الجمعة، 22 يوليو 2011

سالم عمار : أحد أسود مصراتة الأبية




أحد أسود مصراتة الأبية

لعل الكثيرين من القراء الكرام يحسون هذه الأيام ما أحس به من شعور غامر بالسرور، وكأننا في حلم جميل أتى بعد عهود كثيرة من الكوابيس المخيفة. هذا الشعور الغامر بالسرور سببه الملاحم الكبرى المجيدة  لثوار شعبنا العظيم ضد طاغية العصر.
ما كنت أتخيل أبدا أن أرى أبناء شعبنا الكرام يحملون السلاح ضد هذا السفاح الخسيس، ويخطون بدمائهم الزكية أجمل صفحات البطولة والإباء. مادار بخلدي قط أن يأتي اليوم الذي أرى فيه مدننا العظيمة بنغازي، الزنتان، البيضاء، الزاوية، اجدابيا، مصراتة، نالوت، يفرن، وبقية مدن الجبل الغربي الأشم، وهى تنتفض لتقارع حكم الإرهاب والدجل، مع إدراكها لحجم التحديات، وشدة حقد وخسة العدو الذي يواجهونه.
لقد منّ علينا الجبار سبحانه وتعالى برؤية هذه الانتصارات العظيمة وكأنها تعويض عن عقود الذل والهوان التي عشناها تحت حكم من نال بجدارة قصب السبق في اللؤم والنذالة، والجبن والحقد بين طغاة العالم أجمع، الإرهابي القذافي.
من ظن يوماً أننا سنكتب عن أسود مصراته الذين مرغوا أنف الطاغية الجبان في التراب، وأدخلوا في قلبه الأسود الرعب والهوان، وأزالوا من رأسه البليد وساوس الشيطان، ورفعوا نفوسنا و رؤوسنا عاليا، حتى ليخيل للواحد  منا أنه يكاد يطأ الثريا، ويناطح النجوم جذلا وسرورا.
كم كنت أتمنى أن أبدأ بالكتابة عن الذين نالوا القدح المعلى في الشجاعة والصمود من بين هؤلاء الأسود كمحمد الحلبوص،     الذي أصبح كالاسطورة رحمه الله وتقبله شهيدا عنده، والعميد الطيار علي عطية العبيدي الذي يحس الإنسان  وهو يستمع إلى كلماته أنه يستمع إلى زئير أسد وليس إلى كلمات إنسان، رحمه الله وجعل قبره روضة من رياض الجنان، بيد أن الذي أكتب عنه لا يختلف عن هذين البطلين كثيرا، وإن كانا أكثر منه شهرة، وأعظم قدرا فيما يظهر لنا والله أعلم. إنه البطل مخزوم حسن مخزوم.
ولد رحمه الله سنة 1982 في منطقة الأسواك، بمصراتة. كان أبوه ممن تعرضوا لظلم الإرهابي القذافي حين زج به مع الآلاف من أبناء شعبنا في عدوانه على دولة تشاد المسلمة، ولعل المغرور توهم أن تشاد ستكون فاتحة غزوه لدول إفريقية كثيرة، لكنه تعرض لهزيمة نكراء، ثم توالت الهزائم عليه بعد ذلك حتى أصبح أكبر مهزوم في تاريخ الطغاة، وهزيمة شعبنا العظيم له قريبا ستكون خاتمة هزائمه التي ستُزهق فيها روحه التعسة المشؤومة. وعجبي من مغفلين سذج يلهثون وراءه وكأنه فاتح عظيم، وقائد فذ، مع أن تاريخه ينضح بالهزائم، ليس فيه انتصار واحد على عدو!.
شارك البطل مخزوم حسن مخزوم في معارك الجبهة الشرقية مثل تحرير النقل الثقيل، وكرزاز، وعمارات شانطين، ثم طمينة، والكراريم، وشارك في بعض معارك تاورغاء. وكان في هذه المعارك كلها تحت قيادة البطل محمد الحلبوص، الذي كان يكن له مخزوم حبا عميقا وإعجابا شديدا، ولم لا، وقد كان الحلبوص رحمه الله يتصدر مقاتليه حين تُخاض المعارك ويلعلع الرصاص، وليس مثل المجرمين أبناء الإرهابي، الذين هم كأبيهم الجبان يقودون المعارك من جحورهم عبر الهواتف وأجهزة الاتصال الأخرى، وحين تشتد المعارك ويخيم الموت على ساحة الوغى ،يفرون كما فعل الماجن المعتصم في معركة البريقة مؤخرا.
كان فيه رحمه الله شجاعة  قريبة من تلكم التي كان يتحلى بها  قائده البطل محمد الحلبوص، فقد كان يعترض على توقف القتال ضد عصابات القذافي، والذي عادة تفرضه اعتبارات عسكرية، ويريد الاستمرار، ليس من باب حب القتل، ولكن بسبب رغبة شديدة في دحر عدو ظالم حقود، ورغبة جامحة في نيل الشهادة.



حسن مخزوم رحمه الله مع أحد أطفال مدينة مصراتة


التحق حسن مخزوم حسن رحمه الله بعد ذلك بالجبهة الغربية في الدافنية،  ليقتل في يوم 9 من هذا الشهر، ندعو الله أن يتقبله شهيدا، ويحشره في زمرة الأنبياء. ومن علامات حسن الخاتمة لهذا البطل أن الموت حين أتاه كان يستعد مع إخوانه لبدء أعظم العبادات في ديننا، الصلاة، فلله دره، فقد جمع بين الفضلين، فضل الموت على أرض الرباط، والموت وهو واقف بين يدي مولاه لبدء صلاة العصر. ولعل الذين أطلقوا عليه وعلى رفاقه رحمهم الله، تلكم القذيفة من أتباع الدجال الإرهابي كانوا في حالة سكر والعياذ بالله.
لقد تسببت قرارات الإرهابي القذافي الإجرامية في مآس لعائلة البطل حسن مخزوم، فبعد إجبار أبيه على المشاركة في الاعتداء على دولة تشاد، وأسره فيها، ثم انتقاله إلى أمريكا مع الكثيرين من أسرى تشاد، اضطر لترك الدراسة والعمل على شاحنة أبيه حتى يعول أسرته المكونة من خمسة أشخاص. وقد خطفت عصابات القذافي الإرهابية أخاه يوسف الذي يصغره بسنتين في بداية الثورة المباركة، فندعو الله أن يعجل بالفرج عنه وعن كل أسرانا في سجون الجرذافي.
في سنة 2006 تزوج في تونس من مصراتية اضطرت أسرتها المناضلة الكريمة بسبب إرهاب القذافي وقمعه للعيش خارج البلاد، وقد رزق بولدين، عبد الرحمن وابراهيم، ندعو الله أن يحفظهما ويجعلهما من الصالحين.
هذه هى قصة البطل مخزوم حسن مخزوم، وهناك المئات من القصص الشبيهة بها من قصص الذين أصبحوا أبطالا ونجوما في سمائنا بعد ليال حالكة السواد. هؤلاء هم من سوف ندرس قصصهم في مدراسنا حين تتحرر بلادنا إن شاء الله. ومن باب عدم بخس الناس أشياءهم، فسوف ندرس طلاب مدارسنا  كذلك  سيرة الإرهابي القذافي وأبنائه المجرمين الفاشيين كطغاة مفسدين عرضوا بلادنا لأبشع استعمار في تاريخها كله.
سالم بن عمار

هناك تعليق واحد:

  1. بارك الله فيك أخانا الفاضل وسدد قلمك وجزاك خيرا, فعلا هم رجال في زمن قل فيه الرجال.

    ردحذف

رحمك الله صاحبي ورفيقي

  رحمك الله صاحبي ورفيقي وان شطت بنا الديار وباعدتنا الغربة اجسادنا ولم تتفارق قلوبنا يوما... نشأنا مع بعض في نفس المدينة في طبرق وكانت اول ...