الأربعاء، 5 مايو 2021

يجب على السيد رئيس الوزراء تحديد موقف الحكومة من تصريحات وزيرة الخارجية

 


أثارت تصريحات وزيرة الخارجية في حكومة "الوحدة الوطنية" (الحكومة) بشأن "خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا" جدل وردود فعل متباينة في أوساط الشارع الليبي، من مؤيد لها في وسط التيار المؤيد للمتمرد حفتر إلى مندد وناقد لهذه التصريحات في وسط التيار المناهض لعودة الديكتاتورية العسكرية إلى سدة الحكم في ليبيا. لا يعنينا رأي التيار المؤيد لحفتر، فطبيعي أن يؤيدوا موقف الوزيرة من الدعم العسكري التركي الذي تسبب في هزيمة عدوانهم على طرابلس ومحاولة السيطرة عليها. ما يعنينا هو ردة فعل التيار المناهض له ويعنينا أكثر صمت أغلبية من تضرروا بشكل مباشر من عدوان المتمرد.


تركز خطاب أغلب الناقدين، لتصريحات وزيرة الخارجية، في توجيه الخطاب لها والحديث عن "أبجديات الدبلوماسية" وعن "أبجديات السياسة" وتوضيح "دور الدعم التركي في إنقاذ طرابلس بشكل خاص وباقي مدن الغرب الليبي من ويلات اجتياح عصابات ومرتزقة حفتر". الوزيرة تعرف جيدا هذه المسائل ولا تجهلها، وتعرف جيدا ما تقول، فهي ليست وزيرة خارجية ليبيا وإنما هي وزيرة خارجية من جاء بها إلى هذا الموقع. موقفها واضح إذا استحضرنا طبيعة هذه الحكومة، حكومة المحاصصة الجهوية والقبلية، بل والعشائرية، والتي تُسمى زوراً وبهتاناً حكومة "وحدة وطنية". السيد عبد الحميد ادبيبه قالها صراحة "أنا لم أختار وزير واحد" أو "لم اختار إلا وزير واحد"، كل الوزراء جاءوا باختيار أطراف متعددة، كل منهم جاء ليحقق أهداف أو مصالح من جاؤوا به أو بها إلى الوزارة، وربما ليحققوا مصالحهم الخاصة.

 


السيدة وزيرة الخارجية من جاء بها في آخر لحظة بدل من المرشحة الأولى الدكتور لميا أبو سدره؟ بكل تأكيد السيدة ستيفاني ويليامز تعرف من جاء بوزيرة الخارجية، وهي ممكن تؤكد أو تدحض الشائعات بأن من رشح الوزيرة هو حفتر، وإن كان الأرجح لدينا أن من جاء بها أسياد حفتر في أبو ظبي وباريس. أياً كان، لا نتوقع أن يتغير موقف هذه الوزيرة من الاتفاقية الليبية – التركية، ستستمر في موقفها في إحراج أنقرة ومع استمرار صمت الغالبية العظمى من المناهضين لحفتر ستضطر أنقرة للانسحاب من ليبيا. ما الذي يدعوها الى التمسك بالتواجد في ليبيا لحماية من لا يبدو في الظاهر أنه راغب أو حريص على هذا التواجد؟

 

يظن البعض أن تركيا حريصة على استمرار الاتفاقيات الأمنية والعسكرية التي وقعتها مع حكومة الوفاق الوطني، لأنها إذا خسرتها فستخسر حقوقها في ترسيم الحدود البحرية في شرق المتوسط. صحيح أن الاتفاقية الليبية – التركية الخاصة بالحدود البحرية مهمة للغاية بالنسبة لأنقرة للحصول على ترسيم المناطقة الاقتصادية الخالصة في شرق الأوسط، لكنها ليست هي السبيل الوحيد أمام تركيا لترسيم الحدود البحرية. تركيا تسعى لوجود بدائل للاتفاقية الليبية-التركية، وزادت وتيرة مساعيها بعد أن بدأت تفقد الثقة في استمرار الاتفاقية منذ أن أصبحت أيام حكومة الوفاق الوطني معدودة. وها هي تسعى بكل حرص على توقيع اتفاق مع مصر، وقدمت تنازلات في سبيل ذلك.

 

نعم تركيا لديها مصالح تسعى لتأمينها من خلال دعمها للشرعية في طرابلس، ولكن في المقابل لدينا مصالح نطمح لتحقيقها من خلال هذا التعاون، مصالح متبادلة، وفي حالتنا مصيرية، تتعلق بوقف الحرب وسفك الدماء والأرواح. الدعم العسكري التركي لقوات حكومة الوفاق هو الذي أجبر أسياد المتمرد على وقف العدوان. لتكن هذه النقطة واضحة وضوح الشمس في قلب السماء وقت الظهيرة، لا حفتر ولا عقيلة من قبل بوقف العدوان، هم لا يفقهون ذلك ولم يكونوا يدركون حقيقة الموقف العسكري الميداني في الأيام الأخيرة من الحرب على طرابلس، أسيادهم في أبو ظبي والقاهرة وموسكو أمروهم بالقبول بوقف إطلاق النار.

الحرب توقفت منذ شهر يونيو الماضي، قرابة العام، بسبب السيطرة التامة التي حققتها الطائرات التركية المسيرة، مدعومة بأنظمة تشويش متطورة، على سماء المعركة، مما سمح لقوات حكومة الوفاق الوطني أن تتحرك وتقاتل بكل ثقة وتكتسح المحاور في ظرف أيام. مليشيات حفتر هربت من ترهونة دون أي مقاومة، لم يصمدوا يوم في ترهونة بعد أن انسحبوا من وادي الربيع وعين زارة.

 

مسألة أخرى يجب أن تكون واضحة، الذي دفع حلفاء المتمرد بالقبول بالمفاوضات السياسية، الحوار السياسي، ليس لأنهم جنحوا للسلام، جاؤوا الى طاولة المفاوضات مرغمين ومأمورين، لأنه أصبح لدى طرابلس قوة رادعة. إذا تم خروج هذه القوة الرادعة، بالدرجة الأولى القوة الجوية التي حرمت مسيرات وطائرات الامارات من السيطرة على أجواء المعركة، فسيعيدون الكرة ويهاجموا طرابلس. هؤلاء لا أيمان لهم.



يجب على التيار المناهض لعودة الديكتاتورية العسكرية-القبلية للحكم في ليبيا، ديكتاتورية العمالة والفساد، أن يعي جيداً أن الوضع خطير جداً، وكل التنازلات التي تقدمها حكومة المحاصصة الجهوية لن تزيد حلف الشر إلا تمادي. السكوت في وجهة سفاهات السفيه لن تزيده إلا جرأة وصفاقة. يجب على التيار المناهض للديكتاتورية أن يطالب رئيس الحكومة السيد عبد الحميد ادبيبه بتحديد موقفه من تصريحات وزيرة الخارجية ويعلن بشكل صريح أنه يرفض مساواة القوات والخبراء العسكريين الأتراك، الذين جاءوا بموجب اتفاقية بين حكومتين وفقا لميثاق الأمم المتحدة، بالمرتزقة الروس والسودانيين والتشاديين والعسكريين المصريين والفرنسيين والإماراتيين الذين جاءوا متسللين لدعم متمرد طامح في حكم ليبيا.


 المحرر

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق