كما ان الاختلاف من طبيعة البشر فان الوفاق لهو من مقومات النصر. ولعل من اعظم معجزات الخالق انه لم يخلق البشر متشابهين بل اعطاهم نعمة العقل ليختلفوا و ليجتهدوا حتى تسير عجلة الحياة والتقدم نحو الامام. ولعل من اعظم نعم الخالق علينا كبشر انه خلقنا احرارا بالفطرة.
لاحظت على مدى الايام السابقة وجود عدة مواضيع نقاشية على صفحات الانترنت ، و التي من شأنها ان تكون ظاهرة صحية يعبر فيها كل شخص عن آرائه وافكاره . وقد كنت اتابع بعضها سواءا بالقراءة او المشاركة . لكن ماشد انتباهي هو انزلاقنا الى شخصنة المواضيع ،و توزيع الاتهامات يمنة ويسرة ، والتشكيك في وطنية بعضنا البعض الى ان يتحول الموضوع من نقاش الى هجوم شخصي وهجوم مضاد يحاول كل فريق فيه ان يفرض وجهة نظره على الاخر حتى يصبح النقاش مستحيلا وتصبح لغة الحوار مفقودة . اصبح الاستفزاز سمة والانتقاص هواية بدعوى الحرية والديمقراطية ولكننا ننسى جميعا ان حريتنا تنتهى عند حدود حرية الاخرين . ان كلماتنا التى تجرح المشاعر لايجب ان تقال. ننسى دوما ان هذا الوطن من حقنا جميعا أن نعيش ونتعايش عليه.
ان بناء مستقبل الوطن لا يتأتى فقط بتصيد اخطاء الاخرين، وكذلك لايتأتى بالطعن والتجريح ، بناء الوطن لايتم فقط عبر صحفات الانترنت ولا بالمنقاشات البيزنطية بل يتم بالعمل المخلص والنصحية الصادقة المجردة من كل اغراض شخصية. ان استعابنا وتفهمنا لبعضنا البعض لهو اللبنة الرئيسة في بناء الوطن . ليس من حق احد جرح مشاعر الاخرين بالاعتداء على معتقد او رمز او تسفيه فكرة او تقليل من عمل . الاختلاف مطلوب والخلاف مرفوض. ان علينا تحمل مسئولية كل كلمة او رد نكتبه ، يجب علينا وضع مصالحنا و خلافاتنا الشخصية جانبا وليتكلم كل منا بما هو مفيد لمصلحة الوطن اولا واخير، فالاشخاص زائلون و الاوطان باقية.
اننا نضيع وقتا ثمنيا وجهدا عزيزا في مواضيع قد لايكون قد آن آوانها وكاننا نسينا من هو العدو الحقيقي الذي يجب ان نتكاثف في مواجهته . نستقوي على بعضنا البعض وننسي ان عدونا لايزال في خاصرتنا يعمل ليل نهار من اجل القضاء على ثورة شعبنا واني لأاراه يرقص ابتهاجا كلما رأي أن الخلاف يستشري بيننا ، فلنحدد اولوياتنا واهدافنا ولنواجه عدونا وانني لمتأكد من ان الشعب الذي رفض الانصياع لهذا الطاغية بعد مايقرب من نصف قرن لن يسمح بتكرار التجربة. اننا كالليبين سوف نجد الوقت جميعا لنجلس معا ننتقد ونقيم انفسنا ونصارح ونعاتب بعضنا البعض في ود واخوة فلا تستعجلوا ، وليكن حديثنا نصحا لا انتقادا لاذعا ولتكن ردودنا توضيحا لا تقريعا ولنواجه اصحاب الفتنة معا بيد واحدة .
استحضر قصة غزوة احد عندما احتفل المسلمون بالنصر قبل الاوان فاخشى مااخشاه هو ان نعتبر انفسنا انتصرنا وعدونا لايزال يتحين الفرص ليضربنا في مقتل.
وددت لو رايت مواضيع اكثر عمقا وفائدة وخصوصا ان الجميع يعتبرون من المتخصصين في مجالاتهم فمثلا لم يقترح احدا هيكلية للنظام التعليمي الذي قضي عليه الطاغية او اقتراحا لمنظومة صحية متكاملة توفر الخدمات الصحية كذلك لم يطرح احدا شكلا للنظام الاقتصادي المناسب للمرحلة القادمة انه هذه المواضيع ونقاشها هو ماتتطلبه منا هذه المرحلة بدلا من الخوض في تفاصيل جدالية لاتنتهي الا بزيدة الفرقة والاختلاف.
مجرد افكار مرت بخاطري فتقبلوها بصدر رحب
والله الموفق
مقال ممتاز ... وفقك الله
ردحذف