كلمة حرة ،،
كل النظم الشمولية تعادى وتحارب الكلمة مكتوبة أو مقالة لأنها لا تقبل النقد ولا كلمة الحق ، وكان أشرس النظم الشمولية العربية نظام حكم القذافى الذى دام طويلا ، وكان قائما على القمع والأرهاب ، ومع نسائم الحرية التى تحققت بثورة 17 فبراير كان لابد أن يشع الرأى الحر الذى حبس طويلا ، ويحق لنا أن نقرأ ونكتب ونسمع من أجل بناء دولة الحق والديموقراطية والحرية ويسعدنى أن أقدم صفحة من كتاب ظل ممنوعا طيلة عهد الطاغية معمر القذافى ،
( صفحة من كتاب ممنوع )
الكتاب هو عباره عن رواية من جزئين صدر سنة 1991م بعنوان الفقى مصباح مؤذن الفجر ويقع فى 480 صفحة من القطع المتوسط تأليف الدكتور عبدالوهاب محمد الزنتانى وقد منع تداوله فى ليبيا ومنعت كتابات المؤلف بعدئذ وشطب اسمه من مهرجانات التكريم التى كان يقيمها نظام القذافى لمن يرضى على كتاباتهم ، وفيما يلى نص صفحة من الرواية ،، يقول
بعد تشكيل المؤترات واللجان الشعبية فى ليبيا ظهرت طبقة من محدثوا النعمة الغارقون فى السكر واللهو والفجور ، ومن هذه الطبقة ضباط فى الجيش واعضاء فى المؤتمرات واللجان الشعبة وموظفون كبار وصغار ، ومقابل هذه الطبقة كان هناك طابور طويل من المساكين الذين نزل عليهم الشقاء بسبب السوق السوداء والتهريب والغش والتضخم الذى وصل بقدرتهم الشرائية الى مستوى الصفر وطانوا يمثلون غالبية الشعب البائس الذى يئن تحت وطأة الفقر والفاقة وربما حد التسول رغم يعرفون أن بلادهم غنية وأن أموالهم تسرق وتهرب الى خارج البلاد ، وهؤلاء الذين تغمرهم اليحاة بمباهجها حلال كان أم حرام لا يأبهون لشقاء وتعاسة الآخرين ، ولو كان بؤس الناس ناتج عن سبب طبيعى لهان الأمر كما أن الغنى والبطر لو جاءا بسبب من خدمة أو علم أو ابداع لصار الأمر مقبولا الا أن الواقع عكس ذلك تماما ، ومن المفهوم أن بهارج الحياة لدى بعض الناس يقابلها شقاء أناس آخرين فى اى مكان فى غير بلادنا لأنه كان يمكن أن يكون الجميع سعداء هانئين ، ولقد كثرت القوانين فى بلادنا التى لا تطبق الا على المساكين وبالتالى تكثر المحرمات وتفتح أبواب الفساد على مصاريعها لدى مثل تلك الطبقة المتميزة ويتسابق السماسرة على تقديم الخدمات ذلك أن تلك الممنوعات أو المحرمات يقابلها تجاوز وسلطات غير عادية وغير محددة ويكون كل مسؤول عسكرى أو مدنى كبيرا أو صغيرا يملك حق المنع والتصريح ومن هنا يحدث الفساد والرشوة والاستغلال ، وتتكون عصابات شريرة تسر على كل شىء ويصير للنمامين وأصحاب مواهب التنصت على الناس مكان أثير لدى هذه العصابات الحاكمة وتصبح الحياة لا تطاق ويتبوأ المناصب عاطلى العقول فاقدى المواهب والذين لا أصل لهم ولا فصل ، ولقد حدث تحولا رهيبا فى مجتمعنا الذى كان بسيطا قنوعا مضيافا حيث أن كل شىء أصبح للبيع والشراء وقد سيطرت المادة ، فأنت لا تستطيع قضاء حاجتك الا بالرشوة أو تبادل المصالح فاذا كان لديك ما تقدم يمكنك أن تأخذ ، ذلك أن كل شىء قد فسد وأنتشرت شبكات الانتفاع والواسطة وأنهارت المثل والمبادىء والأخلاق كما ينهار جبل من ثلج فجأة ، ونتساءل كيف يكون النظام معاديا لمواطنية لطاردهم بالقوانين والاوامر الظالمة ؟ وحى لو أفترضنا أنه يمكن لشخص ما أن يفرض أخلاقياته وسلوكه على كل الناس فسوف لا يمكنه أن يجد تفسرا لتغير هذه الأخلاقيات والسلوكيات كل يوم ، فلقد بدأت الاجراءا الصارمة لتطبق التشريعات الاسلامية وحدث أن طورد من يخرج أو خرج عن ذلم المعنى ومنعت جميع المشروبات الكحولية كما قفلت المحلات العامة التى أعبرت منافية لقيم هذا المجتمع مثل النوادى الليلية وغيرها وقيل أنها أماكن لهو ومجون ، وبذلك يكون اللهو والمجون قد أنتقل وتحول الى البيوت ، بيوت أصحاب السلطة والمقربين ، ثم صارت الأمور فى اتجاه آخر وبدأت مطاردة أولئك الذين تمسكوا بالدين وقيم المجتمع الاسلامى وبينما كان يسجن من يدخل خمارة حدث أن سجن من يدخل مسجدا أو يكون ملتحيا ، ومن الطبيعى أن يبالغ أصحاب هذا الاتجاه أو ذاك فى ممارساتهم وبالتالى يخرجون عن المعتاد والمقبول ومن هنا تحدث المعالجة بتأييد وتشجيع الاتجاه الآخر أو المعاكس وقد يتأجج الخلاف ويحدث الخصام والكراهية بين الناس الذين كانوا فى الغالب أطهارا أنقياء ، وكان العمل الثورى بطبيعة الحال مسؤولية كبيرة ونظرا الى أن الثورة تغيير سياسى واجتماعى واقتصادى وفكرى وسلوكى فقد أختلفت المشارب بعد حين من الوقت وأختلفت الأساليب وتعددت الغايات ، وعمدما يحدث هذا وهو لابد أن يحدث فان الانتهازيين وأصحاب المصالح والمطامع تتيسر مهامهم وتفتح الأبواب التى يدخلون منها ليغذوا اى خلاف أو اختلاف مهما كان صغيرا ، وللشباب عيوبه كما هى مزاياه وهى التسرع وعدم الخبرة وتقدير الأمور والمسؤولية ورغبة التمتع والانغماس فى الملذات أحيانا بلجاجة شديدة ، وكذلك عدم التجربة والمعرفة بالناس وأحوال البلاد من موقع المسؤولية التى جاءت فجأة ، ولابد للمجد وأكاليل الغار من مظهر اجماعى وخيلاء وهذه تؤدى الى حب النفس والظهور المبالغ فيه ، وهنا تلعب التربية دورا هاما بما فيها تلك الموروثات فى فترة الطفولة والشباب ، كذلك المصالح العائلية والقبلية والأسرية وهذه تؤدى الى ارتباطات وعلاقات لابد أن تؤثروتلعب دورا هاما فى الوطيف أو المنصب القيادى واتخاذ القرارات ،
ومن مظاهر الثورات أو الانقلابات فى العالم الثالث اجراء المحاكمات لاظهار سوءات النظام أو النظم السابلقة ، وهكذا تشكلت محكمة تسمت باسم ( محكم الثورة أو محكمة الشعب ) ومنذ اللحظة الأولى كانت هزيلة ولذا فقد أنقلب الوضع وصار المتهم أقوى من القاضى وبالتالى مثلت تلك المحكمة مسلسلا مضحكا ومبكيا ولعبت أجهزة الاعلام ومنها الصحافة التى كانت تواجه نفس التهمة دورا تخريبيا كعادتها فى العالم الثالث والنظم الشمولية ، وكان رجالها وهم فى قفص الاتهام قد حاولوا اظهار النظام السابق على أنه عميل وخادم وجاهل وهم فى الواقع يدركون أن حذاء العسكر ثقيل الوطأة ولانهم يريدون المحافظة على مصالحهم السابقة فلم يبغوا اعضاب العسكر الذين يحاكمونهم
هذه صفحة من واحدة من روايات الدكتور عبدالوهاب محمد الزنتانى التى منعت جميعها والتى ربما ستجد طريقها الى القراء فى عهد الحرية والكرامة ، عهد ثورة 17 فبراير المباركة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق