الثلاثاء، 19 أبريل 2011

ترجمة : خالد محمد جهيمة : مقال في صحيفة لوفيجارو . مصراتة : جولة المُسعِفين التي لا تنتهي


ثوار في مصراتة, المدينة الوحيدة التي  خرجت عن قبضة قوات القذافي في الغرب الليبي[1]

مصراتة : جولة المُسعِفين التي لا تنتهي
أدريان جولم  Adrien Jaulmes
لوفيجارو  Le Figaro
ترجمة : خالد محمد جهيمة Jhima Kaled

تحقيق  صحفي : توفي 18 عشر جريحا  في  مستشفى المدينة التي يحاصرها القذافي يوم السبت

في مصراتة , يتم إطلاق النار على  سيارات الإسعاف. لا يتردد أتباع القذافي  المختبئون في المباني في إطلاق الرصاص على سيارات الإسعاف؛ فهذا حسين مثلا , المُسعِف المتطوع في مستشفى الحكمة, المستشفى  الخاص الذي أصبح مركز إسعاف مصراتة منذ إقفال المستشفى المركزي, قد استُهدف مرتين عندما كان يقود سيارة إسعاف, تحولت في إحداهما سيارته إل حطام , لكنه استطاع النجاة بنفسه. يستمر حسين, بسيجارته التي لا تبرح فاه, وبسعاله المليء بالبلغم, في  جولانه  في المدينة للبحث عن الجرحى  في الأماكن  الخطيرة فيها.  تمتلك مصراتة, المدينة التي تحاصرها كتائب القذافي منذ شهرين, جغرافيتها الخاصة, إنها  جغرافية  الحرب.

هناك تقاطعات يتم عبورها بسرعة, والرأس مدسوس بين الكتفين, وساحات موت يتم تفاديها بالمرور عبر شوارع صغيرة مهجورة, وشوارع كبيرة يستخدمها القناصة حقول رماية, وأحياءُ سكنية ينصح بعدم البقاء فيها مدة طويلة. يعرف حسين هذه الأماكن كلَّها. يتوقف عند المواقع التي يسيطر عليها الثوار للحصول على آخر المعلومات, ولتبادل السجاير, ثم يذهب
تمتد جبهة القتال على طول  شارع طرابلس تقريبا, أحدِ الشوارع  العرضية التي  تقطع مصراتة  على طول  محور الجنوب الغربي إلى  الشمال الشرقي, لكن الجبهة ليست دائما طوليَّة.  تتموقع قوات القذافي في  الأدوار العليا للمساكن الخالية, أو في العمارات العالية, حيث يطلقون النار على الناس, والسيارات. تعتبر عمارة التأمين الأكثر خطورة من بينها, لأنها تطل على جزء كبير من وسط المدينة. هناك أيضا مواقع أخري تعرفها كتائب القذافي جيدا, كسوق الخضار, والمستشفي تحت الصيانة, والجامعة.  لكن  القصف المدفعي التي تتعرض له المدينة يوميا لا يمكن  التنبؤ به أبدا؛ فبعض صواريخ غراد التي بقطر 122 ملم, أو قذائف الهاون  التي قطرها  120 ملم, تنطلق في السماء لترمي بقنابل عنقودية, تسقط في كل مكان تقريبا, دون تمييز بين الأمام , والخلف, أو بين المدنيين , والمقاتلين.  ليس هناك شيء ثابت, بالتأكيد, ؛ فخطوط التماس تتغير دائما, وفيضانات النار لا تتوقف  في أكثر الأيام هدوءا.
"إنه طب الحرب, وهو يُتعلم على الأرض"
ينسى حسين كل الاحتياطات, ويستقل الطريق الأسرع , عندما يكون هناك جريح في سيارة الإسعاف التي يقودها. لقد أقام الثوار نقاط تفتيش على طول  شرايين  وسط المدينة, كما خططوا مسار طوارئ لتمر منه سيارات الإسعاف, وسيارات مقاتليهم؛ لتجنب وقوعهم في الزحمة مع الآخرين.  يَعبر حسين هذا المسار بسرعة فائقة, مُسلما على  رفاقه بإشارة من يده , أو بمكبر الصوت أحيانا, مرددا "الله أكبر".
لقد أصبح موقف سيارات مستشفى الحكمة خليةَ نحل تعمل ليل نهار؛ فقد وضُع قسم الإسعاف خارج المستشفى , في خيمة  بيضاءَ كبيرةٍ, حيث يتم إنعاش المصابين بإصابات بالغة قبل أن يُبعثوا إلى  غرفة العمليات. يقول طبيب التخدير محمد حداد " إن أغلب الإصابات ناتجة عن رصاص, وشظايا".  ينام الأطباء بالتداول على أسِرَّة  في طابق تحت الأرض. يوجد من بينهم فريق من الجراحين الإيطاليين التابعين لمنظمة الطوارئ غير الحكومية قَدِموا للمساعدة منذ بداية الحصار, لكن الأطباء الليبيين كثرٌ, وبارعون. يقول الدكتور محمد, المقيم في مدينة تورينو الإيطالية, والذي رجع إلى مصراتة بعد بداية الانتفاضة : "إنه طب الحروب, وهو يُتعلَّم على الأرض".

تنظيم فَعاَّل
لا تبعد الجبهة كثيرا عن المستشفى, بحيث يمكن رؤية أذناب الرصاص في السماء أحيانا؛ لذا  لا يمر, , سوى خمس دقائق بين القصف المدفعي, وبين وصول الضحايا, في سيارات إسعاف تدخل إلى موقف السيارات مطلقة صفارات إنذارها القوية. كما تنطلق صيحات التكبير في الممرات في بعض الأحيان, وبخاصة عندما يسلم أحد الجرحى  الروح, والذي يلف جسده في علم الثورة  ذي الألوان, الأسود, والأخضر, والأحمر.  لم تتوقف صيحات التكبير يوم الأحد حيث قتل 18 شخصا جراء القصف, لقد كان يوما من أعنف أيام القتال.
يقول الدكتور خالد أبو فلقة, أحد مسؤولي  اللجنة  المنوط بها الإشراف  عل الخدمات الصحية في مصراتة  : "لدينا 300 قتيل منذ بداية الثورة قبل 60 يوما في مصراتة" " لكن هذا الرقم لا يتعلق سوى بمن ماتوا في المستشفى. أم إذا أضفنا إليهم الضحايا الذين  دفنوا تحت الأنقاض , أو الذين دفنوا في  المكان الذي سقطوا فيه, فإن الرقم يصل , دون أية مفاجأة, إلى  1000 قتيل"
يتمكن الجرحى المصابون بإصابات خطيرة من  مغادرة المدينة عن طريق البحر؛ فقد قامت العبارة اليونانية , يونيون سبيريت, التي استأجرها  مكتب الهجرة الدولى, بنقل حوالي ألف  من  العمال الأفارقة  المحاصرين في مصراتة منذ أسابيع, وعشرات من الجرحى المصابين بإصابات خطيرة, إلى بنغازي. كما أبحرت’ قبل يوم, باخرةٌ تابعة لمنظمة أطباء بلا حدود, نحو تونس, وعلى ظهرها عدد من الجرحى.

قوارب صيد تبحر من  بنغازي
يُستخدم البحر أيضا  لمد الثوار بالذخيرة.  تصل صناديق الصواريخ المضادة للدبابات, والتي توزع على المقاتلين في الشوارع ملفوفة في أغطية بلاستيكية خضراء, عبر البحر , أيضا. لقد وضع رجال أعمال مصراتة الأغنياء خبرتَهم, وأموالَهم في خدمة الثورة. قوارب صيد تبحر من بنغازي, محملة بالذخيرة, نحو المدينة المحاصرة, في رحلة تستغرق خمسين ساعة, مرورا بخليج سرت, بسرعة لا تزيد عن خمس عقد بحرية.
لقد أخذ المجلس المحلي, الذي يدير مدينة  مصراتة منذ  تفكك نظام القذافي, على عاتقه تنظيم أعمال الإغاثة و والإمداد, والدفاع , وتوريد الأسلحة, والذخيرة.  وقد أنتجت تلك الإدارة تنظيما  كفؤا, ومذهلا . يقول أحد رجال  الأعمال  في مصراتة, والذي مازالت له مصالح في طرابلس : " لقد سَهَّل علينا اختفاءُ الحكومة  إدارة الأمور" "لقد كانت مجموعة من الحيوانات المفترسة التي تفكر في الإزعاج أكثر من إدارة أي شيء كان. إننا لم نشعر, على الرغم من الحصار, والقصف, يوما بأننا أحرار كما نحن اليوم".

 لقد أسقط الصحفي من حساباته مدن جبل نفوسة الأشم, وأنا هنا أذكر بأنها مازالت تحت سيطرة الثوار, أدام الله لها هذا العز, بعربها, وبأمازيغها. وألحق بركبهن مدنا أخرى.[1]

هناك تعليقان (2):

  1. اولا اترحم علي كل شهداء ليبيا وثانيا ليست مصراتة فقط خارجة عن قبضة اشكالون فليبيا باجمعها خارجة عن قبضته فلوهو واثق من نفسه انه مسيطر عليها يسحب المرتزقة ويجد حقيقته

    ردحذف
  2. (اخت الاحرار) والله اهل مصراتة ماشاء الله تبارك الله بصراحة لساني عاجز عن وصفهم بجد. كم انا فخورة بكم يا ابطال.

    ردحذف