الاثنين، 6 يونيو 2022

المراحل الثلاث لسيد قطب - رحمه الله -



( المرحلة الأولى ) : مرحلة ما قبل الالتزام حيث كان متأثراً– كأي طالب علم بأفكار أساتذته؛ مثل طه حسين، وأستاذه عباس محمود العقاد، فهذه المرحلة امتدت إلى سنة (1945) قبل الالتزام بالدعوة والعمل الإسلامي، تقلَّب منها الشهيد [ بإذن الله ] رحمه الله بين حزب الوفد، والسعديين، ومناصرة العقاد وأدبه وفكره؛ وفي هذه المرحلة كتب الشهيد عدة مقالات وأبحاث، يؤخذ عليه كثير مما كتب فيها .

وهذه المرحلة كان الشهيد نفسه يسميها بمرحلة الضياع، فكانت منه بعض الكلمات في حق الصحابيين الجليلين معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص رضي الله عنهما.
( المرحلة الثانية ) : وهي مرحلة التحول إلى العمل الإسلامي، فألف فيها كتابه الأول العدالة الاجتماعية، وذلك سنة (1948)، وفيه: يشعر القارئ أن الشهيد سيداً رحمه الله لا يزال متأثراً قليلاً بأفكار أستاذه العقاد وطه حسين، فصدرت منه كلمات في حق الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وفي هذه المرحلة تصدي للرد على سيدٍ رحمه الله الأستاذ محمود شاكر.

وبيّن سيد رحمه الله في رده على مقالة الأستاذ محمود أنه لا يقصد الطعن في الصحابة رضي الله عنهم، وإنما يريد الدفاع عن الإسلام مما نسب إليه في كتب التاريخ والسير.
( المرحلة الثالثة ) : مرحلة النضج الفكري، الذي انبثق منه الجهاد والبلاء. وهد المرحلة تعتبر الحاكمة على عقل وفكر ونتاج الشهيد رحمه الله وهي الناسخة لحياته السابقة، والتي بدأت أوائل الخمسينات وانتهت به شهيداً على مقصلة الظلم والعدوان. وهذه المرحلة الناسخة، صدر عن الشهيد رحمه الله كتب رائعة منقحة معدَّلة منها:
العدالة الاجتماعية، وهي الطبعة السادسة التي أصدرتها "دار إحياء الكتب العربية"، عام (١٩٦٤)، حذف- رحمه الله- منها ما انتقده عليه الأستاذ محمود شاكر، وعدَّل كثيراً من العبارات، وأضاف أموراً أخرى، اتجهت به إلى موقف عدل من الصحابة رضوان الله عنهم كما في الظلال .
أنقل منها: في سورة النساء الآية (153) قال رحمه الله:
ثم تابع اليهود كيدهم للإسلام وأهله منذ ذلك الزمن، كانوا عناصر أساسية في إثارة الفتنة الكبرى التي قُتل فيها الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، ....
وقال في سورة التوبة الآية (111): ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جد في سفره، وأمر الناس بالجهاز والإسراع، وحض أهل الغنى على النفقة، وحمل المجاهدين الذين لا يجدون ما يركبون، فحمل رجال من أهل الغنى محتسبين عند الله، وكان في مقدمة المنفقين المحتسبين عثمان بن عفان رضي الله عنه، فأنفق نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها.
ثم يدافع الشهيد رحمه الله عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، دفاع العارف لمقامهم، وعلو شأنهم، وبذلهم الخير، فيقول في تفسير قوله تعالى:( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى ) [النجم:33-34] الذي يعجب الله من أمره الغريب، تذكر بعض الروايات أنه فرد معيَّن مقصود، وأنفق قليلاً في سبيل الله، ثم انقطع عن البذل خوفاً من الفقر، ويحدد الزمخشري في تفسيره "الكشاف" شخصه، أنه عثمان بن عفان رضي الله عنه، ويذكر في ذلك قصة؛ لا يسند فيها إلى شيء، ولا يقبلها من يعرف عثمان رضي الله عنه وطبيعته وبذله الكثير الطويل في سبيل الله بلا توقف وبلا حساب كذلك، وعقيدته وتصوره لتبعة العمل وفرديته.
وفي كتابه " هذا الدين" أثنى ثناءً طيباً على معاوية رضي الله عنه، وعمرو بن العاص، وأبي سفيان رضي الله عنهم أجمعين، مما يدلك على أن المرحلة الثالثة هي التي يجب أن يصار إليها في حياة الشهيد الحي بإذن الله.
وأما قول قائلهم : إن ( سيداً ) ينتقص الصحابة، هو خبر منسوخ، إن كان هناك في الأصل التنقيص المزعوم!!
وقال رحمه الله في كتابه "معالم في الطريق ص14" حيث وصف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم (جيلٌ قرآني فريد) فقال:
لقد خرَّجت هذه الدعوة جيلاً من الناس- جيل الصحابة رضوان الله عليهم- جيلاً مميزاً في تاريخ الإسلام كلّه، وفي تاريخ البشرية جميعه، ثم لم تعد تخرج هذا الطراز مرة أخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق