السبت، 23 أبريل 2011

بقلم : نيد باركر ، لوس انجلوس تايمز : في مصراتة ، السكان يعيشون مع الموت والفزع


ترجمة ليبيانا الحرة


في أكبر مدينة تسيطر عليها المعارضة في غرب ليبيا ، أب يتساءل متى سينفد حظه ، وثائر يوطن نفسه على تحمل الأخبار السيئة ، وطبيب يعقب على وفاة أطفاله الأربعة الصغار .


بقلم : نيد باركر ، لوس انجلوس تايمز


22  أبريل 2011 ، 07:57 مساء





تقرير من مصراته ، ليبيا  


يملأ هدير المدافع الرشاشة ودوي المدفعية أرجاء المدينة ، لكن ليس هناك أحد يتراجع بعد الآن ، ابتداءً من حاجب المستشفى الذي يقوم بغسل الدماء في الشوارع إلى العائلات التي أخلت منازلها التي تم قصفها .


  


هذا هي مصراتة ، وسكانها الواقعين تحت حصار : الأب الذي لا يستطيع التوقف عن التساؤل عما إذا كان حظه على وشك أن ينفد بعد نجاته بأعجوبة من هجوم صاروخي مميت شُن على أناس ينتظرون في طابور لشراء الخبز .




الثائر الذي ينتظر خارج المشرحة ويخشى أن يقول لأم ثائر آخر أن ابنها شهيد .


  


الطبيب الذي يمسح الدماء عن خده وهو يعلم أن أولاده قد لقوا حتفهم حتى قبل أن يرى أجسادهم الصغيرة المنسحقة .


  


السكان يطلقون في كل مكان شعاراً : سنفوز أو نموت ، ولكنهم على نحو متزايد يخشون أن الموت هو الأكثر احتمالاً .




يسير الدكتور علي أبوفناس عبر موقف للسيارات في مستشفى الحكمة.  كل شيء هناك هو نعمة من الله : صرير سيارة وهي تتوقف في الخارج ، واندفاع عربة النقل المتحركة . ينادون على طبيب التخدير لإنقاذ الأرواح ، فهم ليسو في حاجة إلى شخص بلا حول ولا قوة يشاهدهم وهم يموتون ، لكنه في بعض الأحيان لا يستطيع العمل ، ويغادر بعد بضع ساعات فالذكريات أكبر من قدرته على التحمل .




في يوم 21 مارس على تمام الساعة الرابعة مساءً كان يقود سيارته مصطحباً زوجته وأطفاله الأربعة إلى منزل حماته عندما تحولت الطريق التي كانوا دائماً يعبرونها إلى ساحة قتال بين الثوار والقوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي في المدينة التي تعتبر أكبر مدينة متبقية للثوار في غرب ليبيا . بدأ إطلاق النار فصاح بزوجته وأطفاله طالباً منهم الاستلقاء ثم أوقف السيارة . هز انفجار المكان وتساقط زجاج السيارة . وضع يده على خده ووجد دماءً وأنسجة من الدماغ فأدرك على الفور ما الذي سيشاهده : أولاده مقطوعي الرأس ولا يمكن التعرف عليهم تقريباً . انهارت زوجته بكاءً وهي تنادي عليهم بأسمائهم .


  


سحب جنود من جيش القذافي الزوجين من السيارة وبدأوا في استجوابهما في الخارج.  توسلت إليهم زوجته أن يتركوها تعود إلى السيارة وهي تصرخ أن أحد الأطفال قد يكون على قيد الحياة ، لكن ابوفناس أدرك أنهم كانوا موتى جميعاً . 


كان مشغولاً بحماية زوجته من الجنود ، فترجاها أن تبقى هادئة ، بينما كان يجاهد نفسه حتى لا ينتحب ، ولكنه لم يستطع تمالك نفسه عن البكاء . تضرعا إلى الجنود أن يسمحوا لهما بالرحيل ، وبعد عدة ساعات ، سمح لهما جندي بالذهاب من أحد الأزقة.  قرعا باب أحد المنازل وطلبا من الشخص الذي لا يعرفانه السماح لهما بالبقاء تلك الليلة ، وفي الصباح ذهبا إلى المستشفى حيث وجدا أطفالهما في المشرحة : الولدين : سالم ، 15 عاما ، وآدم ، 3 سنوات ؛ والبنتين : حواء ، 11 عاماً ، وفاطمة ، 7 سنوات .



كان يحمل قطعاً من الشظايا التي أصابته بجراح طفيفة في قماشة صغيرة بيضاء اللون ، بينما ضم هاتفه الخاص صوراً لأولاده . لم يتحمل هو وزوجته ، بعد الوفاة ، البقاء في بيتهم القديم ، حيث يريا ألعاب أطفالهما وملابسهما فقررا البقاء في منزل عائلة زوجته ، على الرغم من أن منزلهم يقع في وسط المدينة غير بعيد عن ساحة القتال ، لكن ذلك كان أفضل من البقاء مع ذكرياتهم .


  


" لقد توفي أطفالي ، وأنا أعلم أن الله إذا شاء فسوف يهبني أطفالاً آخرين ، وإن لم يشأ ، فسوف نكون بخير ، وسأظل مع  زوجتي . تلك هي  مشيئة الله" ، ثم يضيف : " سوف أتذكر أطفالي وكيف لعبت معهم . لن أنساهم أبداً" .




بعد أسبوع ، قرر ابوفناس العودة إلى العمل لأنه قال لنفسه أنه ليس هناك شيء يمكنه القيام به حيال أحبائه . لقد رحلوا ومدينته كانت تتعرض لهجوم . يقول وعيناه تذرفان بالدموع : "أحيانا عندما آتي إلى هنا أرى أطفالاً فأتذكر ابنتي" ، وأنا أحاول مساعدة الأطفال الذين جرحهم القذافي" .




ينتظر رجب علي بعصبية في صف خارج مخبز منذ ما يقرب من 90 دقيقة لشراء الخبز لعائلته . لقد انتظر في صف مماثل في مخبز على مقربة من  الميناء قبل يوم مضى حينما انفجر صاروخ هناك وقتل عدة أشخاص آخرين كانوا في انتظار الخبز . هذا الأمر جعله دائم التساؤل عما إذا كان حظه على وشك أن ينفد ، لكنه مع ذلك لا يملك خياراً آخر . لقد اضطر هو وزوجته وابنتيه الصغيرتين إلى النزوح عن منزلهم بسبب تعرضهم لقصف بلا هوادة ، ولجأوا مع والده وعائلة شقيقه إلى منزل شقيقتهم الذي يقع في حي أقل عرضة للخطر .


  


يناضل علي من أجل العثور على ما يكفي من الغذاء مع إغلاق العديد من المحلات التجارية أبوابها ، وقيام محلات البقالة المتبقية بتقنين بيع المواد الأساسية ، وقد بحث كثيراً من أجل شراء حليب مجفف لطفله البالغ من العمر سنة ، وما يكفي من المياه الإضافية في حال حدوث نقص نتيجة قصف الحكومة للمنطقة الصناعية التي تأتي منها الآن إمدادات المدينة من مياه الشرب ، إذ أن الصواريخ وقذائف الهاون تستهدف محطات توليد الطاقة ، والمستشفيات ، ومحطات الوقود ومستودعات ومصانع المواد الغذائية . يقول علي : "الوضع قد أصبح أسوأ ، وأعتقد ، يقيناً ، أن (قوات القذافي) يريدون تدمير كل شيء" . لقد ناقشت أسرته ماذا سيفعلون إذا ما استمر إطلاق النار الكثيف . كان كل من والده ونسيبه يريدان مغادرة المكان ، لكن شقيقه رفض ، ثم عادوا وجلسوا معاً في الليل وناقشوا الأمر ثانية . قال علي : "إنه من الصعب أن تترك بيتك في المدينة" .




أخيراً وصل علي إلى مقدمة الطابور ، وبينما كان مبتهجاّ بالرائحة الدافئة المنبعثة من الخبز المحمص ، شاهد صبي صغير يحمل أرغفة من الخبز إلى والديه ، فيما كان رجل شائب الشعر يصف كيف جال عبر مصراتة كلها للعثور على متجر مفتوح . كان يعرف أن الجميع من حوله لديهم قصص مشابهة لقصته .




كان أسامة فورتيه ، جالساً في مستشفى الحكمة وهو يحمل بندقيتين بلجيكيتين لونهما أسود ، في انتظار عودة أصدقائه بعد وضعهم جثة مقاتل من الثوار ، ملفوفة في بطانية رمادية ، في المشرحة ، وذلك حتى يذهبوا إلى أسرة الرجل لإبلاغهم الخبر . تجهم وجه فورتيه خشية ما ستكون المرة الثانية بالنسبة له التي يخطر فيها عائلة أحد القتلى في أقل من ساعتين.  سوف يقولون للوالدين فقط : "ابنكم شهيد" . "إنه ليس وقت للتفكير" ، قال أسامة مضيفاً "لكنهم في حاجة إلى بعض التعزية" . "لقد فقدت حالياً الكثير من أصدقائي ، وسوف أتذكر في المستقبل كل شخص قتل . الأوقات التي قضيناها معاً وتحدثنا معاً . لكننا الآن نحارب" .


  


للاطلاع على النص الأصلي باللغة الإنجليزية 


http://www.latimes.com/news/nationworld/world/la-fg-libya-misurata-misery-20110423,0,5654555,full.story


  


إلى جند فرعون ليبيا : بالله عليكم ألا تخشون أن يَقْدُمَكُم فرعونكم هذا الذي توالونه يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُوْرِدَكُمُ النّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ . ماذا جنى هؤلاء الأطفال الأبرياء حتى تقتلوهم هذه الميتة الشنيعة ؟ هل كانوا مهلوسين ومتعاطي مخدرات ؟ أم أنهم كانوا يتبعون تنظيم القاعدة في المغرب العربي ؟ أو لعلهم كانوا عملاء في الشبكة الإسرائيلية التي تنفذ مؤامرة كبرى لضرب استقرار ليبيا ووحدتها الوطنية ؟


   


حسبنا الله ونعم الوكيل . ولوالديهم ندعوا الله أن يأجرهما في مصيبتهما ويخلف لهما خيراً منها .


اللهم مرسل السحاب ، منزل الكتاب ، هازم الأحزاب ، اهزم بومنيار وجنده وزلزلهم . 


اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق