"لولا نيتو لكنّا تحت حذاء القذافي"!!! هذا العبارة لا يقولها إلا أحد رجلين، إما جاهال أو عميل لإثارة مشاعر الليبيين الذين غُلبوا على أمرهم فاضطروا لطلب العون.
وفي الحقيقة ما ينبغي أن يُقال هو أنه: "لولا أن الله سبحانه وتعالى بعث الحياة في شبابنا وحبب إليهم التضحية والاستشهاد ثم هدى الله شلقم وعدد من السفرء والشخصيات المهمة في الخارج فانحازت لشعبها وعملت على استخراج القرارات التي هيأت لتدخل عسكري هام جداً لإنقاذ ليبيا من مأساة لا يعلم مداها إلا الله لكنّا تحت رحمة من ليس في قلبه رحمة إن كان له قلب!"
وبغض النظر عن النوايا والخلفيات لهذا التدخل لابد من الاعتراف أنه كان ولا يزال العامل الرئيسي في إنقاذ الكثير من الأرواح واستمرار الثورة ودعمها عسكرياً وسياسياً وإنسانياً، وهذا لا يُنقص ولا يُقلل من الدور التاريخي العظيم لشعبنا وثوّارنا مقدار ذرة واحدة، فهم الذين ثاروا وتحدوا وواجهوا الرصاص الحي بصدور عارية. وينبغي أن لا نشعر بالإحباط لأن الغرب جاء لنجدتنا، فطلب العون والنجدة ليس عيباً لإنقاذ الأرواح والأعراض فحتى الدول الكبري تتعاون في حروبها لتخفيف الضحايا وضمان النتائج المرجوة.
وبالنسبة لقضية الصمود الأسطوري لمصراتة لم يكن ليدوم بدون مساعدة من الضربات المتكررة على دبابات وكتائب القذافي وخوفهم من الظهور بقوة أكبر لإرغام المدينة على التسليم، كما أنهم ساهموا في بقاء الميناء تحت سيطرة الثوار رغم محاولات الكتائب المتكررة في قطع هذا الشريان الرئيسي الذي كان مصدراً لدعم الثوار بما يحتاجونه من مساعدات إنسانية وعسكرية، ولكن هل يُقلل هذا من البطولات والدور التاريخي لثوار مصراتة في هذه الثورة المباركة والتي أثارت إعجاب العالم كله؟ لا وألف لا فالعالم يعلم جيداً أنه لولا تلك السواعد وذلك التصميم لما كانت مساعدات الناتو تثمر شيئاً.
بالنسبة لبنغازي وبناءاً على شهادات إخوة وأقارب لنا عاشوا تلك الساعات الرهيبة صباح ذلك السبت المرعب، وعلى الرغم من تلك المقاومة العنيفة لشبابنا البواسل على مشارف قاريونس والتي دامت ساعات وكانت سبباً في تأخير ذلك الجحفل المدجج بالأسلحة الثقيلة من دخول بنغازي مما جعل التدخل الفرنسي يؤتي ثماره بعيداً عن المدنيين خارج بنغازي والذي قضى على تلك الأسلحة الخطيرة التي كانت موجهة للإنتقام من بنغازي وأهلها العاصين للقيادة التاريخية التعيسة. فهنا نرى رحمة الله ولطفه بأهلنا، فبعد أن فعل الشباب ما بوسعهم جاءهم المدد من الله في صورة ذلك التدخل الفرنسي الذي قضى على بقية هذا الجحفل الذي لو تمكن من الدخول إلى بنغازي لفعل بها ما لم يفعله التتار في بغداد ولقضى على الثورة وقتل قادتها ودمر مقرها في بنغازي. وقد رأينا الكتائب التي أرسلها للزنتان والجبل الغربي وماذا فعل بالزاوية وهذا كله مع الضربات الموجعة للناتوا والتي قضت على الكثير من آلياته وأسلحته وكتائبه وهددته في عقر داره وأنهت شرعيته السياسية. فما عساه يفعل لو تركه العالم يفعل ما يريد بأهلنا؟
أما أن شرق ليبيا أو غربها يتحول إلى نار ملتهبة فهذا يحتاج إلى دعم وتسليح وتدريب ولولا أن الله سخّر لنا الناتو تراقبه وتنتف ريشه ريشة ريشة لأحرق الأرض بما عليهاا.
أخواني ينبغي أن نكون في مستوى النضوج الذي يجعلنا نُدرك أننا كليبيين أمة ضعيفة عسكرياً ومغلوبين على أمرنا وأننا لا نستطيع هزيمة القذافي وحدنا، لدينا الكثير والكثير جداً من القوة الروحية والمعنوية والشجاعة والإصرار ولكن هذا لا يكفي، كُنا نتمنى أن يكون هؤلاء الحلفاء مسلمين ولكن للأسف يبدو أنه استطاع أن يشتريهم جميعاً بطريقة أو بأخرى، فإما داعم أو محايد سلبي لا تهمه دماء الليبيين. لهذا أيها السادة لابد من التوازن بحيث أننا لا نجلد ذواتنا ونقول أنه لولا ناتو لداسنا القذافي أو نغتر فنقول أنه بإمكاننا التصدي لوحشيته دون مساعدة أحد! ولكن ولله الحمد نظر الله إلى أبطالنا وإلى تضحياتهم بعين الرحمة واللطف فسخر لهم عوناً لم يكونوا يتوقعوه، فثوارنا قاموا وثاروا وضحوا متوكلين على الله تعالى مستعينين به فأعانهم بمن كانوا بالأمس أصدقاء عدوهم، فغيّر الله قلوبهم فأصبحوا لأهلنا حلفاء وله أعداء، فسبحان الله وبحمده.
أخيراً أرجو أن يكون الحسم العسكري قريباً وعلى يد أبنائنا بتوفيق الله وتسديده وعندها تبدأ تضحيات من نوع آخر وهي من النوع الذي قام به اليابانيون والألمان بعد الحرب العالمية الثانية لبناء بلادهم لترقى لمستوى الأمم الحية المتقدمة، فأرجو أن تكون التضحيات لأجل البناء في مستوى التضحيات التي رأيناها من أبنائنا وإخواننا في الجبهات طوال هذه المدة لأجل التحرير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق