الجمعة، 24 يونيو 2011

محمد عمر الشيباني : طلب احتجاج


 كتبنا طلبا رسميا للإحتجاج. فهل قرأ معمر القذافي هذا الطلب، وهل الذي فعله هو الرد الشرعي عليه؟

أعترف، وكلي مرارة، بأني لم أساهم في ثورة الشعب الليبي الجارية حاليا، والمنتصرة بعون الله، إلا بمجرد الكلمات.
كلمات وشوشت، ولا زلت أوشوش يها عبر شبكة المعلومات، خوفا من متصيدي هذه الوشوشات.
في مثل هذه الساعات من يوم 2.8 من هذه السنة، وبعد أن اطلعت على الدعوات الكثيرة للاحتجاج الشعبي الذي تم تحديد موعده في2.17، حدثتني نفسي، ونيابة عن المتظاهرين، باللجوء إلى الطريقة القانونية المعروفة لعمل مثل هذه الاحتجاجات، وهي طلب الإذن بذلك من السلطة المختصة، وذلك لإثبات حسن النية من جهة، ومن جهة أخرى إقامة الحجة على الملوِّحين بعدم شرعية الخروج على الحاكم.

  آويت إلى جهاز الحاسب، وكتبت طلبا بالإذن لنا بالخروج في الشوارع والميادين للتعبير عن طلبات شرعية طال تأجيلها، وتأكد بما لا يدعو مجالا للشك أحقيتها وموعد استحقاقها.

ليس من الممكن التلويح جهرا بطلب كهذا، ولا أعرف جهة رسمية مأمونة يمكنني تسليم هذا الطلب إليها مباشرة، فما كان مني إلا اللجوء إلى المواقع الإلكترونية، اعتقادا مني بأن هناك جهات حكومية تتابع ما ينشر فيها، وتوصله إلى الهرم التنفيذي المتربع فوق رأسه حاكمنا معمر القذافي.
تم نشر الطلب بتاريخ 2.10  بموقع ليبيا وطننا المعروف.
تفاءلت كثيرا عندما رأيت هذا الطلب على صفحات الموقع، وأعدت قراءته مرات عديدة، وكنت أتخيل أن المسئولين المعنيين بأمر كهذا، وعلى رأسهم سيف، ومن بعده أبوه، وقبلهم، بالطبع، الأمناء المعنيون، ورجال الأمن المختصون.

مضى أسبوع ولم ألاحظ أي ردة فعل على طلب كهذا، وجاء الأسبوع الثاني، وكانت ردة الفعل التي رآها الجميع.
ثم مضت الأسابيع والأسابيع، وتحولت البلد إلى كتلة من جمر، تماما كما وعد بذلك ولي أمرنا المعتوه.
هذه وثيقة أردت أن أظهرها لا لشيء إلا لتوثيق بعض الزوايا الخفية من مشهد ثورتنا المباركة من جهة، ومن جهة أخرى أريد أن أثبت مدى جهالة وكبر وتسلط ودكتاتورية  واستخفاف النظام الذي كان يحكمنا، والذي قاده حاكمنا الجلف وعصابته العقود الطوال.

كما أتوقع تضمين هذه الوثيقة ملف إدانة النظام السابق ورموزه، باعتبارها حجة في يد من تظاهر، ودليل إدانة ضد السلطة التي لم توافق على التظاهر السلمي القانوني المباح.

TO: 1 recipient
Message body


----- Forwarded Message ----
From: Salem Salem <salem88.salem88@yahoo.com>
To: dribrahim@earthlink.net
Sent: Thu, February 10, 2011 12:56:14 AM
Subject: 


                   طلب إذن بالتجمع الاحتجاجي السلمي

بعد التحية

يا ولاة أمورنا، ورعاة شئوننا

نحن جماهير الشعب الليبي المسالم الوديع الذي لم يُعرف عنه يوما مناهضته لحاكم رشيد، أو خروجه عليه؛ نتقدم إليكم بطلب الموافقة على الخروج في شوارعنا وطرقاتنا ومياديننا التي تعرفنا ونعرفها، والتي ما مشينا يوما فيها مخرِّبين، أو أتيناها مفسدين، ولا سعينا في أرجائها عتاة ظالمين، وإنما قضينا أعمارنا ونحن نسير فيها لله مسبحين، وبالمعروف آمرين، وعن المنكر ناهين.


هكذا كنا وسنكون، وهكذا كانت شوارعنا وستكون، ونعدكم بأننا سنظل على الحال الذي عرفتمونا عليه، وذلك عند خروجنا جميعا ظهر يوم السابع عشر من شهر النوار الجاري، ونحن نحمل في أيدينا، ما جادت به أرضنا من  زهور الربيع ووروده، حتى يملأ عبقها كل شارع نعبره، ويعمُّ عطرها كل ميدان نسلكه.


إن ما يدفعنا لهذا التجمع والتجمهر السلمي، هو ذلك النداء الفطري المقدس الذي يسكن في قرارة كل نفس، وفي أعماق كل فؤاد، مشعرا كلَّ إنسان بضرورة اقترابه من أخيه الإنسان، بكل صور هذا الاقتراب؛ بدءا من اقتراب القرين لقرينه، وربِّ العائلة لعائلته، والفرد لأعضاء سربه، بل  واقتراب واصطفاف أبناء الوطن الكبير نحو بعضهم البعض. وهو بحق شعور كل ذي فطرة سليمة، وسلوك كل ذي غريزة محمودة. دليل ذلك ما نادى به أنبياء الله ورسله، ودعت إليه شرائع الله وكتبه، وذلك عندما أعظمت لصلاة الجماعة أجرها، ولمجالس وتجمعات العلم والذكر فضلها، بل وجعلت من التجمع في صعيد واحد، عملا مبرورا، وحجا وسعيا مشكورا.


إن الذي يمنحنا شرعية هذا التجمع الاحتجاجي هو ما لمسناه من صمم مريب دام السنوات الطوال،  مارسته ولا زالت تمارسه معظم الأجهزة التي تحكمنا، والتي ما زادها تسمِّيها بالشعبية إلا بعدا عن الشعب وهمه، والشارع ونبضه. بل إنها عتت وتمادت في الآونة الأخيرة، واتخذت لنفسها مكانا مضادا للشعب وأحلامه وتطلعاته، ولم تنفذ مما يريده الشعب إلا بالقدر الذي يبقيه حيا، حياة بيولوجية صرفة، تتصل شرايينها بشرايين الحكومة الطفيلية الفاسدة الجشعة؛ فطال بذلك عمرها، واستمدت من هذا الوضع الشاذ شرعية بقائها وعملها.  


كما أنه مما زادنا يقينا في شرعية خروجنا واحتجاجنا هذا، ذلك الذي اكتشفناه مؤخرا، واكتشفه العالم كله معنا، من خلال تلك الفضيحة المدوية لبعض الحكام السارقين المخلوعين، وبطانتهم ووزرائهم الفاسدين. تلك الفضيحة التي قطعت كل شك في أنه كلما طال سكوت الشعوب وصبرها، زاد طمع حكامهم فيهم، واستغلالهم لهم، وأن هذا، كما يعلم الجميع، ما هو إلا خلاصة درس أهدته إلينا أحداث تونس ومصر المشهودة الأخيرة التي عرَّت الوزراء الموقرين، وفضحت الحكام المنزهين، وجرمت الكبراء الأشقياء الأدعياء الكاذبين.  


لا ينبغي أن يتسلل إلى أنفسكم أي شك في أن هذا التجمع، لا يعدو عن كونه تعبيرا عفويا صادقا بريئا، انطلق من رغبة مكنونة في نفوسنا، لا نرجو بها إلا أن يسمعنا من نقول له: أننا نحن الليبيين هنا، وأننا نحن الليبيين نحكم أنفسنا بأنفسنا، وأننا نحن الليبيين متحضرين، وأننا نحن الليبيين للتسلط وللفساد والمفسدين رافضين.

يا ولاة أمورنا، ورعاة شئوننا: لا نريد لسجل جينز للأرقام القياسية أن يجعل بلدنا، ليبيا، هو البلد الوحيد في الدنيا الذي تبقي من عصور ما قبل التاريخ، فلم تشهد شوارعه وساحاته وميادينه، رغم امتدادها في قطر المكان، وتجذرها في مدى الزمان، تجمعا شعبيا احتجاجيا واحدا، في الوقت الذي تفعل ذلك شعوب الدنيا كلها، قاصيها ودانيها، صغيرها وكبيرها، متقدمها ومتخلفها.


كما أننا لا نريد لكم، يا ولاة أمورنا، أن يذكركم  التاريخ في سجلاته بأنكم آخر ما تبقى من سلالات الحكام  المنقرضين الذين ترفعهم شعوبهم، لجهالتها وجهالتهم، إلى مصاف الآلهة، فلا يحق لأحد أن يسألهم عما يفعلون، كما أنه لا يحق لشعوبهم  أن يخرجوا محتجين، أو أن يقفوا عن آرائهم معبرين.    

إننا كلنا أمل، في أنكم على وعي كامل بعواصف الإصلاح والتغيير التي شملت بلادا قصية عنا، منذ أزمان بعيدة، فتحضرت، وها هو موسم حديث جديد من هذه العواصف، يطرق أبواب بلادنا من كل مكان، ويلح علينا جميعا، حكاما ومحكومين، بعدم جدوى تجاهل صوت هذه الطرقات القوية العاتية، أو التغاضي عن نداءاتها الصريحة العالية، والتي تلوِّح للجميع بمفاتيح التحضر، وتزف إليهم بشارات التقدم، وتزودهم بمبررات الوجود والظهور والبقاء.

كما أننا كلنا ثقة في أن جماهير شعبنا التي صقلتها التجربة، وعلمتها الأحداث، ستكون في مستوى مسئولية عمل هام خطير كهذا، وأنها سوف تلتزم بما تطلبه منها السلطة المحلية من أوامر تنظيمية، تساعد على إنجاح أول تجربة يخوضها الشعب الليبي، حتى يثبت للجميع جدارته للتعبير عن نفسه، وقدرته على تقويم حكومته.

وختاما، فإنه من البديهي المعروف أن نداء كهذا سوف لن يتجرأ أحدٌ على التوقيع باسمه عليه، أو يمهره بخاتمه الشخصي، وذلك لأنه نداء أفئدة وضمائر أفراد الأمة الليبية كلها، وليس نداء أشخاص وأسماء ، ولا هو دعوات قبائل وعائلات، أو أنه إعلان نخب وصالونات، أو بيان طبقات وأحزاب وأيدلوجيات وتوجهات.

الله الموفق، والسلام عليكم.     
ليبيا في8ــ 2ــ 2011 
..........................................
محمد عمر الشيباني
aa10zz100@yahoo.com




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق