السبت، 9 يوليو 2011

أحمد محمد الطنانى : صفحة من كتاب ممنوع ,,,,,,,,كلمة حرة.‏



‏ كلمة حرة ،،

كل النظم الشمولية تعادى وتحارب الكلمة مكتوبة أو مقالة لأنها لا تقبل النقد ولا كلمة  الحق ‏، وكان أشرس النظم  الشمولية العربية نظام ‏حكم القذافى الذى دام طويلا ، وكان قائما على ‏القمع والأرهاب ، ومع نسائم الحرية التى تحققت بثورة 17 فبراير كان لابد أن يشع الرأى ‏الحر ‏الذى حبس طويلا ، ويحق لنا أن نقرأ ونكتب ونسمع من أجل بناء دولة الحق والديموقراطية ‏والحرية ويسعدنى أن أقدم صفحة من ‏كتاب ظل ممنوعا طيلة عهد الطاغية معمر القذافى ، ‏

‏( صفحة من كتاب ممنوع )                                         ‏
الكتاب هو عباره عن رواية من جزئين صدر سنة 1991م بعنوان الفقى مصباح مؤذن الفجر  ‏ويقع فى 480 صفحة من القطع المتوسط  ‏تأليف الدكتور عبدالوهاب محمد الزنتانى وقد منع ‏تداوله فى ليبيا ومنعت كتابات المؤلف بعدئذ وشطب اسمه من مهرجانات التكريم التى ‏كان ‏يقيمها نظام القذافى لمن يرضى  على كتاباتهم ، وفيما يلى نص صفحة من الرواية ،، يقول

بعد تشكيل المؤترات واللجان الشعبية فى ليبيا ظهرت طبقة من محدثوا النعمة الغارقون فى  ‏السكر واللهو والفجور ، ومن هذه الطبقة ‏ضباط فى الجيش واعضاء فى المؤتمرات واللجان ‏الشعبة وموظفون كبار وصغار ، ومقابل هذه الطبقة كان هناك طابور طويل من ‏المساكين ‏الذين نزل عليهم الشقاء بسبب السوق السوداء والتهريب والغش والتضخم الذى وصل بقدرتهم ‏الشرائية الى مستوى الصفر وطانوا ‏يمثلون غالبية الشعب البائس الذى يئن تحت وطأة الفقر ‏والفاقة وربما حد التسول رغم يعرفون أن بلادهم غنية وأن أموالهم تسرق وتهرب ‏الى خارج ‏البلاد ، وهؤلاء الذين تغمرهم اليحاة بمباهجها حلال كان أم حرام لا يأبهون لشقاء وتعاسة ‏الآخرين ، ولو كان بؤس الناس ناتج ‏عن سبب طبيعى لهان الأمر كما أن الغنى والبطر لو ‏جاءا بسبب من خدمة أو علم أو ابداع لصار الأمر مقبولا الا أن الواقع عكس ذلك ‏تماما ، ‏ومن المفهوم أن بهارج الحياة لدى بعض الناس يقابلها شقاء أناس آخرين فى اى مكان فى ‏غير بلادنا لأنه كان يمكن أن يكون ‏الجميع سعداء هانئين ، ولقد كثرت القوانين فى بلادنا ‏التى لا تطبق الا على المساكين وبالتالى تكثر المحرمات وتفتح أبواب الفساد على ‏مصاريعها ‏لدى مثل تلك الطبقة المتميزة ويتسابق السماسرة على تقديم الخدمات ذلك أن تلك الممنوعات ‏أو المحرمات يقابلها تجاوز ‏وسلطات غير عادية وغير محددة ويكون كل مسؤول عسكرى أو ‏مدنى كبيرا أو صغيرا يملك حق المنع والتصريح ومن هنا يحدث الفساد ‏والرشوة والاستغلال ، ‏وتتكون عصابات شريرة تسر على كل شىء ويصير للنمامين وأصحاب مواهب التنصت على ‏الناس مكان أثير لدى ‏هذه العصابات الحاكمة وتصبح الحياة لا تطاق ويتبوأ المناصب عاطلى ‏العقول فاقدى المواهب والذين لا أصل لهم ولا فصل ، ولقد حدث ‏تحولا رهيبا فى مجتمعنا الذى ‏كان بسيطا قنوعا مضيافا حيث أن كل شىء أصبح للبيع والشراء وقد سيطرت المادة ، فأنت لا ‏تستطيع ‏قضاء حاجتك الا بالرشوة أو تبادل المصالح فاذا كان لديك ما تقدم يمكنك أن تأخذ ، ‏ذلك أن كل شىء قد فسد وأنتشرت شبكات الانتفاع ‏والواسطة وأنهارت المثل والمبادىء ‏والأخلاق كما ينهار جبل من ثلج فجأة ، ونتساءل كيف يكون النظام معاديا لمواطنية لطاردهم ‏بالقوانين ‏والاوامر الظالمة ؟ وحى لو أفترضنا أنه يمكن لشخص ما أن يفرض أخلاقياته ‏وسلوكه على كل الناس فسوف لا يمكنه أن يجد تفسرا ‏لتغير هذه الأخلاقيات والسلوكيات كل ‏يوم ، فلقد بدأت الاجراءا الصارمة لتطبق التشريعات الاسلامية وحدث أن طورد من يخرج أو ‏خرج ‏عن ذلم المعنى ومنعت جميع المشروبات الكحولية كما قفلت المحلات العامة التى ‏أعبرت منافية لقيم هذا المجتمع مثل النوادى الليلية ‏وغيرها وقيل أنها أماكن لهو ومجون ، ‏وبذلك يكون اللهو والمجون قد أنتقل وتحول الى البيوت ، بيوت أصحاب السلطة والمقربين ، ‏ثم ‏صارت الأمور فى اتجاه آخر وبدأت مطاردة أولئك الذين تمسكوا بالدين وقيم المجتمع ‏الاسلامى وبينما كان يسجن من يدخل خمارة حدث ‏أن سجن من يدخل مسجدا أو يكون ملتحيا ‏، ومن الطبيعى أن يبالغ أصحاب هذا الاتجاه أو ذاك فى ممارساتهم وبالتالى يخرجون ‏عن ‏المعتاد والمقبول ومن هنا تحدث المعالجة بتأييد وتشجيع الاتجاه الآخر أو المعاكس وقد ‏يتأجج الخلاف ويحدث الخصام والكراهية بين ‏الناس الذين كانوا فى الغالب أطهارا أنقياء ، ‏وكان العمل الثورى بطبيعة الحال مسؤولية كبيرة ونظرا الى أن الثورة تغيير سياسى ‏واجتماعى ‏واقتصادى وفكرى وسلوكى فقد أختلفت المشارب بعد حين من الوقت وأختلفت الأساليب ‏وتعددت الغايات ، وعمدما يحدث هذا ‏وهو لابد أن يحدث فان الانتهازيين وأصحاب المصالح ‏والمطامع تتيسر مهامهم وتفتح الأبواب التى يدخلون منها ليغذوا اى خلاف أو ‏اختلاف مهما ‏كان صغيرا ، وللشباب عيوبه كما هى مزاياه وهى التسرع وعدم الخبرة وتقدير الأمور ‏والمسؤولية ورغبة التمتع والانغماس فى ‏الملذات أحيانا بلجاجة شديدة ، وكذلك عدم التجربة ‏والمعرفة بالناس وأحوال البلاد من موقع المسؤولية التى جاءت فجأة ، ولابد للمجد ‏وأكاليل الغار ‏من مظهر اجماعى وخيلاء وهذه تؤدى الى حب النفس والظهور المبالغ فيه ، وهنا تلعب ‏التربية دورا هاما بما فيها تلك ‏الموروثات فى فترة الطفولة والشباب ، كذلك المصالح العائلية ‏والقبلية والأسرية وهذه تؤدى الى ارتباطات وعلاقات لابد أن تؤثروتلعب ‏دورا هاما فى الوطيف ‏أو المنصب القيادى واتخاذ القرارات ‏،                                                                                           ‏‏   ‏

‏ ومن مظاهر الثورات أو الانقلابات فى العالم الثالث اجراء المحاكمات لاظهار سوءات النظام ‏أو النظم السابلقة ، وهكذا تشكلت محكمة ‏تسمت باسم ( محكم الثورة أو محكمة الشعب ) ومنذ ‏اللحظة الأولى كانت هزيلة ولذا فقد أنقلب الوضع وصار المتهم أقوى من القاضى ‏وبالتالى ‏مثلت تلك المحكمة مسلسلا مضحكا ومبكيا ولعبت أجهزة الاعلام ومنها الصحافة التى كانت ‏تواجه نفس التهمة دورا تخريبيا ‏كعادتها فى العالم الثالث والنظم الشمولية ، وكان رجالها وهم ‏فى قفص الاتهام قد حاولوا اظهار النظام السابق على أنه عميل وخادم ‏وجاهل وهم فى الواقع ‏يدركون أن حذاء العسكر ثقيل الوطأة ولانهم يريدون المحافظة على مصالحهم السابقة فلم يبغوا ‏اعضاب العسكر ‏الذين ‏يحاكمونهم                                                                            ‏

‏ ‏
هذه صفحة من واحدة من روايات الدكتور عبدالوهاب محمد الزنتانى التى منعت جميعها والتى ‏ربما ستجد طريقها الى القراء  فى عهد ‏الحرية والكرامة ، عهد ثورة 17 فبراير المباركة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق