الخميس، 28 أبريل 2011

عبدالرحمن شلقم :ردا على عبد الباري عطوان وليس يصحُ في الإفهام شيء.. إذا احتاجَ النهارُ إلى دليل.. '

نشر الأستاذ عبد الباري عطوان افتتاحية بـ'القدس العربي' يوم الثلاثاء 26 نيسان/إبريل تحت عنوان 'موقفنا من أحداث ليبيا' وعليه أرد فأقول:

 أولا: يا سيد عبد الباري، لماذا الاكتئاب، وأنت القلم المصادم المقارع؟ الشأن الليبي لا يختلف عن شقيقه التونسي أو ذاك المصري. انتفض الشعب مطالباً بتغيير نظام الحكم سلمياً من أجل تأسيس دولة جديدة ومجتمع حديث، يؤسس لكيان متطور يدخل دائرة القرن الواحد والعشرين، بمؤسسات ديمقراطية وبنية عصرية. في تونس استطاع الشعب أن يحقق مبتغاه بأقل الخسائر البشرية والمادية، وغادر زين العابدين بن علي البلاد بعد أن أرغمه الجيش على ذلك، حدث الشيء ذاته في مصر. في ليبيا اندفع الشباب يوم 15 شباط/فبراير في مظاهرة سلمية ببنغازي تطالب بالإفراج عن محام شاب يتابع قضية السجناء الذين قتلوا في سجن أبو سليم. ففتحت عليهم قوات القذافي النار وقتلت بعض المتظاهرين، وعندما أراد أهل بنغازي


تشييع شهدائهم بالتكبير أمام مقر كتيبة الفضيل أبو عمر الأمنية، قام جنود الكتيبة بقتل العشرات من المشيعين.. قاوم هؤلاء العزل هذا الاعتداء بأن تجمعوا أمام الكتيبة يهتفون بسقوط القذافي ويطالبون بنهاية الطغيان، جاء الساعدي معمر القذافي من طرابلس ومعه قوات مدججة بسلاح وذخيرة تسحق ما سموه بتمرد بنغازي، وكانت مذبحة جسر جليانه، حيث قتل أكثر من مائتي مدني أعزل. قاد هذه المذبحة العميد عبد الله السنوسي صهر معمر القذافي وآمر مذبحة سجن أبي سليم.

اتسعت مساحة الغضب في بنغازي وقرر ثوارها الهجوم على منبع القتل وهو كتيبة الفضيل أبو عمر، هاجموها واستولوا عليها، وأصبح في يدهم سلاح يدافعون به عن أنفسهم، اتسعت رقعة الثورة في الشرق والغرب، واندفعت جماهير طرابلس في فشلوم وتاجوراء تهتف بالتضامن مع بنغازي وتطالب بالحرية، فدارت آلة القتل، وسقط العشرات في تاجوراء وفشلوم..

قرر نظام معمر القذافي تنفيذ وعيده، فقد قال معمر القذافي في خطابه الذي ألقاه من بقايا بيته الذي ضربته أمريكا عام 1986، سأزحف أنا ومعي 'الملايين' من 'جميع أنحاء العالم' من أجل تطهير ليبيا من 'الجرذان' شبراً شبراً وزنقة زنقة، وهذا ما فعله القذافي فجنّد المرتزقة من كل مكان وأطلق أيديهم وبنادقهم ليستبيحوا كل المدن الليبية.

وصلت حالات الاغتصاب في أجدابيا والبريقة إلى أكثر من 350 حالة، قال شهود عيان ان مرتزقة من غرب أفريقيا يضعون صلباناً على صدورهم اقتحموا البيوت في مدينة زوارة واغتصبوا فتيات قاصرات ثم أخرجوهن من بيوتهن عاريات كما ولدتهن أمهاتهن وأمروهن أن يركضن في الشارع والدم يسيل منهن.. أقسَمَ سيف الإسلام القذافي أن تكون ليبيا خلال أسبوع بدون جنس 'البربر' 'الأمازيغ'. وهم سكان ليبيا الأصليون الذين يصل عددهم إلى قرابة نصف مليون، ببساطة تطهير عرقي. وأراد معمر القذافي أن يزيل مدينة بنغازي من الوجود واستخدم في ذلك الطائرات وراجمات الصواريخ والدبابات. أما مصراته ـ ستالينغراد ـ القرن الواحد والعشرين فليست في حاجة إلى الحديث عما فعلته كتائب القذافي بها..

لماذا الاكتئاب يا سيد عبد الباري وأنت تحاول الكتابة عمّا يجري في ليبيا؟ أقول من حقك أن تكتئب إذا كان ذلك حزناً وألماً على إخوتك العزل المظلومين الذين يذبحهم مرتزقة القذافي وينتهك أعراض بناتهم ويدمر بيوتهم.

تقول يا سيد عبد الباري في افتتاحيتك يوم الثلاثاء 26 نيسان/إبريل: 'صراع على السلطة بين جناحي نظام ديكتاتوري قمعي، وليس صراعاً من أجل الديمقراطية، وحقوق الإنسان ورفاهية الإنسان الليبي، وإلاّ لماذا يخدم اللواء يونس العقيد القذافي لأكثر من أربعين عاماً وهو يعلم جيداً بكل جرائمه في حق الشعب الليبي، وكيف يكون السيد عبد الجليل وزير العدل عادلاً وهو يخدم وزيراً للعدل في ظل نظام قمعي، حكم بالإعدام والتعذيب على المعارضين للحكم الديكتاتوري'.

لقد حكَّمْتَني يا سيد عبد الباري في السطور الثلاثة الأخيرة من افتتاحيتك وقلت انك تقبل شهادتي لأنني صاحب ضمير وخلق، أشكرك على ذلك، رغم أنني كنت وزيراً للقذافي! فأقول أمام الجميع انني لم أعلم يوماً أنك أو صحيفتك تقاضت بشكل مباشر أو غير مباشر درهماً من ليبيا.

أستغرب من وصفك ما يجري في ليبيا أنه 'صراع على السلطة بين جناحي نظام ديكتاتوري!! أمعقول يا عبد الباري! هل ما يجري في مصراتة وهذا النهر من الدماء والجبال من أجساد أولادنا الشهداء، وهذه المعارك التي يتصدى فيها الشباب في الجبل الغربي لكتائب القذافي هي جزء من صراع على السلطة بين جناحي نظام ديكتاتوري' هل هؤلاء المقاتلون في إجدابيا والبريقة ونالوت والزنتان والزاوية التي دمرت وزوارة التي أزيلت، هل هؤلاء جزء من صراع على السلطة بين جناحي نظام ديكتاتوري يا عبد الباري! هل الدكتور محمد الغرياني الذي أسرته كتائب القذافي وطلبت منه أن يقول: يعيش معمر القذافي فهتف الله وأكبر، وقالوا له: قل الفاتح فقال: لا إله إلا الله، فأطلقوا عليه النار وقتلوه... هل هذا يصارع على السلطة يا عبد الباري؟

يا عبد الباري، عمر بن الخطاب كان مع أبي سفيان ضد محمد رسول الله، فآمن بالله وبمحمد فهل نقول انه منافق وانحاز إلى الرسول في معركة السلطة، خالد بن الوليد وغيره! جمال عبد الناصر كان ضابطا في جيش الملك فاروق. وأنت أين عملت قبل أن تؤسس صحيفة القدس؟

مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي كان وزيرا للعدل في حكومة القذافي، وهو الذي قال على الهواء في مؤتمر الشعب العام: أنا أستقيل من الحكومة، لأنني عندما كنت قاضيا حكمت على قتلة بالإعدام، تم تغير الحكم، 'هناك أبرياء في السجن' وركض القذافي إلى المؤتمر للرد على مصطفى وطلب من محمد الزوي أمين مؤتمر الشعب العام ومن البغدادي المحمودي فصل مصطفى عبد الجليل فورا، ولكنهما قالا له: لنؤجل ذلك فإذا فصل بعد الذي قاله سيكون بطلاً.. وفي مقابلة أجريت مع مصطفى عبد الجليل في نهاية سنة 2010 وقبل الانتفاضة قال: أنا لست وزيرا للعدل لأنه لا يوجد عدل في ليبيا، وحقق معه اللواء مصطفى الخروبي عضو مجلس قيادة الثورة سابقا وقال له ان هذا الكلام قد يكون مدسوسا عليك، فرد الشيخ مصطفى: لقد حذفوا مقاطعا من مقابلتي الصحافية لأنني قلت أكثر من ذلك. ولتعلم يا سيد عبد الباري أن جميع أعضاء المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي أعلنوا في قرار جماعي ومعهم أعضاء إدارة الأزمة أنهم لن ينافسوا أو يسعوا لأي منصب سياسي بعد تحرير ليبيا.

أما حديثك عن الاستعانة بقوات 'الناتو' فهو من العجائب والغرائب، لولا تدخل 'الناتو' يا سيد عبد الباري لكانت بنغازي اليوم أثرا بعد عين، ولكان مصير مصراتة أسوأ من مصير مدينة الزاوية، ولكان عدد القتلى في ليبيا تجاوز مئات الآلاف، إني أتصورك تقول لأهل الكويت انكم خونة، لماذا لم تحرروا بلدكم من صدام حسين لوحدكم وكيف تسمحون للمرتزقة النصارى الصليبيين أن يدنسوا أرض العروبة المقدسة الطاهرة؟! أو تقول لأهل بولندا: أنتم عملاء، لا توجد ذرة وطنية فيكم، كيف تجلبون الحلفاء المستعمرين لتحريركم من هتلر !

أنت تقول ان القذافي ديكتاتور، وان قادة المعارضة لا يختلفون عنه، أي: الاثنان على خطـأ، فما هو الصواب؟

يا سيد عبد الباري نحن أمام ثورة عربية حقيقية تكنس الديكتاتوريين في ليبيا وفي اليمن وفي سورية، سنودّع حقب الجهل والتسلط، وسنحرق لغة الخشب والشعارات البلاستيكية، وفي الختام نقول ما قاله تشرشل عندما قيل له كيف تتحالف مع ستالين قال: أتحالف مع الشيطان من أجل الدفاع عن وطني.

لا تكتئب يا عبد الباري بل أكتب.

عبد الرحمن شلقم

وزير خارجية ليبي سابق ومندوب ليبيا لدى الامم المتحدة

هناك 9 تعليقات:

  1. يا اخ شلقم ارجوا ان تنؤ بنفسك عن مثل هذه الفئة من الناس فلا هدف ولا مبدء واضح لهم سوى التملق ومحاولة الظهور بمظهر الانسان الوطنى و والله ان سماهم على وجوههم والله ان اللؤم بائن فى عينيه ووجهه. فأكرم نفسك الكريمة وارح قلمك فمثله لا يعتبر بالقلم بل بالعصى....

    ردحذف
  2. صدقت وسلم لسانك ايها الليبي الحر ..

    ردحذف
  3. لم اجد ما أعلق على ما كتبت استاذى الفاضل الا ان اقول ومن القلب حفظك الله وسدد خطاك وجعلك الله ذخرا لبلدنا ليبيا الحرة

    ردحذف
  4. السلام عليكم ورحمة الله
    كم اثلج صدري هذا المقال....ليس لأنّه كان ردّا مُفحما ومُقنعا بل لأنّي وصفت الأخ عبد الرحمان بعد مساندته الثورة ..بالمُنقذ الأوّل ..وكان لديّ الأحساس بصدق هذا البارّ
    ..حفظ الله عبد الرحمان وأمثال عبد الرحمان. ...ونُحبّك في الله

    ردحذف
  5. تحية اجلال واكبار لك ياستاذ عبدالرحمن على هذا الرد الجميل والمقنع :واعلم انك مولع بالقريض وقوافيه :
    وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
    وما استعضي على قوم منال اذ الاقدام كان لهم ركابا
    يقول الشاعر الشعبي:
    يرفرف بو نجمة وهلال ...بعد مدة وغيابه طال ..بفضل رجال .. اقحاح افحال ...دماهم سال ..بهمة ما قالو محال ..صقورة ما بعوه بمال..ايرفرف بو نجمة وهلال..

    ردحذف
  6. كنت احترم هذا الرجل عبد الباري
    وفي ذلك الوقت كنت أكرهك ياأخي الفاضل شلقم
    وفي هذه الايام انقلبت المعايير لاني لم اكن اعرف الرجال على حقيقتهم
    فالرجال محاضر وليسوا مناظر

    ردحذف
  7. هاؤلاء رجالنا رجال ليبيا ياعطوان يامن كنت كاتبي المفضل للاسف الشديد فاظهرت لنا تناقضك واشك انك قيضت دولارات من القذافي لكن اقول لك وللقذافي وعياله ليبيا فيها رجاله فعبدالرحمن كفيل بك وبامثالك

    ردحذف