يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم " والفتنة أشد من القتل" صدق الله العظيم.
أراد القذافي ضرب عصفورين بحجر واحد من خلال عملية اغتيال غامضة لعبد الفتاح يونس, اولا :الإنتقام لنفسه من يونس لإنضمامه المبكر واللا متردد لخيار الشعب في تحد صارخ لم يتوقعه القذافي ضاربا بسنوات الترف برفقته عرض الحائط.
ثانيا: اشعال نار الفتنة بين طوائف الثوار وبين القبائل ودفعهم للشك في بعضهم البعض, وفي المجلس الإنتقالي, وفي نزاهة يونس واخلاصه لثورة الشعب. فيتخاصمون ويتناحرون وتذهب ريح ثورتهم...ولكن هيهات ..فالشعب الليبي أذكى من أن تنطلي عليه هذه المكيدة.
المتابع والمدقق لمجريات الأحداث لن يشك لحظة في أن القذافي وطابوره الخامس هم من وراء الحادثة:
- لقد حاول القذافي اغتيال يونس منذ بداية الثورة ولعدة مرات, ولم ينفك اعلامه الرخيص عن نشر الشائعات حول موته أو هروبه أو عودته لصف القذافي و كان في اكثر من مناسبة يأتي بتصريحات مشبوهة حول الرجل.
- منذ أيام بدأ النظام عبر شلة القنفود وأخواتها يروج الإشاعات حول انشقاقات في صفوف الثوار وأنهم غير متفاهمون وأن هناك صراع فيما بينهم, بل وأمعن في الكذب حتى قال أن الثوار يقومون بتصفية بعضهم البعض عندما يختلفون في الرأي..بل إنهم يمثلون بجثث الذين يقتلونهم...وكنت أتساءل ما الغرض من هذا الكذب الصريح الذي لا يمكن تصديقه...ولكن بعد اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس عرفنا السبب...
- منذ الأسبوع الماضي بدأت بعض الصفحات تتناقل أخبارا عن مقتل يونس واغتياله في جبهة البريقة, وبدأت الطحالب في تسريب أخبار تقول أن هناك ثارات شخصية بين يونس وبعض المجاهدين المنضمين لجبهات القتال من درنه علي خلفية احداث التسعينات في الجبل الأخضر ودرنه, وأنه تم تصفيته في الجبهة حتى يقال أنه قتل في الإشتباكات مع الكتائب وهكذا ثأرت تلك المجموعة المسلحة من يونس دون عقاب....ولكن بعدها بيومين يظهر لنا اللواء يونس حيا يرزق ويسخر ضاحكا من تلك الإشاعات..
- صباح التاسع والعشرين من يوليو تسربت معلومات متضاربة حول اسباب استدعاء اللواء يونس للتحقيق, وبدأت الطحالب على صفحات الفيسبوك بالصيد في الماء العكرونشر الإتهامات بأن اللواء ماهو إلا عميل للقذافي..وأنه خائن وأن هناك إتصالات من هواتف الثريا الخاصة به مع أزلام النظام, وأن...وأن...و بدأ المشككون ..وذوي النفوس الضعيفة...والحاقدون على المجلس الإنتقالي...يروجون لهذه الإتهامات دون دليل أو بينة ..ونسوا قول الله تعالى " يا أيها الذين أمنوا إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين". وهنا مربط الفرس...زرع الشك في النفوس..وبث الفتنة..وشطر الصفوف..وبذلك عندما ينفذ أعوانه من الطابور الخامس عملية إغتياله ...فسيبدوا للجميع أن ما حدث هو تصفية داخلية ..على أساس أنه خائن.
من وجهة نظري (ظانا غير جازم) أن القذافي نفذ عملية إغتيال يونس بطريقة لا يستطيع أحد أن ينكر عليه خبثها ودهاءها ...وكثيرا ما تلازم صفة الدهاء الأشرار..وهل هناك من هو أكثر شرا من القذافي..!!
لقد زرع القذافي هذه المرة أفرادا من طابوره الخامس بين كتائب الثوار..واختار الفئات الأكثر تطرفا من الناحية الدينية ..وهو لم يزرعهم في يوم وليلة..بل منذ عدة أسابيع إن لم يكن منذ شهور...التحموا مع الشباب المجاهدين..شاركوهم أفكارهم..وتحدثوا بلسانهم..وتلونوا بلونهم...والتحوا بلحيهم..ولبسوا لباسهم...وصاروا فيهم كأنهم منهم...وماهم منهم..وانتظروا الأوامر حتى تصدر إليهم كرسائل مشفرة من جهة ما على الأرجح أنها قناة القنفود...ثم قاموا بتلك العملية الغادرة التي طالت قيادات الثورة ورمزا من رموز نظالها ولكنها بالنهاية لن تزيد الثوار في كل الجبهات إلا عزما وتصميما على المضي قدما...نحو العاصمة.
ذلك الطابور الخامس ليس واضح المعالم..فهو متداخل مع الفرق المسلحة لثوار 17 فبراير ولكن ليس من المستحيل إكتشافه...وبالرغم من أن دواخل النفوس لا يعلمها إلا الله...فلابد أن يقوم هؤلاء بشئ ما يكشف نواياهم..وهذه ليست مسؤلية الأمن وحده...ولكنها مسؤليه كل ليبي في المناطق المحررة..بأن يلاحظ بدقة ما يدور حوله..وأن لا يتردد في تبليغ الجهات المسؤلة...إذا رأى أو سمع ما يمكن اعتباره من تصرفات الطابور الخامس...ولا ننكر أن هناك طابور سادس ليس من أعوان القذافي ولكن لا يسع المجال للحديت عنه في هذا المقال وسنفرد له مقالا خاصا في القريب "بإذن الله".
في الحقيقة هذا ما أربك المجلس الإنتقالي ..فلم يستطيع مصطفى عبد الجليل أن يعلن صراحة أن الطابور الخامس هم من وراء الحادثة..ولكن المستشار أظهر حكمة وبعدا في النظر عندما لم ينسى أن يشير بإصبع الإتهام الرئيسي نحو القذافي وأعوانه..!
لذا فإننى أرى أنه من المهم أن لا نسمح لهذا الطاغية من تحقيق مراده..في اشعال فتيل الفتنة..ونقسيم الصفوف...ولا أري هناك أي داع لإثارة الشبهات حول من قتل اللواء عبد الفتاح يونس, فمن قتله هو القذافي ولا أحد سواه..ولكنه للأسف استطاع في يوم واحد أن يجعلنا نشك في بعضنا البعض فحسبنا الله ونعم الوكيل وإنا لله وإنا إليه راجعون.
.
أجدت في التحليل ، بارك الله فيك
ردحذف