الأحد، 27 فبراير 2011

علي المجبري : أيها العقيد ؛ ماذا بعد !؟




أيها العقيد ؛ ألم يكفِ ثلاثةُ آلاف قتيل ، ليَطفأَ غضبُك ، وتَهدأَ ثائرتُك ؟
ربما لو حدث هذا مع جيلي لدبّ اليأس فينا واستكثرنا عدد الضحايا فننسحبُ تاركين لك المكانَ والزمانَ والدماء والحياة وكلَّ شيء .


ولكن ، أيها العقيد ، هؤلاء ليسوا نحن . نعم ليسوا نحن .. ؛ إنه جيلٌ تعرّف على الحرية وقرأها وفهمها وتحاور مع العائشين فيها .. ؛ ولمس ما فيها من نور ونكهة وحياة كاملة كل يوم فيها يساوي عمرا بأكمله .
حياةٌ إضافية ، كلها قوةٌ ونشوة وخلود وارتقاء .. ؛ حياة لم نعرفها نحن ، وربما نخجل حتى اليوم من سؤال أبنائنا عنها لأننا لا نريد أن نعترف بأستاذية أبنائنا علينا .
فنحن ايها العقيد الذين عاصرناك أكثر من اربعين سنة عشنا شبابنا على شعاراتك القومية وعلى راديو وتلفزيون ليبيا فلم نعرف الفضائيات والإنترنت والفيسبوك إلا بعد أن صرنا آباءً لمجموعة من الأطفال نخاف على أنفسنا من أجلهم ونحتمل الضيم من أجلهم وربما نبيع حتى حريتنا من أجل أن لا يتأذُّوا أو يتيتَّموا أو يعيشوا كل حياتهم ينتظرون خروجنا من سجنِك .
أما أبناؤنا فلا أبناء لهم ! . إنهم شبابٌ وُلدوا وكبِروا في عصر الفضائيات والإنترنت والفيسبوك ، .. ولدوا في عصر الديمقراطيات العالمية والنضال من اجل الحرية .
لم تعلّمهم أنت فعلَّموا أنفسهم ، لم نثقفهم نحن فثقّفوا أنفسهم .. لم يمنحهم أحدٌ شيئا فمنحوا أرواحَهم وعقولَهم كل شيء .
.. فلا جميل لنا عليهم . ولا جميل لك عليهم .
فهل يحق لك بعد هذا أن تقول : " أمسكوا أولادَكم " !؟ .. وهل يحق لنا بعد هذا أن نمسكَهم !؟ .
أيها العقيد ؛ لا وصاية قمعيّة لنا عليهم ، مثلما لا وصاية قمعية لك عليهم ! .. فقد اختار أبناؤنا حياتهم وحدّدوا أهدافهم بعيدا عن خوفِنا عليهم وكُرهِك لهم .
لقد أدهشوك بقدر ما أدهشونا بتخطيطهم وعزمهم وثباتهم حتى تساءلنا نحن : هل هؤلاء أولادُنا !؟ ، وقلت أنت لا يمكن أن يكونوا شبابا ليبيين ؛ .. ولأنك لم تتوقع رؤيتهم بمثل هذه الشجاعة والإرادة قلتَ إنهم يتناولون ( حبوبا ) !! .
لا بدّ أنها حبوبُ الشجاعةِ التي قرأنا عنها في الحواديث وقصص الخيال الشعبي .
لا فائدة أيها العقيد ! .. ؛ لا فائدة من ثني هؤلاء الشباب أو إغوائهم أو التصدي لهم بأي سلاح أو قوة مهما بلغ بطشها .
.. فهؤلاء الشباب لا يتعاطون غيرَ الحرية والمبادئ والأفكارِ الكبيرة العالية  .
إنها القوة الروحية العظيمة التي أبيتَ أن تتفهَّمها ؛ فعزيتها للحبوب والتخدير تارةً وللقاعدة وابن لادن تارةً أخرى .
أيها العقيد ؛ لا بد أن تستفيق من صدمتك ؛ إنها فرصتك الأخيرة لتستيقظ ، لتؤمنَ بقدَرِك ، وتقرّ لهؤلاء الشباب بحقوقهم في الحياة الحرّة الكريمة في بلاد ترفرف عليها راية الحرية والديمقراطية والإخاء والمساواة .
لقد سفحَ هتلر الدماء ، وأهرقَ موسليني الدماء ، ولكن أيّا منهما لم يُرِقْ دماءَ شعبه ؛ فهتلر وموسليني كانا يناديان بعزة شعبيهما وتفوقهما العِرقيّ حتى الموت .. ؛
.. بينما أنت تُسفك دماءَ شعبِك وبأيدي استأجرتَها بأمواله ، بلا رادعٍ أو حدّ أو رقَمٍ مُستهدفٍ للقتل .
أيها العقيد ؛
لقد أنتج الشباب ثورةَ 17 فبراير المعجزة .. ؛ ثورةٌ ليبية مئة بالمئة ، لكنها عالميةٌ ، وغيرُ مسبوقة ، وكتابٌ يُدرَّسُ في كلّ مكان .
فكفّ يدَك عنها ، وسلِّم لها مفاتيحَ البلاد ... وبالتاكيد لن تظلمك ثورةُ شباب ليبيا ، ولن ينالك منها سوءًا أبدا .
أيها العقيد ؛ افتخر بها ولا تعادِها ! .... فلا زال وقتٌ للخير .
*  *  *


       علي المجبري
                                
     27 / 2 / 2011

هناك تعليقان (2):

  1. Many thanks brother Ali for this post.
    I do believe that you are saying the truth and just the truth , I totally agree with you, but here you are giving a chance to the criminal of kadafi, he has no chance to live anymore

    ردحذف
  2. بسم الله الرحمن الرحيم
    انا لاادرى لماذا زعما العرب ينصيبون انفسهم اوصياء علينا وكاننا عبيدلديهم ونحن لسنا كذلك .ويحاولون دائما ان يعرفوننا بانهم يعرفونا
    مصلحتنا اكثر منا وانهم ان رحلوا سوف نضيع .لماذا لايعطونا فرصة لنخوض تجربة الاختيار بكل ما فيها من مرارة وقسوة ونجاح لماذا لايريدونا ان يفهموا اننا لسنا عبيد لديهم واننا ولدنا احرار لنا فقط حق العبودية للخالق العظيم .

    ردحذف