الأربعاء، 8 يناير 2020

عضو المجلس الانتقالي السابق رمضان خالد : رسالة إلى السيد بوزيد دورده





كنت أسمع بحكمة قيلت في القديم “تسمع بالمعيدي خير من أن تراه” وينسب إلى سقراط أنه قال تكلم لكي أراك، فلو بقيت كما كنت بالصورة التي رسمت لك زيفا في زمن سيدك الذي لم يترك لكم معه مجال للظهور معه فهو عندكم شرذمة اللجان الثورية وحده لاشريك له ولقد ازددت يقينا بأن الله لا يصلح عمل المفسدين لقد ظهر زيفك وما تبطنه من خبث وخديعة. وأنت كمن وصف في هذا القول

“وَتراهُ أصغرَ ما تراهُ ناطقاً،وَيكونُ أكذَبَ ما يكونُ وَيُقْسِمُ”

وأعرفك بنفسي :

أنا المواطن رمضان خالد انتمي إلى المدرسة الوسطية (الإخوان المسلمين) منذ أكثر من 3 عقود، كنت عضوا في المجلس الانتقالي كان معي بعض الإخوان المسلمين، لم تعينهم قيادتهم ولكن الظروف والقدر أتى بهم، ولمعلومك ياسيد بوزيد كلهم رجعوا لأعمالهم السابقة ولم يتقلد أحدهم  وزارة ولا منصبا سياديا ولا حتى ملحقا في سفارة، وخلال فترة المجلس الانتقالي لم يكونوا حريصين على الخروج في مهمات وأكثرهم حظًا خرج في مهمة واحدة على الرغم من كثرة المهمات، والتاريخ يسجل وسيأتي اليوم الذي سيبكي فيه الأحفاد ويذرفون الدموع دما حزنا على مواقف بعض أجدادهم من الإخوان، حيث إن التاريخ لايرحم وتظهر فيه الحقائق وسيندم كل متحامل، ولعلك ترى في الإخوان صمتا مريبا؛ لأن قضية الوطن عندهم أهم من هذه الترهات، وسيأتي اليوم الذي يفيق فيه الجميع وتنجلي فيه الحقائق، والإخوان تيار عريض تجديدي إصلاحي منفتح لا تقيده حدود التنظيم ولا التمسك حتى بالأسماء والشعارات متمسك بالهوية الإسلامية التي تجمع كل الليبيين، قام بسلسلة من المراجعات وأصبح تيارا عريضا يسري في المجتمع مع الناس وفي قلب المجتمع وقلبهم على الوطن. والذي رفع السماء بلا عمد ياسيد بوزيد عمري في الإخوان أكثر من ثلاتة عقود لم أشم رائحة خيانة للوطن من صف الإخوان ولا ارتهانا للخارج ولا التآمر مع الأجنبي من أجل السلطة، ولم يتجرأ أحد أن يملي علينا سياساته في يوم من الأيام، ونحن دائما أحرار وقرارنا في يدنا، والحرية والوطن من أولى أولوياتنا،، لا قطر ولا تركيا ولا حتى المرشد الذي تدّعون أننا نسير بأمره تدخل في شؤوننا الداخلية، فنحن نتتهج العمل المؤسسي وفقا لمبدأ التخصص في إطار القانون ولو حدث شيء من هذا ما بقيت في الإخوان بعدها لحظة واحدة .

وهنا أنتهز الفرصة وأذكرك بزيارة قمت بها لسجن الهضبة سنة 2012 عندما كنت أنت أحد السجناء هناك، سمعنا بوجود خروقات في حق المساجين، بعد أن ذكرت لنا هذا بعض المنظمات الحقوقية حسب ما ورد لهم من أهالي المعتقلين وكان معي زميل آخر قاض، وهو رجل فاضل، جلست معكم وكان في الغرفة من قادة سبتمبر معك، منهم: عبدالرحمن الصيد ، عبدالعاطي العبيدي،محمد الزوي، القعود وغيرهم، ورافقني السجان إلى الغرفة وسألت عن أحوالكم وظروفكم وكنتم ممتنين لحسن المعاملة في السجن، فتدخل السجان بقوله ويبدو أنه كان من سجناء بوسليم قال (في عهدكم ما كان يسمح لنا بزيارة ولا نجد من الأكل ما يروق لنا، ما هي إلا كسرة خبز وحبات أرز في قارورة ماء ولا نحلم لا بثلاجة ولا مذياع، واليوم أنتم عندكم ما لذ وطاب من كل أنواع الأكل والثلاجة والتلفاز وغيرها من وسائل الراحة). أردت أن أتحقق من قوله وأسمع ذلك منكم، فطلبت منه الانصراف حتى تأخذوا راحتكم في الكلام إن كانت لديكم أية شكوى أو تقصير في حقوقكم، فشكرتم المعاملة وسألتكم عن الاهتمام الصحي فمدحتم ذلك، وقلت لكم سأنقل أية شكوى تريدون توصيلها للمسؤولين فقلتم نريد سرعة المحاكمة فقط. وكان لكم ذلك، واذكر أن عبدالرحمن الصيد علق قائلا،(كان عمارة وتهدمت ) ويقصد نظام معمر، لقد كان هذا سنة 2012 والثورة في أوجها ياسيد بوزيد، مع أنكم في المقابل سجنتم من سجنتم وشردتم من شردتم وقتلتم من قتلتم من جماعة الإخوان المسلمين ومن غيرهم ومع هذا لم نفكر يوما بالانتقام ولا حتى بحرمانكم من حقوقكم، وكنتم يومها في أضعف مرحلة تمرون بها.

ياسيد بوزيد الإخوان المسلمون ليسوا كذابين كما ادعيت، ( يقولون الزمان به فساد وهم فسدوا وما فسد الزمان )، تصريحاتك هذه التي فاجأت بها كل من سمع عنك وبها قدمت لفبراير وللأجيال بعدكم خدمة لا تقدر بثمن وفسرت لهم ما عجزنا عن شرحه عن مخلفات حقبة جماهيرية التخلف والاستبداد السوداء التي حكمتم فيها ليبيا، وكنت أبرز رموز وقيادات تلك الحقبة، ظهور يؤكد الجهل بالواقع، والانفصال عن العصر، وثقافة ضحلة مشوهة وتناقض صارخ سلخك حتى من مبادئك الزائفة،

شكرت مليشيات حفتر الذي لم تجف دماء مجزرته لطلبة الكلية العسكرية بعد، وهل تقصد بالجيش محمود الورفلي وإعداماته للمتهمين دون محاكمة في الشوارع، أم جيش شارع الزيت أم مختطفو سرقيوه أم الذين نبشوا القبور ومثلوا بالجثث، عن أي جيش تتحدث، يا سيد بوزيد وأنت تعلم أنه ليس بجيش، ألم يشارك حفتر مع الناتو في ثورة فبراير التي خونتها وخونت من قام بها وهو من أتى من الخارج، ولعلك تقصده عندما قلت إن هناك دولا رفضت تسليم ليبيين عندها، يبدو أنها تعد لشيء ما في ليبيا

“إنَّ النفاقَ حفيرٌ لا تلُوحُ بهِ خُطَى المنافقِ إلَّا يومَ يَرْتَطِمُ”

فحفتر هو من ارتمى في أحضان المخابرات وهذا يعرفه القاصي والداني، يا سيد بوزيد نحن أصحاب حق، مطلبنا الحرية، أوطاننا مقدسة ليست حكرا على أحد، كما تعتقدون أن ليبيا حقكم ولا يحق لغيركم أن يحكمها

هل تعلم يا سيد بوزيد أن الإسلام السياسي يرى أن من قاتل مع قائدكم من أفراد الجيش الليبي لا تترتب عليهم أية مساءلة، بحكم أنهم يتبعون المؤسسة العسكرية ومجبورون على تنفيذ الأوامر؟

هل تعلم يا سيد بوزيد أن الإسلام السياسي هو من عارض العزل السياسي واكتفى بالنزاهة للمؤسسات السيادية؟؟

هل تعلم يا سيد بوزيد أننا مددنا يدنا من البداية للجميع عدا من تلطخت يداه بدماء الليبيين، فالقضاء هو الكفيل به، وخاطبنا الجميع فكان منهم من كان خائفا من التواصل معنا، ومنهم من ظن أننا في موقف ضعف وتنصل، نحن لا نمثل لا ليبيا ولا الليبيين، ولكننا جزء من النسيج الليبي ولسنا معصومين مثلنا مثل غيرنا، وأؤكد لك أن ليس بيننا خائن لوطنه ولا سارق للمال العام ولا متسلط على الآخرين، ولو عندك أي دليل خلاف ذلك فسأنحاز لك في تقديم أي إنسان مدان للعدالة مهما كان انتماؤه أو توجهه فليبيا فوق الجميع وللجميع

يا سيد بوزيد ليبيا لم ولن تقف على رجل واحد ولا فكر واحد، نحن نؤمن بأن الهدف ليبيا والمسارات متعددة والإسلام قاسم مشترك بيننا جميعا

يا سيد بوزيد نسيت أو تناسيت أنك داعم لنظام بائس شرد البلاد والعباد، ألم يدخل الليبيين في حروب لا ناقة لهم بها ولا جمل في أوغندا وتشاد أدّت بأرواح آلاف الليبيين ومنهم من لم يبلغ على موته حتى الساعة!!!!! أنسيت من علقوا في المشانق في الساحات وأنت تعلم براءتهم؟ أنسيت مذبحة بوسليم التي راح ضحيتها 1200 سجين أعزل، أنسيت من قضى في السجون عقودا بمجرد أنه يحمل فكرا، وفي بعض الأحيان محكوم بالبراءة؟؟ أنسيت أو تناسيت أنك تدعم نظاما من ترهاته المرأة تحيض والرجل لا يحيض، والدجاجة تبيض والديك لا يبيض!!! حتى صار الليبيي أضحوكة بين العالم؟؟؟ وهل تركتم ليبيا بلادا يفتخر بها وهي تقع على بحيرة من البترول يضخ من 42 سنة، طيلة حكم قائدك لا تجد فيها طريقا معبدا صالحة للاستعمال، ناهيك عن البنية التحتية المتهالكة والتعليم، والصحة وغيرها، عاش الناس في ضنك من العيش!! أنسيت شهداء الموز؟ أنسيت الجمعيات وأكياس النايلو التي تقذف من بعيد وأنت وحظك!!!! ماذا صنع لكم الشعب الليبي حتى تعاقبوه بهذه الكيفية!!!

وما نحن اليوم فيه ما هو إلا نتاج لتلك المرحلة المشؤومة، حتى اشتهرت مقولة في حق الليبيين: بلد غني وشعب فقير

والله لو كنت مكانك لاستحييت من نفسي وتواريت عن الأنظار؛ بسبب حجم الظلم الذي أوقعتموه على هذا الشعب المسكين

هل ظننت أنك ستخدع الناس عندما تستدل بما يجري الآن من ظروف صعبة تتعلق بمراحل التحول في المنطقة بأسرها ومؤامرات تحاك لمنع ولادة أي أنمودج ديمقراطي؟

نحن نحاول إزالة ركام التخلف التي خلفها نظامكم الغابر البائس

وبالمناسبة لقد ذكرك السيد العكرمي في حلقته بخير ليدٍ لك عليه من باب الوفاء، وهذا يعود لفضله وحسن خلقه، مع أنك كنت تدعم نظاما غيبه في السجن ثلاثة عقود، واليوم تخرج وتكافئه بأن الإسلام السياسي هو السبب في خراب ليبيا.!!!!، وادعيت بهتانا أن الإخوان يتحكمون في السيد السراج وحكومته، السيد فايز السراج هو رئيس المجلس الرئاسي الشرعي والمعترف به دوليا، ونحن نكبر فيه تحمله المسؤولية في هذا الوقت العصيب، وقد نختلف معه أو نتفق وننتقد بحرية أنت لم تشم رائحتها يوما، ونشارك في المؤسسات كمثل باقي الأطياف

أما عن فزاعة الإخوان يا سيد بوزيد فلقد أصبحت مفضوحة؛ لأن الليبيين يعيشونها واقعا ولعلك بعد هذا الغياب الطويل ظننت أن الليبيين كما تركتهم، بالعكس اليوم ليس من السهل أن تنطلي عليهم هذه الأكاذيب، فالوقت والظرف والحرية التي نالوها بعد فبراير كانت كفيلة بفضح كل هذه الأكاذيب وكفيلة بخلق محللين سياسيين ومفكرين والقادم هو الأفضل إن شاء الله. وأما أمانيكم في العودة فهو كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئا

والإخوان أو الإسلاميون شاركوا بنجاح في العمل السياسي ابتداء من تركيا إلى ماليزيا والمغرب وتونس وليبيا، اختارتهم الشعوب وتآمر عليهم أعداء الحرية والديمقراطية، ولكن وعي الشعوب سوف يكشف كل المؤامرات رغم ما يقوم به محور الشر الذي كنتم جزءا منه، وها أنت نراك تتملق له وتحل عندهم ضيفا رخيصا لتختم مسيرتك بالخزي

أنت خرجت بحكم قضائي لم يعارضه الإخوان ولا غيرهم، ولولا نضج ثورة فبراير واحترامها لأحكام القضاء ما كان لك أن تخرج، وبدل أن تشكر نزاهة القضاء والامتنان له، أصبحت تتهمه بأنه مرتهن لدى جماعات خارجة عن القانون!!! فشر البلية ما يضحك

وتحدثت عن قطر وتركيا والتدخلات الخارجية، فلنكن صرحاء ما هي أسباب هذه التدخلات إلا انبطاح بعض الخونة ورهانهم على الخارج ومن بينهم من تطالب الليبيين أن يلتفوا حوله عندما قال نحن مع مصر حتى وإن كانت مصلحة مصر ضد مصلحة ليبيا، وما تفسير هذا إلا العمالة المفضوحة؟؟.

 وأيضا فإنك لم تستطع أن تفرق بين الدعم القطري السياسي وبين التدخل الإماراتي العسكري المفضوح والمعلن، أو بين التدخل المصري اللامحدود من 2014 وبين التدخل التركي مؤخرا بناء على اتفاقيات دفاعية لدفع العدو وليس لغزو إخواننا في الشرق، وكيف غفلت أو تغافلت عن التدخل الفرنسي والمرتزقة الفاغنر الروس والجنجويد، أم أن هؤلاء ليسوا بخطر على ليبيا؛ لأنهم لا يسعون إلى الخلافة كما قال زميلك التكبالي!!!

جاؤوا بك لتمرير بعض الرسائل وكنت أظنك أكبر من أن تستعمل ولكن أبشرك أنهم ضحكوا عليك، فالشعب الليبي ليس كما تركتهم يوم سجنت، بل أصبحوا واعيين أكثر مما تتصور، ولهذا هون على نفسك وتدارك أمرك

ويكفي فبراير فخرا أنها أعطتك الحرية لتخاطب الليبيين عبر التلفاز، الأمر الذي لم تكن تحلم به أيام حكم سيدك

يا سيد بوزيد لم يفاجئني كلامك بقدر ما أوجعني حالك، وهذه سنة الله في خلقه لعل الله علم بخبث سريرتك فابتلاك بالخروج من السجن الذي في ظاهره خير إلا أن تصريحاتك اليوم وأنت جالس في بيتك بين أهلك تجعلك شريكا في كل جريمة قام بها مجرم الحرب حفتر ومن معه، والله إنها لأكبر خسارة لرجل مثلك باع آخرته بدنيا غيره؛ ولعل هذا بسبب الذنب الذي اقترفته بحق الليبيين ولازالوا يعانون الويلات منه، وذلك عندما التقيت بوفد من المعارضة في مصر أيام الثورة واقترحوا أن يترك معمر القذافي السلطة ويسافر حيث يشاء بعائلته حتى لا تتفكك المؤسسات ولا ينتشر السلاح وتحقن الدماء، فقمت غاضبا كعادتك وقلت إن معمر القذافي خط أحمر!! وهذه هي نتيجة إصراركم على خطكم الأحمر وشرككم الذي ترمون به غيركم.

(يَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44)

ولكم مني السلام ، رمضان خالد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رحمك الله صاحبي ورفيقي

  رحمك الله صاحبي ورفيقي وان شطت بنا الديار وباعدتنا الغربة اجسادنا ولم تتفارق قلوبنا يوما... نشأنا مع بعض في نفس المدينة في طبرق وكانت اول ...