وسط صخب الطائرات وقصف الدبابات والقنابل العنقودية وبشاعة الأجرام المنظم المرتكب من نظام القذافي وأبنائه تتراكم الآلام وتطول قائمة الشهداء والضحايا وتضيع وسط ازدحام الأبتلاءات كلمات نجد من الأمانة والوفاء قولها ذكرا لمواقف بطل ودعاء له بالثبات والحفظ.
يوسف منصور - طرابلس
لقد كان جمال الحاجي من أوائل من قالوا كلمة الحق عند السلطان الجائر وظل يتحدث بأعلى سقف وان بأكثر الأدوات تحضرا وتمدنا. لقد كان سلاحه الكلمة والكلمة فقط .. وكلماته لم تدع الا للعمل المدني فقط. لكن كلمته كانت أشد في وقعها من السلاح في حينه.
أوقد جمال شمعة الأمل بانتهاجه المعارضة للنظام من داخل البلد بأعلى صوت مدفوعة بأقوى درجات الشجاعة في وقت كان الناس فيه يعتبرون نقد النظام طريقا للأنتحار وقبل أن يثور التونسيون ويلحق بهم المصريون ومن ثم تتفجر ثورتنا المباركة في 17 فبراير لتثبت أن نضال الأبطال والشهداء من قبل لن يذهب هباء.
لقد ضرب جمال المثل بالشجاعة والأباء ورغم السجن والقهر والملاحقة لم يتوقف عن الصدع بكلمة الحق... بل حتى لما بحث مراسل البي بي سي عن شخص يتحدث اليه من داخل طرابلس لم يتردد جمال في أن يخرج لمقابلة المراسل والحديث معه في مقابلة أعلن فيها منذ ذلك الوقت المبكر أن حكم سفاح ليبيا كان كارثة على البلد . ولو أن كلامه لم يكن جديدا الا أن الملفت هو المكان والزمان اللذان يثبتان معدن الرجل ووطنيته ومدى استعداده للتضحية وكلنا يعلم عقوبة من يجرؤ على كلام ككلام جمال.
لا.. بل ان جمال استمر في نهج الصدع بالحق الى نهايته فانطلق بمقالات نارية كان آخرها يوم 21 من يناير 2011 حيث أعلن فيها وبوضوح تام – كالعادة – عن وجوب الخلاص من حكم القذافي مستفيدا من زخم ثورتي تونس ومصر ومعلنا بذلك ارهاصات ثورة ليبيا المجيدة وكان متوقعا أن يعتقله النظام الذي لم يخيب ظننا! فاعتقل جمال يوم 1 فبراير 2011 بطريقة مافياوية معهودة من النظام الخرب ولعل مكان اعتقال جمال لم يخل من رمزية أيضا حيث كان في شارع ميزران عرين أحرار ليبيا وبؤرة الهامهم وعبق تاريخهم.
وأنا هنا اذ أقف تحية واجلالا لشهداء ليبيا البررة وقافلتهم الطويلة الممتدة لأكثر من أربع عقود والتي تزداد طولا هذه الأيام بالذات حيث أشاوس الشرق الحر ومصراتة الأبية والزنتان الأشم وكل مدن ليبيا الأخرى التي لا تصل أخبار صمودها ومعاركها المغيبة – الى حين – أقول اني شعرت لزاما بأن أذكر ببطل من أبطال ليبيا المغيبين وابن من أبناء طرابلس الصامدة طرابلس التي أبت الألتحاق بركب الظلم والأجرام طيلة عهد الظلام.
هنيئا لجمال ببطولته وهنيئا لطرابلس بابنها البار وهنيئا لليبيا ببسالة أحرارها الثوار.
18 أبريل 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق