الأحد، 20 سبتمبر 2015

صلاح الشلوي : القاضى أبي يعلى الفراء الحنبلي والشخصيات الجدلية !!

الظاهر أن الشخصيات الجدلية لم تعكر صفو المناخ السياسي في ليبيا اليوم فقط، بل كانت موجودة منذ القدم، لذلك ورد معالجات لها في مدونات الفكر السياسي القديمة التي تتناول آليات إدارة الدولة وصلاحيات الرؤوساء والوزراء والقضاة وقادة الجيش ومحافظوا المصارف المركزية ووزراء المالية وغيرهم، أبرزها وأشهرها كتاب " الأحكام السلطانية" للقاضي أبي يعلى محمد بن الحسين الفراء الحنبلي المتوفي عام 458 هجري،


وهو كتاب هجين من كتابين من كتب القاضي الأول كان بعنون " الإمامة " ذكر فيه مذاهب المتكلمين وحججهم ووأدلة الحنابلة واجوبتهم عما ذكروه، وكتاب "المعتمد" الذي يكاد يستوعب كل ما ورد في كتاب الإمامة، ثم لخص كل ما ورد في الكتابين في كتابه الاحكام السلطانية. لا يسلم كل كتاب القاضي في الاحكام من نقض ونقد ورجحان غيره عليه، وهي العادة في كل الكتب ولم يسلم حتى موطأ مالك من ذلك على جلاله قدره ومركزه العلمي في انتاج العلماء الفكري.
ليس ما ورد اعلاه هو موضع الوقفه مع الفراء عليه رحمه الله!! بل الوقفه مع معالجته لمسألة الشخصيات الجدلية وكيف تعالج ويتعامل معها للصالح العام.
وقبل أن نمضى لتأمل في كلام الفراء الحنبلي، هناك حاجة لبيان ما هي الشخصية الجدلية.
فهي تلك الشخصية التي لا تلقى قبولا، ويسبب بروزها السياسي في السلطة العامة استفزازا للشارع ويثير رفضا شديدا وحساسية واسعة في المجتمع، مما يحول بينها وبين قدرتها على التنفيذ ويعرقل سير عمل الجهاز البيروقراطي للدولة، وتتعطل بذلك مصالح الناس وحقوقهم.
أما الفراء الحنبلي فقد عالج هذا الموضوع أثناء معالجته لطبيعة مهام وصلاحيات الجهاز التنفيذي للدولة وتقسيماته اللوائحية الشرعية التي حاول أن يسوق لها شواهد وقرائن ودلائل وسوابق سياسية وقضائية من عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وعصر الخلفاء الراشدين من بعده، بغض النظر الآن عن سلامة استشهاداته تلك وخلوها من النقض وربما الفساد وغلبة الوهم احيانا.
الشخصيات الجدلية عند الفراء الحنبلي:
في شروط جمعها من الحوادث والسوابق السياسية في القرون الأربعة السابقة لزمانه وهي تلك الشروط الخاصة بالشخصيات التي يمكن أن تتولى مهام تنفيذية في الدولة بقوله في الشرط الرابع لوزير التنفيذ:
"الرابع: أن يسلم فيما بينه وبين الناس من عداوة وشحناء، لأن العداوة تصد عن التناصف وتمنع من التعاطف" انتهى كلام الفراء الحنبلي.
الشخصيات الجدلية اليوم يجب أن ترفض كي لا تعكر المسار على ما هو هش، لأن تلك الشخصيات ستتسبب في استفزاز الشارع وتزيد من حدة وشدة الاحتقان القائم اليوم.
قد يقول قائل ولكن أي شخصية يمكن أن تكون جدلية، وهذا غير صحيح، وإلا فهذا يعني خلو منصب رئيس الحكومة ويظل شاغرا إلى الأبد، ولكن الشخصيات التي كانت تمثل ايقونات ورموز في النظام البائد هي على رأس قائمة الشخصيات الجدلية مع شخصيات أخرى من الثوار بدون شك تمثل اليوم شخصيات جدلية لا ينبغي أن تقحم وسط هذا المناخ التصالحي الجديد.

حفظ الله ليبيا باحرارها وحرائرها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق