وقفة على جيوب المسؤولين ...
في الوقت الذي تستمر فيه مُعاناة المواطنين وازدحامهم بشكل يومي امام المصارف لاستلام ما يقسمه المصرف على الطوابير من سيولة – 800 دينار في حالات إنسانية خاصة – بعضهم يجد مائة دينار .
موظفة تكتشف ان رصيدها صفر .. تشرع في الطواف على المحلات المجاورة تستجدي خبز صغارها .
اخر يسمع الاتي :
" عندك عشرين دينار في حسابك ياحاج .. تبيهن ؟ .
على أساس ان الحاج سيوقف تاكسي بعشرة دينار ويذهب للسحب من رصيده الاحتياطي في مصرف اخر في الطرف الراقي من المدينة .
في هذا الوقت ووسط هذه الأجواء المتخمة بالقهر .. والمهانة .. وطعم الفقر .. يأمر السيد النائب العام بالقبض على مسولين ووزراء بتهمة فساد واستغلال وظيفة .
وزير التعليم يضع في حسابه الشخصي مبلغ وقدره 190 مليون دولار .. وضع تحت كلمة حسابه الشخصي ما شئت من الخطوط والألوان .
اسود بلون ليل السهر وتعاسات صفوف السيولة .
ازرق بلون السماء او لون البحر الذي ستعبره وسيلة المواصلات القادمة بالكتب الى المدارس .. الكتب التي لم تصل بعد فيما تنتصف السنة الدراسية .
اخضر بلون ( نظرية القايد ) .. ونحن مازلنا نقراء ونأكل من وراء حدودنا .. أربعة عقود ( جماهيرية ) .. وسنتان " دمامل " فوق البيعة ..
اضحى تعليم اللغة السواحلية بديلاً عن لغات البرمجة والتخاطب الدولي – مع احترامي للغة السواحلية وأهلها الناطقين بها –
قال له اصنع ميكرفون وسمه ماتشاء :
لوح "زميته " مثلاً .
ثم عشرية ( فبرايرية ) - أطفئ وهجها .. وانتهك براءتها ( نُخب ولصوص ) - وما برحت كتب مناهجنا تأتي من الخارج .
ياسيدي اخبرني عن نوع النظام الإداري او المُحاسبي الذي يسمح بان يضع وزيرا ميزانية وزارته في حسابه المصرفي الخاص .
وزير صحة يقبع في السجن على خلفية 100 مليون دولار تبخرت .
تحدثنا صفحات الماضي عن احدهم ارتكب جنحة .. فقرر المسؤل معاقبته بمائة سوط .. فاعترض المتهم صائحاً :
" لحظة ياسيدي .. اما انك لم تجرب السوط .. او ان انك ياسيدي لا تعرف العد " ..
تداخلت الأرقام والاعداد وفقدت قيمتها .. وزيران فقط يضيعان 290 مليون دولار في فترة لا تتجاوز العشرة اشهر ..
سمهاها ابن خلدون (الدولة الغنيمة ) ..
يطفوا على سطح منابرها التشريعية ( فصيح ) يشتهر بمفردات لا تمت للتشريعات بصلة .. مفردات على شاكلة :
" خليه يدهكه " .. " وخوذ منها وسكر عليها الهايك " .. واعتذر للقراء عن ترديد ثقافة عالم الاسفلت .
ماذا سيقول كبير المشرعين في الغرف المُغلقة ؟
الطامة او الفاجعة ان لا احد من المشرعين الحاضرين يعترض .. ومنهم مُعارضين مُخضرمين في عهد القذافي ..
ليس ثمة فرق كبير بين حذاء القذافي والفاظ قايد المشرعين ..
تخيل سيناريو رد فعل والدك حينما تقول له :
" زارد مع عقيله " .
يمنحون انفسهم جوازات سفر دبلوماسية لهم ولاولادهم مدى الحياة .. بنصوص تشريعية نافذة .. فيما لا تجد زميلتهم المخطوفة ( سهام سرقيوه ) من يذكر اسمها .. او يشكل لجنة للبحث عنها ..
والكلام موجه بشكل خاص للمعارضين الذي كانوا يتهمون القذافي بخطف وقتل المُعارضين .
اذكًر بنص للفيلسوف الكندي ( الان دونو ) من كتابه ( نظام التفاهة ) يتحدث فيه عن مفهوم اللعبة :
" هي قاعدة غير مكتوبة ولا نص لها , لكن الجميع يعرفها . تقول اللعبة القاعدة :
انتماء اعمى الى جسم ما , يقوم على شكليات السهرات والغداءات والانتقامات . بعدها يصير الجسم فاسداً بشكل بنيوي قاطع , حتى ينسى علة وجوده ومباديء تأسيسه ولماذا كان اصلاً ولاية اهداف " .
في سياق الفساد البنيوي اروي لكم هذه :
متسلق وصولي يتقدم بطلب لاحد الوزارات .. يتفاجاء الوزير بان صديقه صاحب الطلب يتضمن طلبه او خطته ضم كل الإدارات واختزالها في إدارة واحدة يكون هو رئيسها ..
واهم إدارة هي إدارة التفتيش على الملحقيات في الخارج . باختصار وظيفة :
" يوروات .. دهواري .. كومده " .
يرفض الوزير الطلب .
يلعن المتسلق الزمن والأصدقاء الذين بينو للوزير خطورة الخطة .. ويعلن ببنغازية غاضبة :
" اتجوني .. اتجوني .. " .
يُعين في وظيفة حساسة بقرار من المجلس الرئاسي .
يقول شكسبير :
" ثمة مدً في شئون البشر كالمد في البحر: فان اغتنمت الفرصة في عنفوانها جاءت لصاحبها بالحظ السعيد " .
اضيف لحكمة شكبير : اذا ما تم توظيف المد في خير الناس ومصلحة الوطن فانه يكون حظاً سعيداً . اما حينما تذهب ثروات المد لحساب الوزير فانها ليست سوى :
" رزق ربا يمشي للتلايف " .
وثقب اخر في جيب المواطن .
اسعد العقيلي ... 8 . 2 . 2022
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق