سأل سائل هذا السؤال فكان الجواب بكل ثقة ويقين : لا وألف لا ! .. فها هي "مصراتة" صمدت رغم كل ما تعرضت له من قصف كتائب القذافي؟.. ولو لم يتدخل "الناتو" والله ما كانت ليبيا ستكون تحت حذاء القذافي بعد ثورة 17 فبراير المجيدة كما يدعي بعض الذين تعوزهم الثقة في الله وفي إرادة الثوار وصلابة أحرار ليبيا كما تعوزهم الرؤية السياسية التحليلية المتوازنة!! .
لقد ذكر أحد الليبيين في "الفيسبوك" هذه الجملة (لولا "الناتو" لكانت ليبيا الآن تحت حذاء القذافي!!) فرأيت أنه من الضروري الرد على مثل هذه المقولة المضللة التي ربما تكون منتشرة عند البعض حيث يعتقد البعض بأنه لولا "فرنسا" لكانت بنغازي في خبر كان ولولا "الناتو" لكانت الثورة في ليبيا تم إخمادها بالكامل!!.. وهو إعتقاد خاطئ ووهم كبير.. ولا يقلل هذا بالطبع من دور فرنسا أو دور المجتمع الدولي و"الناتو" في محاصرة القذافي وتحطيم آلته الحربية ولكن ليس من العدل والموضوعية أيضا ًعرض المسألة بهذه الطريقة الخادعة!.
فالإدعاء بأنه لولا "فرنسا" ولولا "القوات الدولية" لكان القذافي الآن قضى على الثورة في بنغازي – معقل الثوار الرئيسي- ولأصبحت ليبيا تحت حذائه العسكري بالكامل كما كانت طوال العقود الماضية إدعاء باطل وغير صحيح ويصب في صالح تضخيم الدور الغربي والدولي على حساب دور وتضحيات الثوار الواقفين على الأرض الصامدين في وجه كتائب الطاغية وكذلك على حساب دور المجلس الوطني في إدارة لعبة الصراع السياسي ضد القذافي!.
صحيح أنه – لولا تدخل فرنسا والقوات الدولية - لكان عدد الضحايا والشهداء في بنغازي أكبر بكثير ولكان حمام الدماء أشد مأساوية ولكان حجم الدمار والخراب أكبر .. فهذه حقيقة لا ننكرها .. ولكن حتى لو إفترضنا أن القوات الدولية لم تتدخل عسكريا ً بهذا الشكل فإن الثورة كانت ستستمر والكفاح المسلح كان سيستمر والمقاومة المسلحة كانت ستستعر في داخل بنغازي والجبل الأخضر وسيتحول شرق ليبيا إلى نار ملتهبة تحت أقدام كتائب القذافي .. فشباب بنغازي الحرة الذين واجهوا كتيبة "الفضيل بوعمر" الرهيبة بصدور عارية وبروح إستشهادية عالية وبطريقة أسطورية لن يترددوا في مواجهة القذافي بأسلحته الثقيلة بكل ما يتوفر لهم من أسلحتهم الخفيفة وبعزيمتهم التي تفل الحديد وكانوا سيخوضون معه الحرب داخل شوارع بنغازي شارعا ً شارعا ً كما حصل في مصراتة.. ولكان عندها كلما تقدم القذافي شرقا ً كان عندها سيفقد الكثير من خطوط إمداداته العسكرية الضرورية بسبب طول المسافات وسيتحول شرق ليبيا في نهاية المطاف إلى مقبرة لجنوده!.
لا يصح – إذن - أن نضخم من دور "فرنسا" أو "الناتو" على حساب دور الثوار ودورعزيمتهم ونضالهم وقدرتهم على تقديم التضحيات وتحقيق إنتصارات وإنجازات على الأرض فهذا ظلم لدماء الشهداء ولمجهودات الثوار المقاتلين ولدور المجلس الوطني في إدارة لعبة الصراع السياسي ضد عصابة القذافي !.. ولا يجوز أن نردد مثل هذه المقولة الشنيعة (لولا "الناتو" لإنتهت الثورة ولأصبحت ليبيا تحت حذاء القذافي!!) فهذه المقولة علامة إنهزام نفسي داخلي وضعف إيمان وضعف ثقة بنصر الله وإرادة الثوار لأنه حتى لولا لم تتدخل القوى الدولية سياسيا ً وعسكريا ً فإن الثورة كانت ستستمر والكفاح المسلح سيستمر طال الزمان أم قصر حتى يسقط الطاغية مهما كان الثمن في الأرواح والممتلكات باهضا ً جدا ً .. فالحرية بضاعة غالية تستحق أن ندفع من أجل نيلها أغلى ما نملك كما فعلت كل الشعوب الحرة في العالم وعبر التاريخ!.
سليم نصر الرقعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق