الثلاثاء، 7 ديسمبر 2021

المشهد الانتخابي في بنغازي .. انتخابات بنكهة التصعيد الشعبي



منذ مدة تعيش مدينة بنغازي أجواءً أشبه بتلك التي كانت تسبق التصعيدات الشعبية في زمن القذافي،ولكنها هذه المرة تصعيدات بنكهة الانتخاب وصندوق الاقتراع، فالاجتماعات القبلية على أشدّها وكل قبيلة تغني على مرشحيها وليس مرشحا واحدا.

ثمة قبائل أنشأت ما أسمته هيأة أو لجنة سياسية مهمتها التشاور مع من يرغبون في ترشيح أنفسهم من أبنائها، فعلت ذلك قبائل ورفلة ومصراتة وزليتن والعواقير وغيرها، ولا تتوقف اجتماعات أو لقاءات هذه اللجان السياسية طيلة أيام الأسبوع تقريبا، وهي اجتماعات تُطرح فيها كل التطورات الخاصة بالعملية الانتخابية، وقد قامت هذه اللجان الأيام الماضية بتكثيف الاتصالات مع أبناء قبائلها لحثهم على تسلم البطاقات الانتخابية تمهيدا للتصويت لأشخاص محددين سيعلن عن أسمائهم قبيل الانتخابات البرلمانية.
الجديد هذه المرة أن أبناء قبائل ومدن المنطقة الغربية في بنغازي مُصِرُّون وبقوة على اقتحام غمار هذه الانتخابات والدفع بأبنائهم المرشحين ليكونوا في واجهة البرلمان المقبل،في مقابل أحاديث قبلية - تتردد على نطاق واسع وليست سرية - أن نتائج انتخابات 2014 هيمن عليها طيف قبلي وحيد وهم أبناء قبائل المنطقة الشرقية، الذين كانوا على مقربة من حفتر وأبنائه طيلة السنوات السابقة وخصوصا فيما يتعلق بتقديم الدعم التشريعي لحفتر داخل البرلمان.
الانتخابات الرئيسية
أما بالنسبة للانتخابات الرئاسية فمن الملاحظ بشكل جلي أن أحاديث الناس في بنغازي تدور حول التصويت لثلاثة مرشحين وهم عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا وعثمان عبد الجليل.
أما عقيلة صالح فالحديث عنه في الأوساط العامة في بنغازي ممزوج بالكثير من الكراهية والسخرية والاتهام بأنه سبب رئيسي في الأزمة التي تعيشها البلاد، كما أنه أهالي بنغازي يقولون إن عقيلة جهوي وعنصري ولاؤه لبني عمومته ولمنطقته القبة ولديه كره لبنغازي.
أما حفتر فيمكن القول إن أسهم شعبيته وحاضنته الاجتماعية في الشارع البنغازينو في"تهاوٍ مستمر" فالناس هنا يتحدثون عن فساده وفساد أبنائه وهوسه بالسلطة وسعيه إليها بكل السبل و فشله في بناء مؤسسة عسكرية وتركه لبنغازي مدمرةً، وخصوصا أحياءها ومناطقها التاريخية.
وحتى الآن التقى حفتر عددا محدودا من مؤيديه في مكانين فقط ، وكلاهما كانا مغلقين ، وهما صالة ألعاب النادي الأهلي، وقاعة اجتماعات في فندق تيبستي ، وكلا اللقاءين سبقتهما إجراءات أمنية مشددة للغاية، وحضرهما مسلحون من مليشياته بلباس عسكري ومدني.
تيارات وأحزاب سياسية غائبة عن الشارع البنغازينو
هناك عدد من الأحزاب السياسية في بنغازي لا يوجد لديها بأي حال من الأحوال أي تأثير سياسي في"الشارع البنغازينو" فأفرادها وقياداتها يعيشون حالة من الانعزال السياسي داخل مقراتهم ويعقدون اجتماعا تلو الآخر للحديث والنقاش فقط،دون تقديم مشاريع سياسية يناقشها الناس هنا وتلامس حياتهم اليومية، ومن الواضح الذي لا يخفى على أحد أن هناك مسافة شاسعة جدا بين هذه الأحزاب وقياداتها من جهة، وبين رجل الشارع العادي من جهة أخرى، كما أن المعروف على هذه الأحزاب هو موالاة قياداتها لحفتر وأبنائه ودعم المواقف التي يعلنها حفتر بين الفينة والأخرى، إضافة إلى ما لوحظ مرارا من قيادات هذه الأحزاب من خوفها من الأجهزة الأمنية في بنغازي وممارستها العمل السياسي بخوف تترجمه عدم قدرة هذه الأحزاب على إعلان مواقفها السياسية بصراحة ووضوح من التطورات اليومية للمشهد الليبي وعدم تنظيمها لندوات وورش عمل مفتوحة للناس أو تنظيم وقفات احتجاجية رافضة لمواقف سياسية معينة، فهي تمارس العمل السياسي بحذر شديد يأخذ في الاعتبار القوة الأمنية لحفتر وهي قوة على رأسها قيادات من النظام السابق اصطدمت في يوم زمن القذافي ببعض قيادات هذه الأحزاب، اعتقالا وتعذيبا.
وعلى سبيل المثال فإن بعضا من هذه الأحزاب يقودها فتحي البعجة وعاشور شوايل وعلي سعيد البرغثي وصالح الغزال الزوي والقيادي السابق في اللجان الثورية محمد سعد الحاسي وطارق البشاري شقيق قائد مجموعات التصفية التابعة للنظام السابق إبراهيم البشاري.
التجهيز لكتلة حفترية في البرلمان المقبل
منذ فتح باب الترشح للانتخابات البرلمانية تقدم إلى الترشح عن الدائرة الثالثة التي تضم بنغازي وضواحيها أكثر من 700 مترشح من الرجال والنساء، ينتمي عدد محدد جدا منهم إلى ما يمكن تسميتهم بـ"عرب البلاد"أما البقية فمن بينهم مرشحون عُرفوا بولائهم الشديد والمتطرف أحيانا لحفتر،يوصفون بأنهم"مرشحو القيادة العامة"هكذا يتحدث عنهم الناس، إلى جانب أنهم مدعومون ماديا ولوجستيا من حزب الكرامة الذي يعتبر الذراع السياسي لحفتر وهو حزب يقوده عضو اللجان الثورية السابق أحمد العبود.
كما أنه من المعروف أن هدف هؤلاء المرشحين هو تشكيل كتلة برلمانية داعمة لحفتر ومن أبرزهم جبريل العبيدي و مبروكة بالتمر وصلاح الدين عبدالكريم وسعد رقرق و ضابط الشرطة طارق الخراز والضابط في جهاز الأمن الخارجي للنظام السابق الدكتور محمد الشركسي وعمر سالم الدرسي وفرج بونقيطة نجم وعزالدين الوكواك وعبد الناصر شماطة وسعد بوكرش"من مسلحي مليشيا سالم عفاريت" وسعد الدينالي ومالك الشاردة وفراس بوسلوم، والقيادي السابق في الحرس الثوري للنظام السابق صبحي هيلازاكس.
وإلى جانب هؤلاء جميعا - وهم أمثلة فقط على مرشحي ما يسمى القيادة العامة - يوجد أعضاء برلمان سابقون تقدموا أيضا بملفاتهم في هذه الانتخابات للترشح ، والغريب هذه المرة أنهم تقدموا بملفاتهم للترشح عن بنغازي المركز وليس بنغازي الكبرى أو عن مدنهم ومناطقهم الأصلية، من أبرزهم علي القطراني وطلال الميهوب وبدر النحيب المعروف بـ"جانا هبوط".
ترشح موالين لعقيلة صالح وللنظام السابق
في مقابل ذلك يعمل في بنغازي مقربون من عقيلة صالح أبرزهم ابن أخته إدريس احفيظة - الذي يقود الضمان الاجتماعي منذ سنوات - يعمل على دعم عدد من المرشحين ممن تقدموا بملفاتهم للمشاركة في الانتخابات البرلمانية ومن بينهم مرشحون من أبناء قبيلة العبيدات.
وإلى جانب هؤلاء جميعا لوحظ أن هناك عددا من أزلام النظام السابق ترشحوا للانتخابات البرلمانية ممثلين لبنغازي رغم عدم وجود جذور عائلية لهم فيها أو علاقات اجتماعية ومن أبرزهم عضو اللجان الثورية عبد الله العثامنة ومحمد شرف الدين الفيتوري المعروف بأنه كان من المقربين من معمر القذافي كما أنه كان مبعوثا خاصا للقذافي إلى عدد من الدول الإفريقية قبل فبراير عام 2011.

بقلم ولد بنغازي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق