اللاجئون الليبيون وتأثير ذلك على تونس
موقع البنك الدولي
ذكر المنسق الإقليمي للمعرفة والتعلم بمكتب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك الدولي عمر كاراسابان في تعليق نشره موقع البنك الرسمي يوم غرة أبريل الجاري بعنوان:" تأثير اللاجئون الليبيون من الطبقة المتوسطة على تونس" أن هناك 2 مليون ليبي يتواجدون خارج البلاد، معظمهم في تونس، بالإضافة إلى 400 ألف مشرد في الداخل ، علاوة على بقاء المنطقة معرضة للتحركات المفاجئة للسكان، كعودة مئات الآلاف من العاملين المصريين على عجل من ليبيا، أولا عند اندلاع القتال في الصيف الماضي، ثم في أعقاب عملية الإعدام الوحشية التي تعرض لها 21 مصريا.
ويقدر كاراسابان أن هذه التدفقات الكبيرة للسكان تؤدي إلى زعزعة استقرار المجتمعات الهشة، حتى وإن لم يكن المشردون من اللاجئين اليائسين ، الذين يحتاجون إلى المأوى والغذاء والرعاية الصحية الأساسية.
تدفق
وتعيش تونس موجات نزوح الليبيين ، ويبقى من الصعوبة تحديد إجمالي أعدادهم ، نظرا لأن عددا قليلا منهم مسجل كلاجئين، ومعظم اللاجئين الليبيين هم من سكان المدن الذين انتقلوا إلى مدينة تونس والمراكز الحضرية الأخرى؛ أما الأقل ثراء فعادة ما يتواجدون جنوب البلاد، من قابس وحتى رأس الجدير.
وتذهب تقديرات وزارة التجارة التونسية إلى أن إجمالي عدد اللاجئين الذين تستضيفهم البلاد يقدر في حدود مليون لاجئ-ويشكل ذلك 10 % من السكان في تونس، وتشير تقديرات أخرى إلى أعداد أكبر من ذلك تقترب من نحو 1.8 مليون، وتضطر السلطات التونسية في بعض الأحيان إلى إغلاق الحدود بين البلدين بشكل مؤقت للتعامل مع التدفقات المفاجئة، لكنها تظل مفتوحة في معظم الأوقات أمام الليبيين الذين لا يحتاجون إلى تأشيرة دخول إلى تونس، مستفيدين من اتفاقية عام 1973 الموقعة بين البلدين، والتي تسمح لهم من حيث المبدأ بالدخول والعمل وإنشاء المشاريع والحركة في تونس بحرية نسبية.
ويقر الخبير الدولي أن هذا الرقم كبير بدرجة يصعب معها على تونس استيعابه ، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تواجهها حاليا، بيد أن التوتّرات ظلت إلى حد كبير تحت السيطرة، ولا غرابة في أن هناك شكاوى ضد الليبيين الأثرياء وسلوكياتهم، إلا أن معظمها يتعلق بالشباب الليبيين، أما العائلات فعادة ما تحظى بترحيب أكثر حرارة.
صعوبات
ويشتكي التونسيون بالفعل من ارتفاع أجور السكن والضغوط الواقعة على الخدمات، ويتضمن ذلك استخدام الليبيين للمواد المدعومة، بما في ذلك الوقود المستورد أصلا من ليبيا، وفي 4 ديسمبر 2014، طلب وزير الخارجية التونسي منجي حامدي من السلطات الليبية خفض أسعار واردات تونس من النفط الليبي، مشيرا إلى أنه من غير المعقول توقع أن تشتري بلاده النفط الليبي بأسعار السوق كي يقوم الليبيون "باستخدامه بعد أن تدعم الحكومة أسعاره".
ولا يُسمح للأطفال الليبيين بالالتحاق بالمدارس الحكومية، إلا أن المدارس التونسية الخاصة تقبلهم، وكما هو الحال بالنسبة للعراقيين من أهل الحضر في سوريا، إذا استمر هذا الوضع وقتا طويلا، فمن الممكن أن تنفد مدخرات المزيد من العائلات وتعجز عن دفع تكاليف المدارس أو تلبية الضروريات الأخرى، وقد افتتحت الحكومة الليبية مدارس في مدينة تونس، لكن أعدادها مازال قليلا جدا، وتُعد تونس أيضا ملاذا لمن يسعون للحصول على الرعاية الطبية، حيث تمتلئ العيادات الخاصة في مدن مثل صفاقس بالمقاتلين الجرحى والمدنيين، وهنا أيضا، يعجز الليبيون عن تحمل تكاليف العيادات الخاصة ، علاوة على ما يمثله ذلك من عبء كبير يثقل كاهل المرافق الصحية العامة في البلاد.
تفاقم
ويحذر كاراسابان من أن تفاقم الأزمة الليبية منذ العام الماضي قد يعقد الوضع، حيث كانت ليبيا توفر أكثر من 25 %من احتياجات تونس من الوقود بأسعار مدعومة، لكن صادرات النفط الليبية باتت حاليا متقطعة في أحسن الأحوال، وانخفضت إلى نحو 200 ألف برميل يوميا من 1.3 مليون برميل يوميا في عام 2011، وسيؤثر هذا الانخفاض الحاد في نهاية المطاف على دخل الليبيين في تونس، وهناك تكلفة أخرى تتعلق بعودة 100 ألف تونسي يعملون في ليبيا. وتمثل تحويلات التونسيين المالية ما نسبته 0.6 %من إجمالي الناتج المحلي في تونس، وهو ما شكل 276 مليون دولار في عام 2011.
ويثير هذا التدفق أيضا مخاوف أمنية، حيث ما تزال ليبيا مدججة بالسلاح، وتعج بالمتطرفين، بما في ذلك بعض التونسيين، وهناك أيضا توترات حادة داخل المجتمع الليبي نفسه، وقد هددت الحكومة التونسية بترحيل الليبيين المنخرطين في أنشطة سياسية، إذا لم يلتزموا بالقانون ويخطروا السلطات المعنية باجتماعاتهم.
على صعيد آخر، كان لتدفق الليبيين إلى تونس كذلك جانب إيجابي، فقد عاد ذلك بالنفع على الفنادق والمطاعم والمستشفيات الخاصة والمدارس وتجارة التجزئة وشركات التوريد والعاملين بها. ويذهب أحد التقديرات إلى أن الليبيين يضخون سنويا مليار يورو في الاقتصاد التونسي، كما تحولت بعض الاستثمارات الليبية إلى تونس، وإن كان يصعب تحديد الرقم بالضبط، بيد أن الخزانة العامة للدولة واجهت أعباء إضافية في وقت بالغ الصعوبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق