزق العمل المؤسسي



الساحة الداخلية متمثلة في المجلس الانتقالي والمكتب التنفيذي، إضافة لمتابعي قضية اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس، شهدت نقاشات وحوارات متعددة ومتنوعة.  وكان من الأوساط العامة الترقب لما يمكن أن تسفر عنه الأيام لجلاء أسباب وملابسات الاغتيال.

بالنظر إلى تأخر المعلومات التي تبين الإجراءات المتخذة لكشف الحقيقة، وكذلك عدم وجود خطاب إعلامي مصاحب يوجه الرأي العام إلي التركيز على القضية الأساسية الكبرى ألا وهي " قضية الثورة والتحرير"، فقد كثر اللغط والجدل مما كان سببا في تشتيت تفكير الناس في اتجاه ابتعد عن المتطلبات والاحتياجات الأهم للمرحلة، وان كان الجميع من حيث المبدأ يؤكدون على أننا فداء للثورة بأنفسنا وأبنائنا وأموالنا، إلا أن الفعل اثبت أن ضغط الحدث وتأثيره اكبر من مجرد القول!
نعتب عتاب المحب والحريص على النخب وقادة الرأي كون أنهم لم يكونوا على مستوى الحدث ومخاطر تداعياته المحتملة؛ فالملاحظ عنهم أنهم لم يعوا خطورة دورهم وأهميته في التصدي للفتن والمؤامرات. فالمرحلة - ولا ريب - تُلقي على النخب وأهل الرأي تبعة ومسئولية كبيرة بضرورة الانتباه والاستعداد المسبق، خاصة في ظل حالة التغيير والنضج التي يمر بها مجتمعنا بعد الثورة. فقد كان من المفترض فيهم أن يكون لهم أدوارا متقدمة في القدرة على امتصاص الصدمات وتجاوز المفاجئات الطارئة، في إطار من التوازن يمكن أن يحفظ في نفس الوقت حالة التركيز والاهتمام بالقضية الأساسية وهي إنجاح هذه الثورة، والإصرار على تكملة المشوار إلى بناء الدولة المدنية.. دولة الدستور والقانون والمؤسسات.
من جانب أخر نعتب على المجلس الوطني الانتقالي؛ فرغم أننا لا يمكن أن نغفل نجاحاته السياسية الهامة بشأن مكتسبات التأييد الدولي، إلا أن الأداء الداخلي إبان هذه الحادثة شابه الارتباك الذي افقده شيء من توازنه. وما نعتقده أن السبب راجع الى أن المجلس الوطني الانتقالي لا يزال في حالة من عدم الإحكام المؤسسي نظرا لملابسات تكوينه واختيار عناصره؛ فقد ظل المجلس حتى اللحظة يبحث عن طريق يخرجه من الأداء الفردي إلى الأداء المؤسسي . فما نأمله ونتطلع إليه جميعا ان نشهد في مجلسنا ومكتبنا التنفيذي تطورا يوميا مستمرا وملموسا في اتجاه الإحكام والضبط المؤسسي، ما يعني سدا للكثير من الثغرات وحلولا للمشكلات، وبناء صورة ذهنية عن وجود تطور مضطرد يكسبنا المهابة والاحترام من الجميع. نحن في مرحلة حرجة من الثورة تجعلنا في حاجة ملحة للتطور والضبط المؤسساتي، من خلال رسم الرؤية والإستراتيجية، وضمان مراقبة وقدرة عالية على التواصل والتفاعل السريع.
ولعل من مظاهر التعامل اللامؤسـسي أسلوب ترضية كافة الأطراف ولو على حساب الحل الموضوعي القائم على المهنية والمعرفة، وكذلك معالجة مظاهر ونتائج الأزمة دون الالتفات إلي الأسباب الجوهرية التي أدت إليها، مما يتسبب في تكرار الأخطاء ويسمح بتدخل الخلفيات والاتجاهات التي تؤثر على القرار وتخدم أجندات قد تسهم في  إقصاء أطراف بعينها.
نتيجة لهذه الاعتبارات تم إقالة المكتب التنفيذي وتكليف الدكتور محمود جبريل بإعادة تشكيله. هذا القرار لن يكون صائبا إذا لم يأخذ في الاعتبار بوجوب إدارة محمود جبريل للمكتب التنفيذي من الداخل، وبآلية مؤسساتية تعتمد على المشاركة الفاعلة لأعضاء المكتب من خلال الاجتماعات الداخلية والإجراءات التنظيمية التي تحسن من الأداء التنفيذي وتضمن عدم تفرد رئيس المكتب بأي قرارات سيادية بدون الرجوع لمكتبه التنفيذي. أما بشأن الاختيار المرتقب لأعضاء المكتب التنفيذي فالمتوقع له أن يقوم على مبدأ الكفاءة والمصداقية والخبرة السابقة في جو ينأى عن نوازع الإقصاء والتهميش.
 وفي المقابل فإننا نتطلع أن يسارع المجلس ببناء نظام متكامل للقضاء بحزم من القوانين المناسبة للمرحلة ، ويملك من الضمانات ما يحفظه مستقلا ويهيئ الطريق لبناء دولة القانون والمؤسسات.

افتتاحية العدد الثامن صحيفة المنارة الورقية
12-8-2011

هناك تعليق واحد:

  1. اول مقال اقرأه واشعر ان صاحبه ينصح لوجه الله ويريد بنا خيرا فكل مقالات النصح التي قرأتها كان ورائها دوافع اما شخصيه او مصلحيه بارك الله فيكم وسدد خطاكم

    ردحذف