الخميس، 12 يناير 2017

نوري العبيدي : هل نتدارك الأمر قبل أن نكرر الكارثة؟





لم ترعبني أي من مقولات الطاغية او لجانه الثورية وازلامه الا جملة واحدة كنت اخاف منها لانها تحتوي جزء من الحقيقة التي كلنا نحاول ان نغض الطرف عنها او لانعترف بها، وهى مقولة "كلنا معمر القدافي" ...

لم اقتنع يوما ان ماحدث في ليبيا من كوارث ومآسي من فعل او قدرة شخص واحد، بل أن ما أصاب الليبيين من مصاب هو بفعل ليبيين لاغير، بما فيهم الليبي معمر القدافي مهما قيل من اساطير وحكايات حول كون أصوله يهودية، تظل غير منطقية، وهي محاولة عبثية لإظهار ان الليبي معصوم وعرق نقي ولايرتكب الاخطاء...

هذه المسألة بالذات تجعلني اتساءل من هم الذين شنقوا وزحفوا وانتهكوا وعذبوا ونهبوا واغتصبوا؟ ألم يكونوا رجال الامن الخارجي والداخلي والمحلي والشعبي، والحرس الأخضر والثوري والشعبي، والكتائب واللواء ال 32 المعزز، واللجان الشعبية والثورية ولجان التطهير للمطهرين، والشرطة التي لم تكن في خدمة الشعب، والحرس البلدي الذي لم يحرس الا الاقوياء، وكافة الاجهزة القمعية، ألم يكونوا ليبيين؟ ...

وعدد المتطوعين والمؤيدين للطاغية وجرائمه خلال الثورة، والساكنين في بيوت غيرهم غصباً بل حتى تأجيرها وبيعها، بل وصل الامر ببعض منتهيكيها عدم الصلاة فيها لانها لاتجوز ولاتقبل فيها، ومع سكنوها وأقاموا فيها وأنجبوا أطفال فيها وباعوها، ألم يكن كل أولئك ليبيون؟ ...

اين ما ذهبت تجد معمر وطاغية، رغم اني لم افقد الايمان ان قدر كبير من أبناء الشعب الشرفاء لم يتمكن حكم الطاغية من افسادهم عبر 42 من النموذج الفاسد للحكم والحاكم، ولكن في المقابل، عدد الاجهزة القمعية والادارات الفاسدة تبين العدد الكبير من الليبيين الذين تمكن منهم النظام المفسد، ...

لذلك فإن التغيير سيكون صعبا جدا وسيأخد وقتا طويلأ، إن ما أريد قوله انه يجب ان نعترف نحن الليبيون بأنه فينا خلل قديم وخطير، بدأ من اليوم الأول لإنقلاب 69 المشؤوم عندما خرج الشعب باعداد كبيرة هاتفين محيين ومؤيدين قادة الانقلاب المجهولين لدى الشعب الليبي، دون التفكير في عواقب تمكين العسكر من السلطة، صامتين امام خطاب زوارة المشهور في 15 أبريل 1973 بمناسبة المولد النبوي الشريف الذي أعلن فيه القذافي "الثورة الثقافية" وأودع على إثر ذلك الخطاب مئات من خريجي الجامعات والكتاب والإعلاميين والمثقفين السجن لمجرد مناهضتهم لأطروحات القذافي، ...

بعض ممن موجودين الآن ممن كانوا في صفوف المعارضة السابقة او من اعمدة النظام او حتى من الكتاب والمثقفين والاكاديميين شاركوا الدكتاتور الصغير في ذبح زملائهم معنويا وماديا، دون ان ينتبهوا او يفطنوا الى ان الدور سيكون عليهم في مرحلة لاحقة، وبأن آلة القتل التي بدأت تدور في ليبيا ستحصد الجميع ولن تبقي اخضر او يابس الا وتطاله، ...

المصيبة أنهم يحاولون الآن تكرار نفس الكارثة، بالرغم من حداثة التجربة، بالرغم من أنه لم تمضي خمس سنوات على نهاية الديكتاتور الصغير، ها هم يريدون عودته في نسخة جديدة قديمة، شخص من رفاقه في كارثة إنقلاب 69، تجمعت فيه كل صفات الشر والقذارة، لماذا؟ لأننا لا نريد أن نعترف بمسؤوليتنا المشتركة في الجريمة الأولى، لأننا لا نستطيع أن نناقش أمورنا، ماضين وحاضرنا ومستقبلنا، بعقلانية وبدون تشنج وبعيدا عن العاطفة، ...


إن أردنا تفادي تكرار الكارثة، إن أردنا إصلاح حاضرنا لبناء مستقبل أفضل فإن أولى الخطوات في ذاك الإتجاه هي أن نعترف ونواجه حقيقتنا، وأن نناقش مشاكل ليبيا الدولة والوطن والناس بلغة موضوعية وعقلانية ومنطقية، بعيدا عن الارتجالية العاطفية و الخطابات المتشجنة والعنيفة لكي تعبر بنا سفينة التغيير إلى بر الأمان ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق