السبت، 13 أغسطس 2011

إطعامٌ في يـوم ذي مسغبـــة .. ردا على مقال الكاتب:صالح بن عبد الله السليمان ( اعتذار إلى ليبيا)


إطعامٌ في يـوم ذي مسغبـــة
                     ردا على مقال الكاتب:صالح بن عبد الله السليمان  ( اعتذار إلى ليبيا)
                                                        
إن ما تفضل به الكاتب جاء بمثابة : إطعام في يوم ذي مسغبة من أخ كريم , ومن بلد طيب أحبه الله ورسوله.فالمقال خرج في وقته الصحيح :اقتحام عقبة .. جزاه الله بذلك ما هو أهل له عنها.
ولا غرو,  في أن نجد ذلك من أصل منشئنا في جزيرتنا العربية وكيف لا..؟ وهذا الفرع من ذلك
 الأصل , أوليست الأمة كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد  ؟ فما بالك إذا كان التداعي من أصل منشأ ذات العضو ؟! ففي تقديرنا :أن المقال يحمل مواساة صادقة لنا أخرجت في صورة التعريف بنا للآخرين..  ولعل في هذا انسجام مع ما عبّر عنه أستاذ العربية والأدب, المرحوم محمود شاكر في نظمه:
 
                             يا ساهر الليل ما أشجاك أشجاني      وما تصبّاك من  أمر  تصبّانى
                             وما يدور  بين  جنبيك  من  ألم        أحسّه ملء أعماقي ووجداني
إن الخطوب تحدث بأسبابها..  وتجرى الأمور بمقاديرها, وما كان بالمشيئة كائنا: فلا بد له أن يكون . فالأيام بأحداثها حبلى .. ( وتلك الأيام نداولها بين الناس ).
فما هو جار حاليا في ليبيا ليس بجديد ولا مستغرب عما جرت وتجرى به المقادير دائما في كون الله  مذ  خلقه, وبدوام سرمدية قدرته . فهي في علمه سابقة من قبل أن يبرأها .
إن الأمور لم تستأخر ولم تستقدم عما هو مقدر ومحدد في مواعيدها لأنه لا يجليها لوقتها إلا هو سبحانه , لكننا نحن الذين نتجرأ بجهلنا لتحيزها في حدود إدراكاتنا استبطاء  أو استعجالا.
إنها آيات مفصلة ,وهى في أم الكتاب قائمة, لكنها تظهر لنا عيانا عندما تسطو فرعونية البعض  على رقاب العباد خلال آجال قدرت في علمه سبحانه :     ( كذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين ), وبالتالي تبدأ مسئوليتنا نحن عن نزوعنا تجاه مجريات الأمور عند ظهورها إلى حيز الإبتلاء المناط بنا أن نتعامل معه كبصائر من ربنا ,فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها , وليس ظهور أكابر المجرمين في كل قرية ليمكروا فيها بجديد على المسيرة الإنسانية منذ فتنة ناقة صالح ومن قبلها , وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
عودا إلى مقال أخينا صالح السليمان ,الذي قال:
كانت ليبيا دولة عربية مختفية عن الأنظار. و لا نعرف لها تاريخا ولا جغرافيا ولا نعرف لها شعبا ولا عادات .
فجأة خرج المارد من قمقمه , وجلسنا في محراب ذلك المارد لنتعلم منه ما لا نصدق أننا جهلناه, ولم نحلم أنه كان موجودا طوال الوقت.
ذلك المارد لم يعلمنا جغرافيا ليبيا فقط, فقد عرفنا تاريخها وعرفنا أبطالها , وأنهم ليسوا حصرا على شيخ المجاهدين عمر المختار.
أهم ما عرفنا في هذه المفاجأة التي أذهلتنا جميعا. عرفنا الليبيين شعب التحدي والصمود.
وهنا أستسمحك أخي صالح في أن أطلعك على شيء من تاريخ هذا الشعب,أضعه أمامك في قالبين .  ففي الأول : سأدعوك للإطلاع على  ما عايشه وأخبر به أشهاد غير ليبين؛
1-يقول المؤرخ الأمريكي : ( جلين تكر) عن المعاهدة التي وقعتها أمريكا مع يوسف باشا والى طرابلس بأنها ( أذل معاهدة بتاريخها ) وذلك عقب خسارتها معه في معركتها التي عرفت تاريخيا باسم حرب السنوات الأربعة1801 -1804 جراء رفض أمريكا دفع المكوس التجارية مقابل مرور سفنها بالمياه الإقليمية, ( كانت العائلات الأمريكية تودع رجالاتها البحارة بدعاء معروف سجله التاريخ : [حفظكم الله من شر السفن الطرابلسية] ) ,تلك الحرب التي وصفها (جلين تكر) والدكتور (كودرى) المرافقان للحملة الأمريكية بأنها من أقسى المعارك الحربية في تاريخ المنطقة ,والتي أسفرت عن أسر البارجة الأمريكية (فيلادلفيا) من قبل البحارة الليبيون بقيادة أمير البحر (الريس مراد) ,سنة 1805 م وكان على ظهرها 44 مدفعا و 301 ضابطا وبحارا , وقامت بسببها الحملة الأمريكية بقيادة الجنرال الأمريكي ( إيتون ) على شرق ليبيا بمدينة( درنة ) حيث ساندته قطع البحرية الأمريكية التي كانت محملة بجنود البحرية التي تم إبرارها عبر النزول بخليج (البمبة) في أول مهمة حربية للقوة المحمولة والتي أصبحت تعرف فيما بعد باسم قوات المارينز , فهل تصدق أن أولى مهمات المارينز كانت في ليبيا , وأن في النشيد العسكري التقليدي لقوات المارينز ما يشير إلى معاركها على الشواطئ الليبية لا يزال يردد حتى الآن؟!
فشلت الحملة ,وكانت المعركة فاصلة انهزم فيها (إيتون) وجيشه , واضطر السفير الأمريكي (كلايتون)المتجول في عهد الرئيس جفرسون إلى توقيع المعاهدة تاركا (إيتون) وجيشه بالصحراء دون مساعدة ( مقابل الإفراج عن أسرى البارجة فيلادلفيا ).
2- احتوت مضامين رسائل ( مس توللى )أى الآنسة توللى, أخت القنصل البريطاني في ليبيا المتواجد بطرابلس في تلك الفترة( خلال ولاية يوسف باشا وحروبه المشهورة مع الأسطول الأمريكي في البحر المتوسط ) والتي كانت ترسل بها إلى إنجلترا تباعا لما يجرى من أحداث , واعتـُبر ما تضمنته تلك الرسائل بمثابة وثائق تسجيلية شبه يومية لمجريات الأمور إبان تلك الحرب,ومن شاء أن يطلع عليها فبإمكانه الرجوع إلى أصولها  حيث تم تجميع تلك الرسائل في كتاب عنوانه: ( عشر سنوات في بلاط طرابلس ) ترجمته مكتبة الفرجاني في الستينات,إذ فيها ما هو جدير بالإطلاع من صور سلوكية لليبيين,وما سببوه للأمريكان من متاعب وفرض إتاوة على سفنهم التجارية المارة بالبحر المتوسط. وكذلك طريقة تعاونهم وتكاتفهم إثر  تفشى مرض الطاعون في دول شمال إفريقيا ومن بينها ليبيا.
3- في كتاب ضابط المخابرات الإنجليزي المايجور : Vladimir Beniakuf popski الذي تم تكليفه في الحرب العالمية الثانية بالعمل خلف خطوط العدو( قوات المحور الألمانية والإيطالية) المتواجدة بليبيا ,إذ اقتضى الاتفاق بين الأمير إدريس السنوسي اللاجئ حينذاك بمصر - والذي أصبح ملكا لليبيا غداة اندحار المحور ومنهم إيطاليا التي استعمرت ليبيا في الفترة من سنة1911  إلى نهاية الحرب العالمية الثانية- حيث بدأ بتشكيل جيش التحرير السنوسي بالمهجر, وأجرى اتفاقا مع قيادة الجيش البريطاني الثامن في مصر أن يساعد ويشارك أفراد من الجيش السنوسي العارفين بطبيعة المنطقة في أعمال الحرب ضد المحور ومن بينها المهام المكلف بها المايجور بوبسكي لإرباك مؤخرة جيوش العدو وقطع إمداداته ., وأصبحت تلك المفرزة تعرف في تاريخ الحرب بمصطلح:popski private Army (PPA)   ,(أصبح هذا المسمى عنوان كتابه المشهور الذي ضمنه يومياته وتفاصيل الأحداث, وفيه  من العجب العجاب مما ذكره عن الأهالي الليبيين الذين ساعدوه في المهمة, والذين اختلط بهم في نجوعهم ووديانهم).
أرسلت تلك التشكيلة سرا من القاهرة جوا وأنزلت في واحة سيوه في أقصى غرب الصحراء الحدودية بين مصر وليبيا لتقطع المسافة الصحراوية برا حتى مناطق ساحل البحر المتوسط حيث تواجد قوات المحور في المدن والقرى الليبية, وطيلة أربعة سنوات عايش فيها (بوبسكى) الليبيين حياتهم, شاركهم وجبات أكلهم وجالسهم في بيوتهم وخيامهم, ونام معهم مختبئا في الأودية والكهوف, وشاركوه الهجوم ليلا على العدو,وساعدوه في إخراج الجنود  البريطانيين الأسرى لدى الألمان.

ركب جمالهم وخيلهم وحميرهم وخبروا به الصحراء ليلا وهو يستغرب شجاعتهم ويقول في مذكراته أنه يعلم جيدا أنه لو تم أسره, فإن مقتضى معاهدة جنيف كفيل بصون حياته كجندي أسير , أما الليبيين الذي يشاركوه مهمته  فإن إعدامهم وحرق بيوتهم والتنكيل بأسرهم هو ما  تنص عليه قوانين إيطاليا باعتبارهم مواطني مستعمرتهم الخونة لمساعدتهم قوات الأعداء, وبالرغم من ذلك فقد قال : إن أيا منهم لم يتردد فيما أوكل إليه من واجبات خطيرة. بل ويقر في مذكراته أن أولئك الفقراء لم يقبل أحد منهم أن يخبر عن العدو باستثناء شخص واحد ,ذاك الذي وجد مذبوحا بيد الليبيين أنفسهم جراء وشايته في أقل من شهر. ويصف (بوبسكى) وقائع أحد اجتماعاته السرية مع بعض شيوخ القبائل في موقع يسمى وادي الرملة , بأنه بينما كان منهمكا في الحديث مع رؤساء القبائل المهمين حاثا إياهم على الجد في المساعدة لقوات الحلفاء وخططها , يقول : إذا بأحد الشباب- الذي تصادف حضوره دون أن يُقدم لي باسم ولا مركز اجتماعي –  يباشر الحديث, مما جعلني أسأل مساعدي عن هوية المتحدث ,ولما عرفت أنه أحد الرعاة العاديين, حاولت بلباقة أن أنهى مداخلته حرصا على الوقت ,وفوجئت بأحد المشايخ يستهجن موقفي قائلا: اسمع نحن في أعرافنا نحترم حديث الرجال ولا نقبل إطلاقا تسفيهه , فعليك الاستماع لحديثه بما لا يقل عن حديث أي منا !! .. ويقول بوبسكى: وهكذا علمني بدو ليبيا درسا في الديمقراطية لن أنساه.
ويستغرب ( بوبسكى) من إيمان أحد معاونيه الليبيين ويدعى محمد , إذ أنهم عندما قاموا بمحاولة تدمير طائرات العدو الرابضة في منطقة المرج  فقد تعرضوا لفشل في خطتهم وبالتالي واجهتهم مقاومة عنيفة أدت إلى موت البعض وخسارة بعضا من سياراتهم مما اضطرهم للانسحاب والتوجه إلى مقرهم الأساسي بواحة سيوه على بعد مئات الكيلومترات عبر الصحراء , تلاحقهم طائرات استكشاف العدو لتحديد موقعهم لقاذفات القنابل المدفعية, يصف بوبسكى الحال فيقول: كان محمد مجروحا جرحا بليغا والجو حارا إثر هبوب رياح الخماسين الجنوبية المعروفة في شمال إفريقيا , وكان المسلمون حينذاك يؤدون فريضة الصيام, ورغم أن الدين المحمدي كان يبيح له أن يفطر إلا أن محمدا واصل صيامه, وعانى من إصابته البليغة ,وعبر معي الصحراء الحارة تحت وابل قصف العدو لنا حتى واحة سيوه !.

وأما القالب الثاني  :   فهو أن أتعرض في عجالة لبعض الأمثلة من المواقف التي عاشها الليبيون ولم يذكرها مؤرخون ولا رواة ٌ من نماذج تعبر عن ( مجرد أمثلة ) لما كان يحفل به تاريخ هذا الشعب خلال فترة الاستعمار الإيطالي ,   وأنا إذ أورده في هذا المقام فإنما أردت به:-
تبيانا لمعنى  ما جاء في مقالك : ( لا نصدق أننا جهلناه, ولم نحلم انه كان موجودا).
كلمة صدق في حق سلف صالح تحنـّكنا بريقه الطاهر عندما ولدنا بهذا الوطن لعلها    - أو كانت لزاما- أن تكون لنا ولمن خلفنا آية,  بل هي آيات للمتوسمين.

 المثال الأول:عندما امتدت مقاومة المجاهدين في ليبيا بقيادة الشيخ عمر المختار للغزاة الإيطاليين لأكثر من عشرين سنة بدون إمكانيات لديهم سوى الاعتماد على إمدادات المواطنين السرية لهم حسب ما كان يتوفر عندهم من زاد أو كساء, فقد ارتأت حكومة إيطاليا سنة 1929 أن تسوق جميع السكان المحليين ومواشيهم لتحصرهم في معسكرات جماعية محصورة بأسلاك شائكة وحراسة  مشددة ,في كل من ( البريقة –العقيلة – المقرون ). وذلك بهدف قطع إمدادات التموين عن عمر المختار ومن معه حتى يجوعوا ويستسلموا !.

وهكذا وجد الليبيون أنفسهم وعائلاتهم أسرى في معسكرات تفتقر إلى أبسط قواعد الرعاية الصحية والغذائية وسرعان ما نفقت مواشيهم ونفذ غذاؤهم وانتشرت بينهم الأوبئة والأمراض وسوء التغذية وانعدام الدواء, مع الضرب والتنكيل والقهر النفسي بهدف إضعاف معنوياتهم لتطويعهم عنوة للإذعان للعهد الفاشيستي.
نشأ بينهم إذ ذاك عُرف  جديد  سموه :      سدّ ُ البيت ...   فما هو سدّ البيت  يا ترى؟
عندما لا يوجد عندهم ما يقتاتون به , ولا يجدون وسيلة يحصلون بها على ما يأكلونه وتتقطع بهم السبل, وخوفا من أن يسألون الناس إلحافا ً أو أن تضطر العوائل والحرائر تحت شدة الجوع إلى الإتيان بما يجلب العار , فإنهم يسدون البيت لا يخرج منه أحد ويقبعون داخله انتظارا للموت المستور !!! حتى أصبح مصطلح (عائلة فلان سدوا اليوم بيتهم )أمرا مألوفا .  ( هذه حقائق مشهودة وليست خيالات سينمائية ).
المثال الثاني :اقتضت النظم الإيطالية حينذاك أن يتجمع الأهالي الأسرى في نهاية كل يوم للتتميم عليهم فردا فردا للتأكد من عدم هروبهم من المعتقل. وكل من يتأخر عن وقت التجمع ولو لوقت قصير يعاقب علنا بالجلد بالسوط وبالعدد الذي يخطر على بال المسئول الإيطالي المتواجد في لحظتها.
تصادف أن تأخر أحد الرجال المسنين , وجاء يجر رجليه بإعياء واضح , ويرتدى أسمالا رثة,
لا تزيد عن قميص وسروال باليتين جدا.  فأخذت المسئول الإيطالي العزة بالإثم وأمر بجلده مائة جلدة أمام الحضور .. وقام الأزلام بطرح الشيخ مكبا على وجهه لمباشرة التنفيذ , وهنا انبرى أحد المبالغين الحريصين على إرضاء أسيادهم مبينا أنه لا يتم الجلد من وراء ثوب وسروال معا لأنهما يشكلان واقيا  يخفف من ألم السوط , إذ لابد من نزع احدهما , والإبقاء على الآخر ساترا له  فقط !!!, وتحاور المنفذون بينهم عن أىّ ٍ منها يبقون للسترة ؟ ! فما كان من ذلك الشيخ إلا أن خلع الاثنين معا  وتمدد عاريا أمام الجميع وقال عبارته المشهورة: ماذا بيني وبينكم ؟ هذا الجسد الفاني .. تفضلوا  بالضرب عليه مباشرة بلا ثوب ولا سروال !!.
وهكذا شهدت ملائكة الرحمن مرة أخرى كما شهدت في زمن غابر قول سحرة فرعون:   فاقض ما أنت قاض .
المثال الثالث :نصّت قوانين الغزاة الإيطاليين على معاقبة كل من يأوي أو يزود المجاهدين بتموين أو سلاح أو حتى بشربة ماء بعقوبة الشنق وحرق بيته ومواشيه وممتلكاته وبدون إعفاء بأي ذريعة كانت.
وجهزت في سبيل ذلك مشنقة متنقلة تنصب فجرا أمام بيت من وصلتهم إخباريات تحرياتهم عنه مرتكبا لأي من تلك الجرائم للتنفيذ في عين المكان فورا .
تصادف أن كان أحد المسافرين مترجلا , ولما جن عليه الليل آنس أحد منتجعات العرب بالجوار فنزل عليهم ضيفا لقضاء ليلته عندهم وليستأنف السير باكرا , ولم يكن يدرى أن استضافته تلك
كانت هي أولى خطواته نحو الأجل, إذ أن بعضا من المجاهدين كانوا قد حلوا ضيوفا على أهل
ذلك النجع في إحدى الليالي الماضية وتناولوا وجبة العشاء هناك , ورصدت العيون المتربصة تلك الجريمة النكراء ,وأبلغت السلطات التي جهزت  عدتها للانتقام.  فلما تنفس الصبح كان النجع مطوقا من كل جانب, ويجرى نصب المشنقة على استعجال أمام الخيام, وعويل النساء والأطفال والمستغيثين يسمع عن بعد , وتقدم الجنود لإخراج جميع الرجال للمشنقة ولم يستثنوا أحدا,

سيق الضيف مع بقية الرجال إلى المشنقة , وأربأ بنفسه أن يحاول النجاة مبينا أنه مجرد عابر سبيل لم يرتكب جرما, وذلك لما شاهد بكاء العوائل على الرجال الذين يساقون شامخين لحتفهم ,واستحى أن يتبرأ من ذلك أمام النساء والأطفال ,ومن أن لا تبكيه عائلته كما يبكى هؤلاء , و لم يجد لنجاته معنا ولا للعيش في ظل هذا القهر مبررا ! , وعندما حاول مضيفوه أن يثبتوا للجنود عدم مسئوليته مثلهم , رفض ذلك , وأكد للجنود أنه كان أحدهم .  وهكذا كان .أخي صالح :  يستخلص مما سبق التدليل به – كمجرد أمثلة – أن لا تثريب عليك لكي تعتذر من عدم دراية  فرضتها عليك طبيعة الظروف , ومع هذا فقد جاء مقالك   كإطعام في يوم ذي مسغبة سد رمقنا وقت الحاجة سنظل ممتنين لكم به . أما ما يقوم به الخلف الآن وما أثار إعجابك إنما هو امتداد   لإباءِ  وشمم أولئك  الأسلاف. فــ   ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ) صدق الله العظيم.
وعليك السلام أخي صالح ..  مستدركا لبيبا ,  وأخا منصفا ,  وجابرا للخواطر مواسيا .
حفظكم الله وحفظ أوطانكم من كل سوء.

بقلم : محمد عبد الله حنيش/ليبي مقيم بالإمارات
            

هناك تعليق واحد:

  1. اكثر من رائع .. بيض الله وجهك ..
    بالعاميه الليبيه .. طلقت اوجوهنا مع الراجل اللي واكل اوجوهنا بالشكيره .

    ردحذف